"الشرق الاوسط" الجزائر: بوعلام غمراسة أعلن الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة أمس عزمه إجراء إصلاحات دستورية، دون الكشف عن مضمونها، وهي إشارة إلى تعديل مرتقب للدستور يمنح صلاحيات أوسع للبرلمان، خاصة ما تعلق بالرقابة على أعمال الحكومة. في غضون ذلك، منعت قوات الأمن أمس أنصار «التغيير» من تنظيم مسيرة مجددا. وقال الرئيس بوتفليقة أمس في خطاب بمناسبة «عيد النصر» (الذكرى ال49 لوقف إطلاق النار بين مجاهدي حرب التحرير والحكومة الفرنسية الاستعمارية)، إن قرار رفع حالة الطوارئ الذي دخل حيز التنفيذ في 24 من الشهر الماضي، «خطوة جديدة يخطوها الوطن في اتجاه إزالة كل الآثار الناجمة عن سنوات المحنة والابتلاء»، في إشارة إلى سنوات الإرهاب التي خلفت آلاف الضحايا وخسائر مادية كبيرة. وأفاد بوتفليقة في الخطاب، الذي قرأه أحد مستشاريه على مشاركين في مؤتمر حول «عيد النصر» بغرب البلاد، بأن رفع حالة الطوارئ، «صفحة جديدة على صعيد المضي في الإصلاحات الشاملة، التي لا يكتمل عودها ولا يستقيم قوامها إلا إذا أخذت الإصلاحات السياسية نصيبها من الرعاية والاهتمام، والتي يكون فيها البناء المادي الذي يجري إنجازه على قدم وساق صنوا للبناء السياسي، الهادفان كلاهما إلى بناء وطن قوي ودولة قوية بمواطنين أقوياء». وتعهد بوتفليقة ب«تجذير وتعميق التعددية السياسية والإعلامية والبرلمانية، بكل ما تستدعيه تحديات الواقع والمستقبل من أجل تمتين دعائم الأمن والاستقرار والنهوض بالرقي الاجتماعي والاقتصادي، وما إلى ذلك من مجالات التنمية». ونقلت صحف القطاع الخاص في الأيام الأخيرة، أن الرئيس طلب من رئيسي غرفتي البرلمان عبد القادر بن صالح وعبد العزيز زياري، والوزير الأول أحمد أويحيى، ووزير الدولة ممثله الشخصي عبد العزيز بلخادم، ورئيس «المجلس الدستوري» بوعلام بسايح، تحضير مقترحات تتعلق بتعديل دستوري محتمل يعطى فيه للبرلمان سلطات أوسع. وكتبت الصحف أيضا أن الرئيس قد يحل البرلمان ويعوضه ب«مجلس تأسيسي مؤقت»، كما تحدثت عن إقالة الحكومة. وتم إدراج هذه الخطوات المرتقبة في إطار رياح التغيير التي هبت على تونس ومصر، وتهب حاليا على الكثير من البلدان. وقال بلخادم الخميس الماضي لصحافيين، إن الرئيس «سيعلن بنفسه عن إصلاحات إذا كانت هناك إصلاحات». وقالت صحيفة «لوسوار دالجيري» أمس، إن الرئيس عقد ستة اجتماعات مع المسؤولين الخمسة. وذكر بوتفليقة في خطابه أن «موضوع التغيير والإصلاح واحد من المقومات الأساسية، التي بنيت عليها البرامج المختلفة التي يجري تنفيذها منذ ما يزيد على العقد من الزمن». وأضاف: «ولم تكن البرامج الخماسية (الاقتصادية) المتعاقبة التي اشتملت على الإصلاح الإداري والقضائي والمالية، وغيرها من المجالات سوى مقدمة لمضمون الإصلاح الشامل الذي يصبو إلى تغيير وجه الجزائر في جميع المجالات». ويستجيب مضمون خطاب الرئيس، بحسب مراقبين، لجزء من مطالب قوى المعارضة في المجتمع المطالبة بالتغيير. ومن أهم تلك المطالب، رفع الحظر عن إنشاء الأحزاب والنقابات وفتح الإعلام السمعي والبصري أمام القطاع الخاص، وتمكين الجزائريين من اختيار رئيسهم وممثليهم بالبرلمان والمجالس المنتخبة «عن طريق تنظيم انتخابات حرة ونزيهة». ومنعت قوات الأمن أمس مجددا، أنصار «التنسيقية الوطنية للديمقراطية والتغيير» من تنظيم مسيرة بالعاصمة. ولكن سمحت لهم بتنظيم مظاهرات في ولايات بمنطقة القبائل بالشرق، هي تيزي وزو والبويرة وبجاية. ولوحظ عدد قليل من أنصار «التنسيقية» بالعاصمة، إذ لم تجد قوات الأمن، صعوبة في منعهم من مغادرة «ساحة أول مايو» التي اعتصموا بها.