احتار المواطنون المغاربة، ليلة أمس، أثناء بث برنامج "90 دقيقة للإقناع"، الذي استضاف حميد شباط، الأمين العام لحزب الاستقلال، المثير للجدل، متسائلين: أين يتموقع الرجل؟ هل هو في الحكومة أم في المعارضة؟. لقد انتقد حكومة عبد الإله بنكيران كثيرا، مؤكدا في نفس الوقت أنه حريص على إنجاح التجربة، محذرا من إخفاقها في مهامها، بنبرة لاتخلو من تسجيل العديد من المآخذ بخصوص أدائها، المتسم في نظره، بالبطء وغياب الانسجام. أحد المشاهدين بعث برسالة نصية إلى هذا البرنامج الأسبوعي، الذي قدمته قناة "ميدي1 تي في" التلفزيونية: "بدلا من توجيه سهام النقد إلى الحكومة، لماذا لاينكب شباط ، على حل مشاكل فاس المتجلية في الفقر، والدور الآيلة للسقوط وارتفاع معدلات الجريمة؟". شباط رده كان جاهزا،معتبرا حصيلته إيجابية في إطار اختصاصاته، من توفير للبنية التحتية، والمرافق الرياضية والاجتماعية وغيرها،بخلاف القطاعات الأخرى. وقال عن الجريمة: "ليست اختصاصي، هل أنا مدير للأمن؟"، لكنه أشار إلى نصب العديد من الكاميرات في الشوارع للحيلولة دون تزايد الجرائم. وأضاف قائلا عن الدور الآيلة للسقوط، في الأحياء الشعبية القديمة:" هل أنا وزير للسكنى؟"،لكنه أبرز أن هناك " تطورا في مجال اختصاصاتنا، من توسيع للشوارع ،وغرس للحدائق في كل أنحاء مدينة فاس"، تحقيقا لشعار" وردة لكل فاسي". وتجنب شباط الحديث بتفصيل في بعض مشاريعه المثيرة للتساؤل والحيرة، مثل برج إيفل، الذي انبعث ذات صباح وسط مدينة فاس، قبل أن يختفي ذات ليلة في ظروف غامضة، إضافة إلى" البحر" الذي كان قد تعهد بجلبه إلى المدينة، ولكنه ظل مجرد وعد انتخابي،حسب رأي أحد المتتبعين. وما أثار انتباه المشاهدين أيضا، من خلال رسائلهم النصية، التغيير الحاصل في موقف الرجل اتجاه " حزب الأصالة والمعاصرة"، الذي خاض معه بالأمس القريب، معارك مازال الجميع يتذكرها. شباط رد:" الكل يعلم بأنني كنت وحدي في مواجهته،ولكن حزب " البام"(معارضة برلمانية)اليوم، ليس هو حزب الأمس، إنه اليوم حزب عادي جدا"، مثل بقية الأحزاب المغربية الأخرى. ثمة تقارب أخر، مع حزب أخر في المعارضة أيضا، هو حزب التجمع الوطني للأحرار، الذي حضر الناطق الرسمي باسمه، رشيد الطالبي العلمي، إلى جانب شباط، وكان واضحا أن هناك نوعا من التناغم والانسجام بينهما، ماجعل منشطة البرنامج تتساءل بكل مهنية عن سر "هذا الغزل" بين الطرفين؟ الطالبي العلمي نفى بشدة أن يكون هناك أي "غزل" بين الحزبين،وقال " إننا نختلف في طريقة التدبير، ولكننا لانقبل من أي أحد أن ينعتنا بالتشويش"، في إشارة إلى بيان الحكومة،على هامش انتقادات بعض الفرق البرلمانية لمشروع القانون المالي الجديد. واستغل شباط الفرصة، ليعتذر للبرلمانيين نيابة عن الحكومة، مادامت لم تقم بهذه الخطوة، مذكرا في نفس الوقت، بأن البرلمان هو الذي يراقب الحكومة، وليس العكس. وفي لقطة مثيرة للانتباه، قدم الطالبي العلمي لشباط ملفا، قال إنه يتضمن شكوى من وزير في الحكومة، ضد وزير اخر.. الطالبي سجل أنه يحمل "المسؤولية لشباط ليكون هو صوت المعارضة داخل الحكومة". وبعد أن طالب شباط بفتح تحقيق في موضوع اتهام وزير لأخر بالفساد،قال " إننا نتحدث من داخل الأغلبية لتصحيح الأوضاع، كرجالات دولة"، حسب تعبيره، مضيفا أن وجوده في الجهاز الحكومي، لايعني القول إن " العام زين"، " إن هذا ليس من تقاليدي"،ومعلنا أنه مرتبط دائما " بالحركة النقابية" ولن يتغير. وانتقد غياب الحوار الاجتماعي وتساءل:"أين هو الحوار؟ إن الأبواب موصدة، وجواب الحكومة: لاحوار"، محذرا من تفاقم الاحتقان الاجتماعي. وفي هذا السياق، قال "إننا نمارس الوقاية من الداخل ، ونهيء مذكرة تتضمن بعض البدائل". وجدد تمسكه بمطلب التعديل الحكومي، معلنا أنه أبلغ وزراء حزبه في الحكومة،بأهمية القرار السياسي، وقال إنه شارك في الحكومة لتطبيق برنامجه الانتخابي. وشدد على ضرورة أن تكون وزارة المالية برأس واحد، وليس برأسين،وقال"إن موقفي واضح في هذا الشأن،إن هذه الوزارة يجب أن يقودها وزير واحد". ولم يفت شباط أن يتحدث "عن المستقبل"، بقوله إن " الشعب يريد حكومة قوية" تقف إلى جانبه، متسائلا " من يعرقلها؟ قولوها"، موجها الخطاب ضمنيا إلى عبد الإله بنكيران، رئيس الحكومة، الذي طالما اشتكى من التماسيح والعفاريت. *تعليق الصورة: حميد شباط، الأمين العام لحزب الاستقلال.