أكد المرصد الوطني للتنمية البشرية أن المغرب حقق "تقدما ملحوظا" في مجال إدماج النساء والشباب والعالم القروي ما بين 2004 و2009٬ بفضل السياسات القطاعية للحكومة٬ ملاحظا بالمقابل أن هذه السياسات أبانت عن محدوديتها. وعزا التقرير السنوي الثاني للمرصد الصادر مؤخرا هذا التقدم أساسا إلى نمو اقتصادي مطرد وعرض متزايد لفرص العمل وتقلص الفقر وشبكة لتحليل إشكالية الإدماج. ويبرز التقرير٬ المخصص لتقييم التقدم في مجال الإدماج٬ بالمقابل أن "مناصب الشغل المحدثة تظل غير كافية"٬ مشيرا إلى أنه تم إحداث 133 ألف منصب كمتوسط سنوي ما بين 2004 و2009٬ وهو عدد غير كاف لتقليص عدد العاطلين الذي يناهز مليون و29 ألف شخص، وفق وكالة الأنباء المغربية. ورغم التقدم الذي تحقق على مستوى تقليص الفقر٬ لا تزال الفوارق كبيرة ومستمرة٬ حسب التقرير الذي أكد تأثر الفقر في المغرب بالمساواة في توزيع المداخيل أكبر بضعفين منه بالنمو الاقتصادي. ويتناول التقرير ثلاثة محاور رئيسية تتمثل في "آليات إدماج النساء" و"التربية والتكوين وإدماج الشباب" و"البنيات التحتية وتأثيرها على فك العزلة عن العالم القروي". وبخصوص إدماج النساء٬ أشار المرصد إلى أن النهوض بوضعية المرأة يشكل خطوة عملاقة نحو الأمام٬ مسجلا أن هذا التقدم "الهام" قد تحقق لصالح الإدماج القانوني والسياسي والاقتصادي للنساء. وعزا هذه الإنجازات أيضا للتطور الحاصل في محو الأمية وإدماج النساء في مجال التشغيل وتحسن الظروف الصحية٬ مؤكدا بالمقابل أن هذا التقدم غير كاف للحد من التباين القائم بين الرجال والنساء. في الشق المتعلق بالتربية والتكوين وإدماج الشباب٬ انتقد المرصد بالخصوص "القصور المتراكم في نظام التربية والتكوين"٬ معتبرا أن إدماج الشباب رهين بقوة بالتعليم المدرسي الأساسي وأن أحد الصعوبات الرئيسية للإدماج الاجتماعي والاقتصادي ترتبط دون منازع بهذا القصور. على مستوى البنيات التحتية ودورها في إدماج العالم القروي٬ ركز التقرير على هذه الإشكالية في ما يتعلق بالولوج للتجهيزات الأساسية والخدمات العمومية٬ معتبرا أنه تم بالتدريج الحد من التأخر المسجل في هذا الشأن. وأشار التقرير بهذا الصدد إلى أنه في 2009٬ بلغ معدل الولوج للماء الصالح للشرب والكهرباء على التوالي 89 و96,5 في المئة٬ مبرزا أن مؤشر الاستفادة من خدمات شبكة الطرق القروية انتقل من 54 إلى 65 في المئة٬ مما سمح بفك العزلة عن حوالي 1,2 مليون شخص. بالمقابل٬ انتقد المرصد الوطني للتنمية البشرية وضعية التغطية الصحية التي "لا تزال غير كافية" ولا تغطي احتياجات الساكنة القروية٬ قائلا إن 43 في المئة من هذه الساكنة في 2009 كانت لا تزال تبعد بأزيد من 6 كلم عن أقرب مؤسسة علاجية. وخلص المرصد في تقريره إلى أنه لا يمكن أن ينجح الإدماج دون نمو اقتصادي قوي وفي غياب الإدماج لن يتحقق النمو المستدام ولا وجود لتنمية بشرية فعلية. وأضاف أن " كل سياسة إدماج تتطلب مبدئيا الرفع من مستوى معيشة الفئات المحرومة من السكان ومن ثم توزيعا أفضل لنتاج النمو". كما دعا المرصد إلى تسريع وتيرة التقدم في نظام التعليم والتكوين٬ والنهوض ببرامج شاملة للرعاية الصحية تأخذ بعين الاعتبار الفئات الضعيفة بشكل أفضل٬ وإلى إدماج أكثر عمقا للعالم القروي٬ واتباع سياسة تشغيل أكثر طموحا٬ وحكامة محلية أقرب إلى المواطنين٬ واعتراف أفضل بكرامة المواطنين المعوزين وفهم أفضل للتقدم المحرز في ميدان الإدماج.