رأى الباحث كمال عبد اللطيف ٬ أستاذ الفلسفة السياسية والفكر العربي المعاصر٬ أن من أبرز العلل الكبرى للثقافة العربية عجز النخب عن مواجهة الإشكالات المؤجلة في موضوعات الإصلاح الديني والثقافي٬ وتراجع المشروع السياسي القومي ٬ وهشاشة وتلفيقية المشروع الليبرالي. وأضاف عبد اللطيف٬ في مداخلة له أمس الثلاثاء في ندوة حول "إشكالية النهضة بين ثورات التحرير وثورات الحرية"٬ احتضنها معرض بيروت الدولي للكتاب (3-16 دجنبر الجاري)٬ أنه لا ينبغي إغفال مساهمة منطق التوافق الانتقالي٬ وبناء دولة القانون والمؤسسات٬ وتحصين وتطوير جبهة الفكر الحداثي في المشهد الثقافي،وفق وكالة الأنباء المغربية. وتحدث عبد اللطيف عن علاقة المشروع النهضوي العربي بحدث الثورات العربية الذي يضع المرء أمام لحظة مركبة أطلق عليها "لحظة التقاء وتقاطع السياقات والأسئلة"٬ مضيفا أنه لا يدعي "وجود علاقة مباشرة بين شعارات الشباب في الربيع العربي وبين أدبيات النهضة التي علمت المجتمع العربي أبجدية التحرر مستعملة في سبيل ذلك لغة جديدة وقيما جديدة". وأشار كمال عبد اللطيف إلى أن التحول السياسي الحاصل اليوم في المجتمعات العربية٬ يؤشر في تصوره إلى معطيات معقدة ومتناقضة٬ ويدعو أساسا إلى التفكير في كيفية حماية الديمقراطية٬ وقبل ذلك٬ التفكير في كيفية مواجهة الثقافة المحافظة٬ "التي تعود لتحتل الفضاء الثقافي بآليات التقليد وقيمته النصية"٬ مشيرا أيضا إلى أن "تحديات الراهن الثقافي العربي٬ لا ترتبط بالانفجار الحاصل وتبعاته". وقال الباحث المغربي إنه لا بد من "الوعي بأن التحولات الديمقراطية في التاريخ٬ تستدعي أولا تعزيز خيارات ثقافية معينة٬ كما تقتضي تأهيلا اجتماعيا٬ يجعلنا في مستوى المشاركة السياسية المطلوبة في المجتمعات الديمقراطية". واعتبر أن معارك المجال الثقافي والديني لا تنفصل عن مشروع ترسيخ الحداثة السياسية في الفكر٬ وأن معركة الإصلاح الثقافي تتطلب مزيدا من تقوية دعائم الفكر التاريخي٬ مشيرا إلى أن "الجميع اكتشف بالملموس أن التغيير يتطلب رؤية شاملة٬ لمختلف زوايا النهوض والتنمية"٬ لأن "بناء مجتمع عصري٬ يحتاج اليوم إلى جبهة للتحرك٬ مسلحة بمبادئ ومقدمات الفكر المعاصر٬ جبهة قادرة على إعادة بناء المجتمع مجددا". *تعليق الصورة: الباحث المغربي كمال عبد اللطيف.