المغرب يدين أكاذيب الجزائر بمجلس الأمن    البرلمان الكولومبي يجدد دعمه للوحدة الترابية للمملكة المغربية    استعادة التيار الكهربائي تنهي ساعات من العزلة والصمت في البرتغال    الأوقاف تحذر المواطنين من إعلانات متداولة بشأن تأشيرة الحج    البطولة.. أربعة فرق تحاول تجنب خوض مباراتي السد وفريقان يصارعان من أجل البقاء    عملية جراحية تنهي موسم روديغر مع الريال    الطالبي العلمي: لم نعد نقبل الفقر في المغرب وبرامج الحكومة ستغير بنية المجتمع    الوداد يوضح رسميا بشأن وضع موكوينا ويؤجل فسخ عقده إلى نهاية الموسم    بورصة البيضاء تستهل تداولاتها على وقع الانخفاض    "كان" الشباب.. المنتخب الوطني المغربي يواصل تحضيراته استعدادا لمواجهة كينيا بعد غد الخميس    أرسنال يستضيف باريس سان جرمان في أولى مواجهتي نصف نهائي دوري أبطال أوروبا    الحسيمة: إطلاق حملة واسعة لتحرير الملك العام استعدادًا لموسم الصيف    مهرجان كان السينمائي.. لجنة تحكيم دولية برئاسة جولييت بينوش وعضوية ليلى سليماني    مؤسسة المقريزي تسدل الستار على الأسبوع الثقافي الرابع تحت شعار: "مواطنة تراث إبداع وتميّز"    شباب خنيفرة يسقط "الكوكب" ويحيي الصراع على الصعود    المكتب الوطني للمطارات يعلن عن عودة الوضع إلى طبيعته في كافة مطارات المملكة    لقاء علمي بجامعة القاضي عياض بمراكش حول تاريخ النقود الموريتانية القديمة    عودة حمزة مون بيبي : فضيحة نصب تطيح بمؤثر شهير في بث مباشر وهمي    بعد انقطاع كهربائي غير مسبوق.. هكذا ساعد المغرب إسبانيا على الخروج من "الظلام"    التيار الكهربائي يعود بشكل شبه تام في إسبانيا والبرتغال    وزير التعليم يربط تفشي العنف المدرسي بالضغط النفسي    مراكش: تفاصيل توقيف أستاذ جامعي يشتغل سائق طاكسي أجرة بدون ترخيص    "الجمعية" تحذر من انفلات صحي واجتماعي بالفقيه بن صالح    كيوسك الثلاثاء | بنعلي تعلن قرب تحقيق الأهداف الطاقية قبل أربع سنوات من الموعد المحدد    منظمة العفو الدولية: "العالم يشاهد عبر شاشاته إبادة جماعية مباشرة في غزة"    اختتام مشاركة وزارة العدل بالمعرض الدولي للنشر والكتاب في نسخته الثلاثين    الصين: تسليط الضوء على دور القطاع البنكي في تعزيز العلاقات الاقتصادية بين الصين والمغرب    السايح مدرب المنتخب النسوي للفوتسال: "التأهل للنهائي إنجاز تاريخي ونعدكم بالتتويج بلقب الكان.. والفضل يعود لهشام الدكيك"    لبؤات القاعة يبلغن النهائي على حساب أنغولا ويتأهلن للمونديال    طقس الثلاثاء .. أجواء حارة في عدد من المدن    تمارة.. اعتقال أب وابنه متورطين في النصب والاحتيال بطريقة "السماوي    وهبي: تعديل القانون الجنائي سيشدد العقوبات على حيازة الأسلحة البيضاء    كندا.. الحزب الليبرالي يتجه نحو ولاية جديدة بعد فوزه في الانتخابات التشريعية    فاطمة الزهراء المنصوري: عدد الطلبات الاستفادة من الدعم المباشر بلغ 128 ألف و528    إذاعة فرنسية: المغرب يؤكد ريادته الإفريقية مع تمديد الخط السككي فائق السرعة    انقطاع كهربائي واسع في إسبانيا والبرتغال يربك خدمات الإنترنت في المغرب    الصين: الحكومات المحلية تصدر سندات بحوالي 172 مليار دولار في الربع الأول    الصين تتوقع زيادة بنسبة 27 في المائة في السفر عبر الحدود خلال عطلة عيد العمال    التيار الكهربائي يعود إلى معظم مناطق إسبانيا    جسر جوي جديد بين تشنغدو ودبي.. دفعة قوية لحركة التجارة العالمية    حصاد وفير في مشروع تطوير الأرز الهجين بجيهانغا في بوروندي بدعم صيني    لماذا يستحق أخنوش ولاية ثانية على رأس الحكومة المغربية؟    سانشيز يشيد بتعاون المغرب لإعادة الكهرباء    البوليساريو تنهار… وتصنيفها حركة ارهابية هو لها رصاصة رحمة    حصيلة الدورة 30 للمعرض الدولي للنشر والكتاب    ‪بنسعيد يشارك في قمة أبوظبي ‬    منظمة الصحة العالمية: التلقيح ينقذ 1.8 مليون شخص بإفريقيا في عام واحد    أزيد من 403 آلاف زائر… معرض الكتاب بالرباط يختتم دورته الثلاثين بنجاح لافت    دراسة: متلازمة التمثيل الغذائي ترفع خطر الإصابة بالخرف المبكر    بريطانيا .. آلاف الوفيات سنويا مرتبطة بتناول الأغذية فائقة المعالجة    اختيار نوع الولادة: حرية قرار أم ضغوط مخفية؟    العرائش: عزفٌ جنائزي على أوتار الخراب !    التدين المزيف: حين يتحول الإيمان إلى سلعة    منصف السلاوي خبير اللقاحات يقدم سيرته بمعرض الكتاب: علينا أن نستعد للحروب ضد الأوبئة    مصل يقتل ب40 طعنة على يد آخر قبيل صلاة الجمعة بفرنسا    كردية أشجع من دول عربية 3من3    وداعًا الأستاذ محمد الأشرافي إلى الأبد    قصة الخطاب القرآني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عبد الباري عطوان – "القدس العربي": قنبلة الخطيب تفجر المشهد السوري
نشر في مغارب كم يوم 31 - 01 - 2013

فجّر الشيخ معاذ الخطيب رئيس الائتلاف الوطني السوري قنبلة سياسية من العيار الثقيل يوم امس عندما اعرب عن استعداده للحوار مع ممثلين عن نظام الرئيس بشار الاسد، في اسطنبول او القاهرة او تونس، لحقن دماء الشعب السوري.
الشيخ الخطيب اشترط تحقيق امرين ليس من بينهما رحيل الرئيس الاسد، الاول الافراج عن 160 الف معتقل في سجون النظام، وتمديد او تجديد جوازات سفر السوريين الموجودين في الخارج لمدة عامين على الأقل.
مبادرة الخطيب هذه قوبلت بمعارضة شرسة من المجلس الوطني السوري المنضوي تحت الائتلاف الذي يتزعمه السيد الخطيب، الذي قال متحدث باسمه انها آراء شخصية لا تعبر عن الائتلاف، وتتناقض مع وثيقة الدوحة المؤسسة له التي تنص على رفض قاطع للتفاوض مع النظام، والإصرار على رحيله بكل رموزه، واتهمته فصائل معارضة سورية اخرى بالخيانة العظمى، الأمر الذي دفعه الى الرّد بالقول انه يتعرض لارهاب فكري، وقال ان هناك من يريد ان يستمع الى مثل هذه الافكار رغم إنكار البعض.
اتهامات التخوين ليست جديدة على قاموس المعارضة السورية، بل هي جزء اساسي منه، يطلقها البعض على كل من يختلف معه بالرأي، وغالبا ما تأتي ملحقة باتهامات العمالة للنظام، وها هو الشيخ الخطيب يتحول من بطل تزكّيه الاغلبية الساحقة لقيادة الائتلاف الى شريك للنظام في جرائمه ومجازره.
الشيخ الخطيب لم يطرح هذه المبادرة عن جهل او غباء، وانما بناء على معطيات وحقائق تعرّف عليها اثناء اجتماعه في لندن تحت مظلة الحكومة البريطانية، تحت عنوان تشكيل حكومة وطنية بديلة للنظام قبل اسبوعين، ومشاركته في اجتماع اصدقاء سورية في باريس قبل يومين، واستمع فيه الى آراء الضيوف والمضيفين، وهي آراء جاءت مخيبة لآماله خاصة حول مسألة تسليح المعارضة بأسلحة حديثة.
' ' '
هناك عدة اسباب دفعت الشيخ الخطيب الى التقدم بهذه المبادرة التي ربما تؤدي الى استقالته من الائتلاف، بسبب الاتهامات المخجلة التي تعرض لها، او حدوث انقسام جبهة المعارضة السورية، وربما خروج المجلس الوطني السوري من تحت مظلة الائتلاف، ويمكن ايجازها في النقاط التالية:
*اولا: تخلي الغرب، والولايات المتحدة على وجه التحديد، عن فكرة تسليح الجيش السوري الحرّ وفصائل المعارضة المسلحة الاخرى، وتوجيه تحذيرات صريحة لدول الخليج بعدم تقديم اسلحة او اموال للثوار.
*ثانيا: تأكيد الرئيس باراك اوباما في خطاب تتويجه لفترة رئاسية ثانية على انتهاء عقد من الحروب وبدء عقد من السلام القائم على الحوار، وهذا يوجه رسالة واضحة الى المعارضة السورية تقول ان بلاده لا يمكن ان تتدخل عسكريا في الملف السوري.
*ثالثا: وصول الأزمة السورية الى حالة من الجمود نتيجة فشل النظام في القضاء على المعارضة المسلحة عبر الحلول الامنية العسكرية، وعجز الأخيرة عن الإطاحة به بالأسلوب نفسه.
*رابعا: سوء تقدير الدول العربية الداعمة للمعارضة لقوة النظام والدعم الخارجي له، الروسي والايراني على وجه الخصوص، والاستعداد للدخول في حرب عالمية لمنع سقوطه اذا اقتضى الأمر.
*خامسا: تصاعد قوة التنظيمات الجهادية وترسيخ وجودها في معظم سورية والشمال على وجه الخصوص، ونجاحها في تجنيد المئات ان لم يكن الآلاف من الشباب السوري في صفوفها، وتقديمها خدمات اجتماعية ومعيشية في المناطق التي انحسر فيها وجود النظام، على غرار ما فعلت حركة طالبان في افغانستان.
*سادسا: تسليم معظم الدول العربية الداعمة للمعارضة المسلحة بان الحل السلمي هو المخرج الوحيد للأزمة، مما يعني الاعتراف والتسليم باستمرار النظام ولو لفترة قصيرة وفتح ابواب الحوار معه.
*سابعا: تخلي الجامعة العربية ووزراء خارجيتها عن الملف السوري، وكان لافتا ان السيد نبيل العربي امين عامها قال انها ستذهب الى مجلس الامن من اجل فرض وقف اطلاق النار وليس من اجل التسريع بالتدخل العسكري الغربي، كما جرت العادة.
الشيخ معاذ الخطيب ادرك هذه الحقائق مجتمعة ومنفردة، ولكن الأخطر من هذا وذاك، انه ادرك ان المجتمع الدولي بات يتعاطى مع الأزمة السورية على انها قضية لاجئين، وليست قضية شعب او جزء منه يطالب بالاصلاح والتغيير الديمقراطي واطاحة نظام ديكتاتوري. وما اجتماع الكويت الذي تم خلاله رصد اكثر من مليار دولار لمساعدة اللاجئين السوريين في الداخل والخارج الا تجسيدا لهذا التحول الجديد.
التعاطي مع الجوانب الانسانية دون السياسية من قبل الدول العربية والاجنبية وتحت رعاية الامم المتحدة وامينها العام يذكرنا بالتعاطي نفسه، وقبل 65 عاما مع القضية الفلسطينية باعتبارها قضية لاجئين يستحقون المساعدات الاغاثية في مخيمات اللجوء.
تصريحات السيد الأخضر الإبراهيمي التي قال فيها ان الشعب السوري يدمر بلده بيديه، وان البلاد تزحف بسرعة نحو فوضى دموية كانت مؤشرا لكل التطورات الحالية، ويبدو ان هناك حلا تفاوضيا توشك ان تفرضه الدولتان العظميان، اي روسيا وامريكا، ويمكن ان يتبلور في صيغته النهائية اثناء الاجتماع الوشيك بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظيره الامريكي باراك اوباما.
المعارضة السورية قد تنشق الى ثلاثة معسكرات رئيسية:
*الاول: القابل بالحوار مع النظام للوصول الى تسوية سلمية.
*الثاني: الرافض للحوار مع النظام والمتمسك بضرورة رحيل رأسه ورموزه، وقد يقود هذا المعسكر المجلس الوطني بصيغته القديمة قبل انضوائه تحت مظلة الائتلاف، حيث تشكل جماعة الاخوان المسلمين رافعته الرئيسية.
*الثالث: التنظيمات الجهادية بقيادة جبهة النصرة التي ترفض الحوار مع النظام رفضا قاطعا، وتطالب بإطاحته وقتل قيادته ورموزه، واقامة دولة اسلامية مكانه تطبّق الشريعة تطبيقا حرفيا.
' ' '
بعد ان يهدأ غبار مبادرة الشيخ الخطيب وتتضح المواقف داخل المعارضة السورية والمجتمع الدولي، والغربي على وجه الخصوص، قد نجد انفسنا امام مشهد سوري جديد مختلف كليا يتمثل في تكوين 'صحوات سورية' تلتقي مع النظام السوري في محاربة الجماعات الجهادية من اجل استئصالها، على غرار ما حدث في العراق في زمن الجنرال ديفيد بترايوس قائد القوات الامريكية.
الغرب، وبعد التدخل الفرنسي في مالي لمحاربة تنظيم القاعدة في المغرب الاسلامي وفروعه، بات يضع محاربة التنظيمات الجهادية على قمة اولوياته، ولا نبالغ اذا قلنا ان الغرب يعتبر هذه التنظيمات اكثر خطورة من النظام السوري على مصالحه في المنطقة واسرائيل على وجه الخصوص.
الشيخ معاذ الخطيب لخص هذا المشهد السوري الجديد بقوله في موقعه على 'الفيس بوك': 'هناك دول تعد ولا تفي.. وهناك من يقول للسوريين اقتحموا ثم يتركهم في وسط المعركة.. هناك من تعهد بدعم الثوار ثم تركهم في الموت.. وهناك من يجلس على اريكة ثم يقول اهجموا.. لا تفاوضوا.. وهناك صمت دولي وخنق للثورة.. ومئات ألوف اللاجئين والمهجرين.. والاهم من ذلك ان هناك من يخطط لان تختفي سورية من العالم خلال حرب تستمر بضع سنوات'.
هذا كلام يعكس اقصى درجات الواقعية والقراءة الصحيحة للأوضاع في سورية.. كلام رجل يشعر ان الشعب السوري وبلاده سورية يتعرضان الى اكبر خدعة في التاريخ الحديث من الاقرباء قبل الغرباء.. خدعة راح ضحيتها 60 الف شهيد، وهناك من يطلب عشرة اضعاف هذا الرقم ليروي غليله من الدم السوري.
النظام هو المسؤول الاكبر.. نعم.. نقولها دون تردد، ولكن هل نترك الشعب السوري يدمر نفسه وبلده ونحن نتبادل العتاب واللوم؟!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.