يعقد حزب جبهة التحرير الوطني (تحالف رئاسي) في الجزائر مؤتمره التاسع العادي اليوم الجمعة بالعاصمة الجزائرية وسط توقعات ببقاء عبد العزيز بلخادم، الممثل الشخصي للرئيس عبد العزيز بوتفليقة، أمينا عاما للحزب خلال 5 سنوات أخرى، إذ لم يعبر أحد من قيادات الحزب عن نيته في الترشح لمنصب الأمين العام. ونجح بلخادم قبل أسابيع من انعقاد المؤتمر في تحييد خصومه، خاصة أولئك الذين يوصفون ب'البنفليسيين'، أي المحسوبين على الأمين العام السابق علي بن فليس، الذي ترشح ضد الرئيس بوتفليقة في انتخابات الرئاسة التي جر ت عام 2004، وكانت السبب في ظهور 'حركة تصحيحية' داخل الحزب آل إليها تسييره بعد خسارة بن فليس في الانتخابات. وظلت القيادة الجديدة التي انتخبت في المؤتمر الذي وصف بالجامع وعقد في بداية 2005 تعاني من انقسامات داخل صفوف الحزب، خاصة وأن أنصار الأمين العام السابق ظلوا يشتكون من تعرضهم للانتقام بالتهميش والإبعاد بسبب مواقفهم من الانتخابات الرئاسية التي قسمت الجبهة إلى تيارين متصارعين، وتزداد حدة الانقسامات مع اقتراب كل موعد انتخابي. ولجأ بلخادم إلى احتواء خصومه لما عجز عن إسكات انتقاداتهم، وفتح لهم أبواب الانضمام إلى الهيئات القيادية، الأمر الذي كان كفيلا بوضع حد لانتقاداتهم، ووقف محاولاتهم عقد مؤتمرات موازية من أجل إفراغ المؤتمر التاسع من محتواه. ومن جهة أخرى يعقد المؤتمر التاسع دون رهانات حقيقية، فلا يوجد أي انتخابات في الأفق، وأول موعد سيكون مع الانتخابات البرلمانية والمحلية عام 2012. غير أن الجدل الذي أثاره مشروع قانون تجريم الاستعمار الفرنسي سيلقي بظلاله على أشغال المؤتمر، على اعتبار أن نواب الجبهة هم الذين اقترحوه، وهو ما أعطى بأن المشروع حظي بموافقة السلطات العليا، غير أن موقف الوزير أحمد أويحيى الذي يتزعم التجمع الوطني الديمقراطي (غريم الجبهة) الرافض للمبادرة، ووصفه لها بالمزايدة السياسية،وكذا مهاجمته لأصحابها واصفا إياه بتجار الوطنية وضع قيادة الجبهة في ورطة حقيقية. وفي المقابل ذكرت مصادر من قيادة الحزب أن القيادة التي سيتم انتخابها ستقترح مجددا الرئيس عبد العزيز بوتفليقة كرئيس للحزب، تماما مثلما كان عليه الحال في مؤتمر عام 2005، حتى وإن كانت هذه النقطة قد أثارت جدلا، ففيما رأت أحزاب التحالف الرئاسي الأخرى أن رئاسة بوتفليقة للجبهة فعلية، كان بلخادم يصر على أنها رئاسة فعلية، وإن لم يصدر عن الرئيس بوتفليقة ما يؤكد هذا الكلام. يعتبر حزب جبهة التحرير الوطني عميد الأحزاب السياسية في الجزائر، ويعتبر سليل جبهة التحرير التي قادت الثورة ضد الاستعمار الفرنسي، وكانت الجبهة هي الحزب الواحد الحاكم، التي يخرج الرؤساء من رحمها وذلك إلى غاية 1989 عند إقرار التعددية الحزبية، إلا أن جبهة التحرير ظلت دائما قريبة من السلطة ولا تستطيع تصور نفسها في المعارضة، وكلتا المحاولتين اللتين قام بهما الأمينان العامان السابقان عبد الحميد مهري وعلي بن فليس للاستقلال بالرأي ولو جزئيا، باءتا بالفشل.