في مبادرة اعتبرها المتتبعون لفتة حافلة بالدلالات والأبعاد، ترأست الأميرة للا مريم ،بعد مساء اليوم،بمسرح محمد الخامس، بالرباط، انطلاق الأيام الثقافية الجزائرية، التي يتطلع الجميع أن تعيد الدفء والترابط بشكل قوي، إلى العلاقات بين البلدين. ولعل مايؤشر إلى ذلك، هو الحضور الحكومي الكبير في حفل افتتاح هذه التظاهرة الثقافية الهامة، بقيادة عبد الإله بنكيران، رئيس الحكومة المغربية، إلى جانب احد مستشاري الملك،ياسر ازناكي،إضافة إلى أعضاء السلك الدبلوماسي المعتمد في العاصمة السياسية. وفي مستهل الحفل، أبرز محمد الأمين الصبيحي، وزير الثقافة المغربية، أهمية "الدور المحوري، الذي تلعبه الثقافة في التقريب" بين الشعبين، مشيرا إلى العديد من القواسم المشتركة، مثل وحدة اللغة والدين والتاريخ المشترك. واستعرض الوزير المغربي ماحققه المغرب والجزائر من " حضور ثقافي رائد، قطريا وعربيا ودوليا، بفضل مفكرين وأدباء ومبدعين، كرسوا حياتهم خدمة للعلم والمعرفة وتناولوا قضايا جوهرية كبرى في أعمالهم". واعتبر الصبيحي أن التعاون الثقافي بين المغرب والجزائر" قديم وأصيل أصالة البلدين"، وسجل باعتزاز الحضور الثقافي والفني المتبادل في كلا البلدين على مدار السنة. " وانطلاقا من هذه العلاقات والمشاعر الطيبة، يضيف الوزير، فإن الأمل يحذونا لنطور تعاوننا الثنائي، ونكثف سبل تعزيز الحضور الثقافي في البلدين، ساعين إلى أن تستمر، ثقافتنا مشرقة في الداخل، ومشعة في الخارج". وحرصت خالدة التومي، وزيرة الثقافة الجزائرية من جهتها، على التأكيد على نفس القيم والمنطلقات، موجهة الشكر للعاهل المغربي الملك محمد السادس على "على رعايته الكريمة، وعنايته النبيلة، لهذه الأيام الثقافية الجزائرية، التي يحتضنها المغرب الشقيق". وقالت التومي إنها عاجزة، أمام " آيات الترحاب، وفيوض المحبة والحفاوة"، عن إيجاد الكلمات، التي تحمل مايختلج في الدواخل من مشاعر المودة والامتنان والتقدير التي يحملها رئيس الجمهورية الجزائرية عبد العزيز بوتفليقة، لأخيه الملك محمد السادس وللشعب المغربي. وتطرقت المسؤولة الجزائرية بدورها إلى " أواصر الدم والتاريخ والمصير المشترك"، التي تجمع بين الجارين، على امتداد التاريخ. وأوضحت أن هذه الروابط " كانت دائما تضيف بهاءا خاصا لعلاقتنا، وتضفي عليها حيوية تستمد أنساغها من نداءات الأرواح، التي كان لها حظوة الجمع بين مصائرنا، ووضعنا في المسار الذي يحفظ لذاكرتنا، ولخطانا المعاني النبيلة لإنسانيتنا، ولما يجمعنا في الأفق الواعد لمستقبل شعبينا". ولم تفتها المناسبة، دون تقديم "التهنئة الحارة لأشقائنا في المغرب، على تسجيل مدينة الرباط العتيقة، على قائمة التراث العالمي، وهو مايشكل بالنسبة لنا جميعا، مكسبا نفتخر ونتباهى به." وتتزامن هذه الأيام الثقافية الجزائرية،مع احتفاء البلد الجار بالذكرى الخمسين للاستقلال،" وإنها لمناسبة سانحة، تؤكد الوزيرة، لكي نشرك الأخوة والأشقاء في المملكة المغربية أعراس الجزائر، كيف لا وهم من الذين وقفوا إلى جانبنا خلال ثورتنا من أجل الاستقلال والكرامة "، في إشارة إلى أيام الكفاح للتحرر من الاستعمار. وأردفت التومي، "أننا نعتبر كل نجاح لما نقوم به نجاحا وانتصارا للإنسان المغاربي، ذلك لأننا نعمل في الأفق الذي يؤكد على مغاربيتنا كخصوصية نفتخر بها، وكهوية نغذيها وندافع عنها، ونسعى لتحقيق الحلم الذي راود أجيالا كثيرة، منذ نزعات الاستقلال والحرية". وقالت الوزيرة، "إن اللحظة الراهنة، بتحدياتها العويصة، تفرض علينا أن نقدم أنفسنا ككيان متماسك ومنسجم،، وكفضاء واحد، يملك كل المؤهلات التي تسمح له بإعطاء إضافة نوعية لركب الحضارة الإنسانية." و سلطت الضوء على ماتشهده المنطقة من تغيرات كبرى ، وتحولات هائلة، " كأننا نعيش نهاية عالم، وميلاد عالم جديد، لايخلو من أزمات رهيبة، محملة بأخطار، ولكن في نفس الوقت محملة بآمال كبرى". واعتبرت التومي أنه " لاخلاص لنا إلا بالثقافة، ولامستقبل لنا إلابالثقافة،" داعية إلى الانتصار للقيم النبيلة الموحدة ، ولمفاهيم المواطنة والحقوق المدنية، وللممارسة الديمقراطية". وشددت الوزيرة الجزائرية على أن " الثقافة هي القاطرة المحركة، وهي حجر الأساس"، و"هي الاسمنت الذي يوحد ويغذي وينقد من الزوال"، وهي التي "لها قدرة دون غيرها في إعطاء الأمل كلما وجدت الإرادة،"، وهي التي " تبقى على كرامة الإنسان، ولاتجعله ينهزم أو ينكسر حتى في أحلك الظروف"، و"هي بمثابة " الروح التي تبعث الحياة من جديد". وخلصت في ختام كلمتها على تأكيدها" أننا لانترك مناسبة ثقافية واحدة، إلا ونجعل فيها من المغرب والجزائر فضاءا واحدا، وروحا واحدة، ونداء منسجما لقول انتمائنا الحضاري، ونضالاتنا وتضحياتنا من اجل غد أفضل لشعبينا". وتميو اليوم الأول من هذه التظاهرة الثقافية بتدشين الأميرة للامريم لمعرض للفنون التشكليلية، إضافة إلى سهرة موسيقية، صدحت فيها الأنغام الموسيقية والجزائرية في جنبات المسرح، وسط تصفيقات الجمهور الحاضر. *تعاليق الصور: الأميرة للامريم تصافح خالدة التومي، وزيرة الثقافة الجزائرية، وبينهما محمد الصبيحي، وزير الثقافة المغربية. الأميرة للا مريم تدشن معرضا للفنون التشكيلية الجزائرية بحضور عبد الإله بنكيران، رئيس الحكومة، مرفوقا ببعض وزرائه، إضافة إلى ياسر ازناكي، مستشار العاهل المغربي. الصور: بعدسة محمد محميدات