يواصل مهرجان أليغريا بشفشاون، وهو يطفئ هذه السنة شمعته السابعة، رسالته كمنبر لتلاقح موسيقى وغناء العالم، وإبراز أهمية التنوع والحوار من خلال هذين الفنين، ودورهما في صقل وتقوية الترابط والإنسجام بين الأمم. واليوم الثاني من هذه التظاهرة، التي قال عنها مديرها الفني السيد العربي الحارثي أنها تروم الإسهام في الأوراش الكبرى التي تشهدها المملكة، تميز ببرمجة موسيقية فريدة جمعت إيقاعات متأصلة من جذور عربية إفريقية إيبيرية لاتينية، من خلال مجموعات تعاقبت على منصتي "وطا حمام" و"أليغيريا"، وجعلت الشارع الشفشاوني فسحة فنية بامتياز لكل ألوان موسيقى العالم.
وهكذا كان جمهور أليغريا (الفرح) مساء أمس الجمعة على موعد بوطا حمام مع "مجموعة سانتوكا دي فويغو" الإسبانية التي تتمحور أنشطتها، منذ ثمان سنوات، حول جعل الشارع خشبة مسرحية لإمتاع جمهورها بعروض ركحية رائعة في الهواء الطلق تضم ألوانا موسيقية لاتنية متنوعة كالسامبا والريغي إلى جانب اليانسا الأفريقية والكاندومبي من الأوروغواي والفلامينكو الإسباني والإيقاعات العربية المختلفة.
ويقدم أعضاء هذه الفرقة، التي تنتمي إلى حركة "سانتوك" وتضم عازفين على آلات موسيقية من جنسيات مختلفة وممثلين، طرائف من فن الرقص والأنغام والإيقاعات المتأصلة من جذور إفريقية وبرازيلية، ومن أجل تفاعل مباشر مع الجمهور، فإن عروضها تأتي على شكل استعراضات فنية تضم ألوانا وأساليب من خلفيات فنية متنوعة ومتعددة.
وبدورها، كانت الموسيقى الشبابية المغربية المنفتحة حاضرة، مرة أخرى على هذه المنصة، من خلال مجموعة "مازاكان" التي تستلهم فنها من أعماق الفولكلور المغربي، ويتميز أسلوبها الفني بكونه خليط قوي من الأناشيد القروية والأنغام الحضرية المصحوبة بموسيقى الريغي والراغا والشعبي والروك والجاز والروك وغيرها من الألوان الموسيقة.
ويشبه المهتمون بهذا النوع من الطرب موسيقى هذه المجموعة، التي تهدف إلى إعطاء صورة عن شباب مغربي اختار الانفتاح والحداثة مع الحفاظ على تراثه الموسيقي الغني والمتنوع، "بنقطة التقاء عدد من الأساليب الفنية المتنوعة، ومنذ إصدار ألبومها الأول بعنوان "التقليد الذي يتدفق" أواخر 2005 ، وهي تعانق الجمهور المغربي من خلال جولات فنية داخل الوطن وخارجه.
يشار إلى أن مجموعة "مازاكان" حاضرة بقوة في المشهد الموسيقي الوطني بفضل أسلوبها الغنائي الفريد والغني.
وما إن توقف العزف بساحة وطا حمام التاريخية حتى حث الجمهور الخطى نحو منصة أليغريا بساحة محمد السادس حيث كان على موعد مع أمسية فنية اسبانية بامتياز أحيتها كل من مجموعة "بيتوستا مورولا" المكونة من ستة أفراد، والتي قدمت لوحات من موسيقى البوب روك لكن بلمسة إسبانية، وفرقة "أخوس دي بروخوس"، التي تهل موسيقاها من إقاعات المعيش اليومي.
وتتخذ مجموعة "بيتوستا مورولا"، التي تأسست قبل تسع سنوات، من الاستقلالية في الإبداع والحرية محركا لعملها، فمنذ ظهورها وأعضاؤها يعملون على إعادة خلق الجمالية السحرية المباشرة بالاعتماد على طاقتهم وأصواتهم الطبيعية، وعزفهم على آلات الروك الموسيقية التقليدية وبشكل مختلف مما يميزهم عن غيرهم من الموسيقيين في الساحة الفنية الإسبانية.
وخلال هذا السمر الموسيقي الإسباني بامتياز أدت الفرقة، التي تمكنت من تطوير نفسها بضم موسيقيين مرموقين فأصبحت ذات مرجعية في أوروبا وأمريكا، لوحات من موسيقى البوب روك المستوحاة من الموسيقى الأنجلوسكسونية لكن بأغاني باللغة الإسبانية.
واختتم برنامج اليوم الثاني من هذه التظاهرة التي تنظمها جمعية أليغريا الشمالية على مدى ثلاثة أيام، فرقة "أخوس دي بروخوس" القادمة من برشلونة، والتي يتميز إبداعها بنكهة موسيقى الأحياء والأزقة وسحر الحياة اليومية، بالإضافة إلى موسيقى الفلامنغو والجمالية التي تدعو إلى التأثر بالآخر والانفتاح عليه.
وتعمد "فرقة أخوس دي بروخوس" فنيا إلى إعادة إنتاج الإيقاعات والأصوات الآتية من مناطق متنوعة بغية إغناء التراث، فضلا عن كون موسيقى الفلامنغو خاصة المأخوذة عن الشارع تمكنهم من الاندماج في كل ما يقدمه المعيش اليومي في الأزقة والحواري.
واليوم السبت، وهو اليوم الأخير في فعاليات مهرجان اليغريا السابع، سيلتقي رواد المهرجان، فنانا ينحدر من جبل لبنان، قبل دعوة مدينة الجبلين للمشاركة في مهرجانها أليغريا، الفنان العربي مارسيل خليفة مصحوبا بمجموعته، كما سترافقه، وللمرة الأولى، إبنة شفشاون صاحبة الفنانة نزيهة مفتاح.
وقبلهما سيسافر الجمهور مع إقاعات المجموعة النسائية "لوس سييس دياس" من إسبانيا، وابن العاصمة الاقتصادية للمملكة "باري" الذي يخرج أسلوبه الموسيقي عن التقاليد، ثم المجموعة الكوبية "أصير" التي ستغوص بجمهور أليغريا في عوالم سحر موسيقى الريغي.