تعهد رئيس الوزراء التونسي محمد الغنوشي مساء الجمعة التخلي عن كل نشاط سياسي بعد الفترة الانتقالية التي تنتهي مع اجراء اول انتخابات ديموقراطية في تونس منذ استقلالها في 1956. وقال الغنوشي خلال هذه المقابلة المسجلة التي بثها التلفزيون "ما اتعهد به هو اني ساغادر كل نشاط سياسي (..) مسؤوليتي وقتية حتى يتم تواصل الدولة ولننقذ البلاد من الفوضى ولترجع للبلاد مكانتها" مشيرا في هذا السياق الى ان "هناك الكثير من الشباب ومن الكفاءات القادرة على اخذ المشعل". كما اعلن انه سيتم العمل مع الجميع لالغاء القوانين غير الديموقراطية التي كانت موضع انتقادات واسعة في الداخل والخارج. واوضح في هذا السياق ان عملية الاصلاح التي بدات "ستضم كل الاطراف في الحكومة او خارج الحكومة, احزاب معترف بها او غير معترف بها ومؤسسات المجتمع المدني, هذه المكونات ستكون عليها مسؤولية كبيرة لانها ستقترح الاصلاحات السياسية حتى يقع الغاء كافة القوانين غير الديموقراطية كقانون الصحافة والمجلة الانتخابية والقانون ضد الارهاب الذي استعملت بعض فصوله في غير محلها". واكد ان الغاية من هذه الاجراءات ان "نخلق الارضية الكفيلة بجعل الانتخابات القادمة" التي لم يحدد تاريخها, "اول انتخابات مبنية على الشفافية والنزاهة منذ الاستقلال". واشار الى انه بامكان التونسيين ان يضربوا "موعدا مع التاريخ" ودعا جميع الاطراف الى "مصالحة مع تاريخ تونس". وتعهد الغنوشي ايضا للتونسيين في المقابلة التي اجراها في مقر الحكومة بالعاصمة مع صحافيين تونسيين مستقلين اثنين, انه لن يتم المساس بمكاسب تونس الاجتماعية والحداثية وبينها خصوصا قانون حرية المرأة الذي يحظر تعدد الزوجات, وقانونا مجانية التعليم والصحة. وقال في هذا الصدد "هناك مكاسب لا يمكن لاي شخص ان يلغيها مثل (مجانية) التعليم والصحة وحرية المراة وقوانين المراة وما يتعلق بالحداثة والانفتاح لانها دخلت في عروقنا واصبحت جزءا من شخصيتنا". واكد الغنوشي الذي عمل منذ 1999 رئيس وزراء النظام السابق, انه كان "خائفا مثل كل التونسيين" في عهد الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي الذي فر قبل اسبوع من البلاد بفعل انتفاضة شعبية لا سابق لها. وقال ردا على سؤال هل كنت تشعر انك كنت رهينة مثل باقي التونسيين في عهد بن علي؟ "انا (كنت) اعيش مثل التونسيين وافكر مثل التونسيين وخائف مثل التونسيين". واشار في المقابلة التي غلبه التاثر خلالها ثلاث مرات حتى كاد يبكي, الى انه كان يضع باستمرار في ركن من مكتبه اوراقه الشخصية مستعدا للرحيل من السلطة. وكشف انه كان يهتم فقط بتنسيق عمل الحكومة في المسائل "ذات الطابع الاقتصادي والاجتماعي وغير معني بالوزارات ذات الطابع السيادي وحتى بالجمارك واملاك الدولة" وان المسائل السياسية والحساسة كانت تدار من القصر الرئاسي. وحول الوضع الامني في البلاد اكد رئيس الوزراء التونسي انه "تم توقيف كل الاشخاص الذين قاموا بعمليات فساد خطيرة وهم بين ايدي العدالة". كما اعلن انه سيتم في الايام القادمة ارسال مبعوثين الى الدول "الشقيقة والصديقة" لاطلاعها على تطورات الوضع في تونس.