وسط حشد كبير من نجوم الفن السابع وأهله من الممثلين والمخرجين والموزعين، انطلقت مساء اليوم، في أحد فنادق العاصمة، المناظرة الوطنية حول السينما المغربية، تحت شعار " التحديات والأفاق". وبالمناسبة، عبر العاهل المغربي الملك محمد السادس، في الرسالة التي وجهها ، إلى المشاركين في المناظرة ، عن الأمل في ان يكون "هذا الملتقى بداية لانطلاقة سينمائية مغربية ثانية تمكن من الارتقاء بالإنتاج السينمائي الوطني في هذا الميدان الإبداعي الحيوي٬" وتتيح فرصا أوسع لإشعاع البلاد. وأضافت الرسالة الملكية، التي تلاها عبد اللطيف المنوني، مستشار العاهل المغربي، أنه إذا كان المغرب بماضيه الحضاري العريق٬ ورصيده العلمي المتجذر٬ قد بلور هويته الثقافية بروافدها المتضامنة٬ فإنه تمكن في حاضره أيضا٬ من ترسيخ وتثبيت هذه الهوية الثقافية الأصيلة والمنفتحة من خلال إغنائها بخاصيات التنوع٬ وفضائل التعددية٬ ومزايا الانفتاح والتفتح على المثل الكونية النبيلة. وأعرب العاهل المغربي عن الارتياح لكون العديد من المهرجانات السينمائية الوطنية قد أصبحت ذات صيت عالمي وإشعاع قاري أو إقليمي٬ مشكلة بذلك نقطة جذب ثقافي فني للبلاد٬" الأمر الذي يجعل من تطويرها وحسن مواكبتها وتأطيرها٬ وتنمية قدراتها المهنية والاحترافية٬ بجدية ومسؤولية٬ أحد أوجب الواجبات لضمان استمرارها والرفع من جودتها ومستوى أدائها". وبعد استحضاره لعطاءات السينما المغربية خلال العقود الخمسة المنصرمة٬ وما أسهم به كتابها ومخرجوها وممثلوها وفنيوها من أعمال٬ وتسجيل الآثار الإيجابية للسياسات العمومية التي واكبت وأطرت هذا العطاء الفني٬ سواء بتوفير مناخ الحرية المسؤولة٬ أو باعتماد أسلوب الدعم والتحفيز المباشرين٬ أكد الملك "على أهمية تعبئة جميع الفعاليات٬ من خلال إعمال المقاربة التشاركية٬ مع مبدعي ومهنيي هذا القطاع الثقافي الحيوي٬ والتجاوب الدائم مع انشغالاتهم وتطلعاتهم٬ من أجل الارتقاء بوضعية الإنتاج السينمائي الوطني على كافة المستويات. وفي هذا السياق، ثمن الملك المقاربة التشاركية التي تم في إطارها إعداد المخطط التأهيلي الشامل من طرف الوزارة الوصية٬ وذلك بالتشاور مع المركز السينمائي المغربي والقطاعات والمؤسسات الحكومية الأخرى٬ بالإضافة إلى الفعاليات والكفاءات المعنية بالصناعة السينمائية في البلاد. وأعرب العاهل المغربي عن يقينه بأن "بلوغ النهضة السينمائية الوطنية المنشودة ٬ يستوجب سياسة عمومية ناجعة وذات أبعاد متعددة"، مؤكدا على أهمية التنسيق والتعاون بين كافة القطاعات الحكومية المعنية٬ للتعامل الإيجابي والبناء مع خلاصات هذه المناظرة. وشدد في هذا الصدد، "على أن الهدف الأسمى الذي نتوخاه٬ يتمثل أولا في صيانة المكتسبات المسجلة في القطاع السينمائي٬ وتوفير المزيد من أسباب تطويره وإنمائه٬ مع التركيز على تحقيق الجودة في الإنتاج٬ للانتقال من الرصيد الكمي إلى التراكم الكيفي٬ في إطار تثمين الهوية المغربية٬ والانفتاح الواعي والمتبصر على تفاعل الثقافات والقيم الإنسانية الكونية٬ والحرص على ضمان حرية الإبداع٬ ورعاية المبدعين٬ ودعم مبادراتهم الجادة والهادفة٬ مستحضرين باستمرار الرسالة النبيلة للإبداع السينمائي٬ وحاجتنا الملحة إلى إنتاج سينمائي وطني٬ يقوم على توطيد الشخصية الثقافية الوطنية٬ ورفع إشعاع الرصيد الحضاري والثقافي والتاريخي للمغرب٬ والحفاظ على جاذبيته وتنافسيته". وخلص العاهل المغربي في ختام رسالته، إلى أنه سيكون على الإنتاج السينمائي أن يواكب التحولات والمنجزات التي تحققها المملكة،"وهي تواصل بإصرار وثبات٬ بناء مسارها التنموي٬ وترسخ في أجواء من الاستقرار والتوافق٬ نموذجها الحضاري المتفرد". وتميزت جلسة الافتتاح بحضور مكثف لوزراء الحكومة المغربية، ماجعل الممثل رشيد الوالي، التي تولى تقديم الحفل يتساءل:" هل حضور الوزراء بهذه الكثافة، راجع لكونهم أصدقاء للفنانين ، أم لأنهم أصدقاء مصطفى الخلفي، وزير الاتصال؟"، ليأتيه الجواب من داخل القاعة:" الإثنان معا". ولفت الوالي الانتباه إلى أن هذه هي أول رسالة ملكية توجه إلى مناظرة حول السينما، مذكرا بأن هذه المناظرة الثالثة ،" والثالثة ثابتة" على حد قوله. وتم خلال افتتاح المناظرة حول السينما، تقديم أعضاء اللجنة المكلفة بوضع الكتاب الأبيض للسينما المغربية، برئاسة عبد الله ساعف. وذكر الوزير مصطفى الخلفي،أن عمل اللجنة سيمتد على مدى ثلاثة أشهر من أجل صياغة هذا الكتاب،مع العلم أنها تضم في عضويتها باحثين ومهتمين بالشأن السينمائي المغربي، تنظيرا ونقدا وإنتاجا. ودعا الخلفي الى جعل هذه المناظرة، فضاء للتحاور والتشاور لبلورة أفكار تستهدف النهوض بالقطاع السينمائي على جميع المستويات، من خلال توفير كل الشروط الكفيلة بدعم الصناعة السينمائية في المغرب. *تعليق الصورة: عبد اللطيف المنوني، مستشار العاهل المغربي الملك محمد السادس.