أعلنت «جبهة التحرير الوطني»، حزب الغالبية في الجزائر، إحالة مجموعة من كبار قيادات الحزب، بينها وزيران حاليان وآخران سابقان، على «لجنة الانضباط والتأديب»، بعد انتقادهم «انحراف» الحزب تحت قيادة أمينه العام عبد العزيز بلخادم، الممثل الشخصي للرئيس عبد العزيز بوتفليقة. وقال المكتب السياسي للجبهة في بيان وقعه بلخادم، إن وزير التعليم والتدريب المهني الهادي الخالدي والوزير المكلف شؤون البرلمان محمود خوذري ووزير النقل السابق صالح قوجيل ووزير السياحة السابق محمد الصغير قارة ونواباً في البرلمان ممن ساندوهم، سيحالون على لجنة الانضباط والتأديب التي ستنظر في إمكانية طردهم. وأكد أن هؤلاء «ارتكبوا مخالفات تعد خرقاً للنصوص القانونية للحزب»، بإعلانهم «التمرد» على الأمين العام. وتشير هذه الخطوة إلى أن بلخادم قرر نقل المواجهة مع منتقديه التي بدأت عبر تصريحات في وسائل الإعلام إلى مؤسسات «جبهة التحرير»، ما يهدد بتفاقم الأزمة الداخلية في الجبهة التي يترأسها شرفياً الرئيس الجزائري. ويسعى الأمين العام بهذا القرار إلى «قطع رأس التمرد» من البداية وإبراز صرامته وقدرته على فرض الانضباط. ويُخشى أن تنسحب خلافات بلخادم مع الوزيرين الخالدي وخوذري، على انسجام الفريق الحكومي، خصوصاً مع كون كثيرين من قيادات الجهاز التنفيذي من مؤيدي بلخادم، ما يعرض حكومة التحالف الرئاسي إلى انهيار وشيك قد يقوض قدرة بوتفليقة أمام خصوم سياسيين أو داخل البرلمان الذي تستحوذ الجبهة على غالبية المقاعد فيه. لكن الخالدي يؤكد أن مجموعته «لا تريد تصعيد الموقف بالذهاب إلى القضاء أو الدعوة إلى مؤتمر استثنائي، لكنها تطالب الأمين العام بتطبيق ما ينص عليه القانون الأساس المصادق عليه في المؤتمر السابق الذي يتضمن شروط عضوية اللجنة المركزية». وأشار إلى أن «أكثر من 40 عضواً في اللجنة المركزية لا تتوافر فيهم شروط العضوية»، أي نحو 15 في المئة من أعضاء اللجنة القيادية للجبهة. وتخدم هذه الأزمة العميقة في «جبهة التحرير الوطني» منافسها الأول حزب «التجمع الوطني الديموقراطي» الذي يقوده الوزير الأول أحمد أويحيى، خصوصاً مع اقتراب التحضيرات للانتخابات التشريعية والمحلية المقررة في العام 2012. وكانت الجبهة واجهت أزمة حادة في العام 2003 بعد انسحاب عدد من الوزراء من الحكومة استجابة لطلب الأمين العام السابق علي بن فليس الذي كان مرشحاً منافساً لبوتفليقة في انتخابات الرئاسة في نيسان (أبريل) 2004. ولا تشمل قائمة «المغضوب عليهم» فقط الوزراء والنواب الذين أعلنوا انشقاقهم عن قيادة الحزب وشكلوا حركة تقويمية موازية، بل تمتد إلى المحافظين وأعضاء اللجنة المركزية الذين احتجزتهم وزارة الداخلية بسبب وقوعهم تحت طائلة المتابعات القضائية أو دينوا من قبل العدالة في قضايا فساد أو قضايا تمس بالشرف. وقال بيان المكتب السياسي إن لجنة الانضباط مدعوة إلى «معاقبة كل من ثبتت إدانته» طبقاً للأحكام الواردة في القانون الأساس والنظام الداخلي للحزب، بموجب تهم مثل «الإساءة إلى سمعة الحزب أو مناضليه»، أو «الانحراف السياسي» أو «مخالفة قواعد العمل الحزبي والطعن في قرارات الهيئات والقيادات خارج الأطر النظامية للحزب». وقررت اللجنة استدعاء الوزيرين الخالدي وخوذري بصفتهما الحزبية، إضافة إلى الوزيرين السابقين فوجيل وقارة والمكلف السابق بالاتصال في الحزب سعيد بوحجة، للمثول أمام اللجنة خلال الأسبوعين المقبلين لمساءلتهم عن «خرقهم قوانين الحزب»، قبل انعقاد دورة اللجنة المركزية المقررة في كانون الأول (ديسمبر) المقبل.