"الشرق الاوسط" الجزائر: بوعلام غمراسة تتواصل في الجزائر عملية شد الحبل بين السلطة والمعارضة في أفق اقتراب موعد تنظيم «مسيرة التغيير» يوم السبت القادم. وقال أحد الداعين إلى المسيرة المرتقبة بالجزائر العاصمة، إن رفاقه مصممون على تنظيم المظاهرة رغم قرار السلطات بمنعها. وفشلت المعارضة في لملمة صفوفها المشتتة بمناسبة هذه المسيرة التي أثبتت أن الأحزاب الموجودة خارج السلطة عاجزة عن حشد الجزائريين، وعن طرح بديل للنظام القائم. وأفاد المحامي مصطفى بوشاشي، رئيس «الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان»، في اتصال هاتفي مع «الشرق الأوسط»، بأن «تنسيقية التغيير والديمقراطية» (تنظيم غير معتمد)، اجتمعت أمس لبحث مقترح تلقته من السلطات يتعلق بتحويل المسيرة المنتظرة في الشارع إلى تجمع بإحدى القاعات الكبيرة بالعاصمة. وقال إن إجماعا حصل على تنظيم المسيرة كما تم الاتفاق عليه مسبقا، وستنطلق من «ساحة أول مايو» إلى «ساحة الشهداء». ويفصل بين الموقعين مسافة 4 كيلومترات. وأصدرت محافظة الجزائر العاصمة أول من أمس بيانا ذكرت فيه أنها رفضت طلب مجموعة من الأشخاص الترخيص لمظاهرات بالعاصمة يوم 12 فبراير (شباط) الحالي، دون تقديم مبررات. وقالت إنها اقترحت على الداعين إلى المظاهرة، تحويلها إلى تجمع بإحدى القاعات المغلقة بالعاصمة، ذكرت من بينها «القاعة البيضاوية» بالمركب الرياضي الأولمبي بأعالي العاصمة، التي قالت إنها تتسع ل10 آلاف شخص. وجاء في البيان أن المسيرات بالعاصمة ممنوعة. وأعلن الرئيس عبد العزيز بوتفليقة الأسبوع الماضي، أن القاعات الكبيرة ستمنح للأحزاب مجانا إذا أرادت عقد تجمعات. وأفاد مصدر من «تنسيقية التغيير» بأن نقاشا احتدم في اجتماع أمس، بين فريق مصمم على المظاهرة في الشارع، وفريق آخر يفضل تفادي الصدام مع قوات الأمن، التي ستنتشر بكثافة في كل أرجاء العاصمة لمنع المسيرة. وقال المصدر ذاته إن رئيس الوزراء الأسبق أحمد بن بيتور، أعرب عن رغبته في المشاركة في المسيرة، فضلا عن مشاركة وزراء سابقين انشقوا عن أحزاب تدور في فلك الرئيس بوتفليقة، وتحديدا «التجمع الوطني الديمقراطي» الذي يقوده الوزير الأول (رئيس الوزراء)، أحمد أويحيى، و«جبهة التحرير الوطني» الذي يقوده وزير الدولة عبد العزيز بلخادم. كما سيشارك فيها قياديون من «حركة مجتمع السلم» الإسلامية المشاركة في الائتلاف الحكومي المساند لسياسة الرئيس. وتواجه «مسيرة التغيير» معارضة شديدة من قطاع من الصحف، وتتجاهلها بشكل كامل وسائل الإعلام المملوكة للدولة، بينما تلقى مساندة قوية من جرائد خاصة محسوبة على المعارضة. وذكر مصدر حكومي ل«الشرق الأوسط»، أن مدير الأمن الوطني اللواء عبد الغني هامل، أعطى تعليمات صارمة بالتصدي لأي محاولة للتجمهر بالساحات العمومية. وبنفس الصرامة أمر بعدم «الرد على أي استفزاز» حتى لا يلجأ رجال الأمن إلى استعمال القوة مع المتظاهرين المفترضين. ويحضر لهذه المظاهرة حزب «التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية»، الذي منعته قوات الأمن من تنظيم مسيرة يوم 22 يناير (كانون الثاني) الماضي، و«الحزب الاشتراكي للعمال» اليساري، و«الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان»، ونقابات غير معتمدة وشخصيات محسوبة على المعارضة. وأخفقت هذه التنظيمات والشخصيات في إقناع «جبهة القوى الاشتراكية»، التي تعد أقدم حزب معارض، بالمشاركة في المسعى. وقال كريم طابو، الأمين الأول ل«جبهة القوى الاشتراكية»، ل«الشرق الأوسط»، إنه يرفض المشاركة ل«تنفيذ أجندة أعدتها السلطة تريد من خلالها أن تجرنا إلى فخ نصبته لنا»، مشيرا إلى أن «الخروج للشارع لن يأتي بالتغيير، فنحن اخترنا عقد تجمعات شعبية بالقاعات المغلقة لنشرح للمواطنين المخاطر التي تواجهها البلاد، وهي أفضل طريق لتحضيرهم لمسيرات في المستقبل لتغيير هذا النظام». وأضاف طابو أنه «لا يرى نفسه في عمل مشترك مع حزب (التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية)»، غريمه التقليدي ومنافسه القوي على أصوات الناخبين بمنطقة القبائل (شرق البلاد).