في جلسة بوح جميل، خلال مهرجان برلين للشعر، قال الشاعر محمد بنيس إن علاقته باللغة العربية هي "علاقة جمالية"، فهو "يعيش اللغة ولا يعيش بها". إن اللغة هي التي تحدد الشعر، بهذا المعني يصبح الشاعر، في نظر بنيس، هو "من يسهر على معنى الكلمات"، ولذلك فهو "مسؤول أكثر مما هو حر"، في اللغة وأيضا في التراث الإنساني الذي يحمله. وتحدث بنيس، في جلسة نظمت مساء أمس حول تجربته الشعرية تحت عنوان "عوالم محمد بنيس"، عن اتصاله الأول، وهو ابن 16 سنة، بالشعر وبالمعنى عبر أبي القاسم الشابي والمتنبي ونيتشه، ثم، في ما بعد اتصاله بمحمد الخمار الكنوني ( 1941- 1991)، أحد رواد القصيدة العربية الحديثة في المغرب. كما تحدث عن الترجمة التي أنجزها للعديد من الشعراء خاصة الفرنسيين كستيفان ملارميه (رمية نرد) وجورج باتاي، وقال إن الترجمة هي "مختبر" الشاعر. وعن موقع الشعر في زمن العولمة، قال بنيس إن "المشكل اليوم هو مشكل الأدب وليس مشكل الشعر" وحده، فالعولمة، في نظره، "زمن صعب بالنسبة للأدب" عموما. ويخصص مهرجان برلين للشعر، دورته الحالية للتعبير الشعري في منطقة البحر الأبيض المتوسط كمهد للحضارات والثقافات المختلفة. وبهذا الخصوص، قال بنيس إنه إذا كانت هناك حيوية في الشعر على المستوى العالمي فهي نتاج ذلك الحوار الثقافي بين مختلف التجارب الإنسانية، واستحضر، في هذا السياق، الشاعر الألماني (غوته) حين التقى بالثقافة العربية الإسلامية وبالشعر العربي والفارسي، وقدم شيئا جديدا ملفتا للغة الألمانية وللثقافة الأوربية والإنسانية (الديوان الشرق الغربي). واعتبر أن الثقافة، وليس السياسة، هي وسيلة التقارب بين الشعوب، وهو ما كانت عليه في الماضي مختلف الحضارات والثقافات حول المتوسط. وأضاف إن عودة بروز فكرة حوض المتوسط تحمل معاني الانفتاح والحرية والإبداع، غير أنه تساءل في الوقت ذاته، في ما يخص حرية الانتقال بين الضفتين، "كيف يمكن أن يكون الحوض المتوسطي حوضا للحوار الثقافي وإحدى الضفتين تمنع الآخر من أن يلتقي بها ؟". وخلص، في هذا السياق، إلى القول "إن ما أتعلمه من الثقافة الغربية يناقض السياسية الغربية"، مضيفا إن "المتخيل ضروري في اللقاء مع الآخر، فإذا تخيلناه معاديا فسيكون كذلك، وإذا تخيلناه ضروريا لحياتنا فسيكون كذلك..". وفي أمسية شعرية بعنوان "عشق مزدوج اللغة،، الشعر المغاربي"، قرأ بنيس إلى جانب شعراء آخرين من المغرب، سهام بوهلال، ومن الجزائر، حرز الله بوزيد وحبيب تنغور، ومن تونس يوسف ارزوقة، نصوصا من أعمالهم الشعرية، كما قرئت نصوص أخرى للشاعر الليبي سالم العوكلي.