ألقى عصام العريان حجرا في المياه الراكدة، عندما أشار إلى زوال إسرائيل.. فماذا يخبئ الإخوان المسلمون في ثنايا أفكارهم؟ وما هو برنامجهم غير المعلن الذي يجهزون له؟ وهل استطاع الأمريكان والإسرائيليون التقاط سرهم؟ وهل كل ما يجري من مناكفات يبديها البرادعي والليبراليون وفلول نظام كامب ديفد لها علاقة بموقف غير معلن للإخوان المسلمين تجاه فلسطين؟ يقول البعض إن الإخوان المسلمين تفاهموا مع الأمريكان حول ملفات عديدة ومنها التزامهم باتفاقيات كامب ديفد. ولا يخفي الإخوان، الذين فازوا بمواقع مهمة في الحكم المصري، بأنهم يلتزمون بكل المواثيق، ويبالغون في تكرار ذلك، إلى درجة تثير الريبة لدى المتابعين.. ويقول البعض إن الموقف الإخواني، حتى اللحظة، لم يحدث تغييرات جوهرية إزاء القضية الفلسطينية. الأمر الذي قابله الإسرائيليون بمديح متواصل، وبمحاولة دءوبة لتطوير العلاقة مع مصر الإخوان المسلمين. ولكن لا بد من التأكيد على عدة عناصر فيما نحن نقترب من معالجة الضجة المثارة هذه الأيام حول موقف الإخوان من إسرائيل.. وأول هذه العناصر أن القيادة الحالية التي تدير حركة الإخوان المسلمين في مصر، تنتمي إلى مدرسة منتظمة الأفكار، ومحددة المعالم، ولديها منظومة فكرية تميزت بروح المسؤولية الأخلاقية تجاه قضايا المنطقة وجوهرها القضية الفلسطينية. ويؤكد المراقبون والمحللون أن هذه المدرسة هي مدرسة المفكر الإسلامي الكبير سيد قطب وأن تحركات هذه المجموعة، حتى اللحظة، تفسر تفسيرا واضحا رؤية سيد قطب إلى حريات الناس والتصدي للظلم والطاغوت. ومن هنا بالضبط، نستطيع الاقتراب من فهم التدرج السياسي في سلوك القادة الجدد في مصر.. ولئن جاء تصريح الدكتور العريان كموقف شخصي، كما أعلن هو، معربا عن رؤية واضحة إلى المسألة اليهودية وإلى المشروع الصهيوني، وأن عشر سنوات كافية لإنهاء هذا المشروع الفاشل، وأن على اليهود الموجودين في فلسطين التوجه إلى بلدانهم التي جاءوا منها، وأن مصر ترحب باليهود المصريين.. ولهذا حرص الإخوان المسلمون أن يتضمن دستور مصر بندا خاصا يشير إلى اليهود وحقوقهم في مصر. في محاولة لفهم حجم العداء الذي تبديه القوى المنسجمة مع سياسات خارجية تجاه الإخوان المسلمين في مصر، تشير إلى أن المسألة غير طبيعية وغير منطقية فرغم الشعبية الكبيرة التي يحرزها الإخوان في كل محاولة تحكيم إلى الصندوق، إلا أن الخصوم يفتقدون للياقة التنافس الحزبي، ويتوجهون إلى التحريض، بل والقتل وحرق المقارّ والكذب والتضليل الواسع.. إن ذلك يكشف عن الخلفية التي تقف وراء هذه المواقف العدائية.. إنها باختصار إدراك التوجه الإخواني نحو فلسطين. الآن، توجد قوتان مركزيتان في الأمة، تحتكمان إلى رؤية سياسية واضحة ناضجة تجاه إسرائيل.. إنهما إيران ومصر.. ولئن اتضحت مواقف إيران بضرورة تفكيك الكيان الصهيوني وبناء نظام سياسي في فلسطين يحمى وحدة فلسطين التاريخية.. فإن الموقف الإخواني في مصر يكتنز رؤية فكرية ناضجة تجاه الموضوع، وسيظهر شيئا فشيئا فيما تكون مصر تخلصت من بعض المعرقلات الرئيسة.