جرت العادة أن تنأى الكتابة في مختلف المنابر الوطنية إلى الحديث عن أناس إما لجاه أو لنسب أو لمنصب أو لمكانة، كأن يمجد وزير ما على لسان الحزب الذي يرأسه، أو يوصف مسئول بكلام معسول، أو اهتمام برلماني بفئة تعاني، أو مسيرة فنان لأجل الإنسان. بيد أني في منبر مستقل، ديمقراطي، شعبي، يسعى دائما إلى تسمية الأسماء بمسمياتها، وفضح المتناقضات، وإعطاء المستحقات، قلت أجدني في هذا المنبر- مغرب سكوب- أحيد عن العادة لأكتب عن شخصية تبدو جد بسيطة، لكن تحمل في طياتها كل المعاني الحقة للمواطن الصالح، إنه الحاج احمد، أو المعلم احمد- كما يحب أن يناديه الجميع- صاحب فرن تقليدي بأحد الأحياء الشعبية. ينتمي هذا الرجل إلى جيل الأربعينات أو الثلاثينيات، جيل البركة كما يحلو لي نعته، لعل ما دفعني للكتابة عن المعلم احمد، حياته التي ناهزت 70 أو80 سنة دون شوائب، مزاج مرح، لا ينفعل، متخلق، لا يحيد عن الأخلاق والصواب، كريم لا يرد السائل خالي الوفاض، كل آكل من خبز فرنه، ملتزم، مرب فاضل، أب لتسعة أولاد، وجد عطوف على أحفاده، ملتزم، حريص على أداء الصلوات بالمسجد، كان شديد الحرص على إتقان عمله فاستحق رحمة الله على ذلك، مصداقا للحديث النبوي الشريف: "رحم الله عبدا عمل عملا فأتقنه". فارقنا الحاج احمد في جنازة عظيمة، يكفيك فخرا آلمعلم أن يختارك الله بجواره وأنت ببيته تنتظر إقامة الصلاة. إنا لله وإنا إليه راجعون.