المغرب من أضعف الدول العربية في التنمية البشرية أكد تقرير التنمية البشرية لسنة 2011 أن المغرب تراجع 16 رتبة في التصنيف الدولي، بعدما جاء في الرتبة 130 من بين 181 دولة، مقارنة مع الرتبة 114 خلال السنة الماضية. وحسب تقرير "الاستدامة والإنصاف: مستقبل أفضل للجميع" الصادر أمس الأربعاء، فإن المغرب صنف في الرتبة 15 عربيا من بين 20 دولة. وتصدرت الإمارات قائمة الدول العربية متبوعة بقطر والبحرين والسعودية والكويت وليبيا ولبنان وعمان وتونس والأردن. والرتبة 11 عادت للجزائر تليها مصر ثم فلسطين وسوريا، في حين احتلت الرتب الست الأخيرة كل من المغرب والعراق واليمن وموريتانيا ودجبوتي السودان.وجاء المغرب في مصاف الدول المتوسطة المصنفة ما بين 95 و141. ويعتبر المغرب ضمن العشر دول التي سجلت أدنى نسبة من أوجه الحرمان البيئي في الفقر المتعدد الأبعاد، وذلك حسب آخر سنة متوفرة في الفترة 2000 و2010. وكشف التقرير أن نسبة الحرمان بالمغرب بلغت 45 في المائة والسكان المعرضون لخطر الفقر 12,3 في المائة والسكان الذين يعيشون في فقر مدقع 3,3 في المائة. واحتلت النرويج الرتبة الأولى عالميا متبوعة بأستراليا وهولندا والولايات المتحدةالأمريكية ونيزلندا وكندا وإيرلندا. الأسباب قال زهير الخيار أستاذ الاقتصاد والباحث في مجال التنمية البشرية إنه على الرغم من الانتقادات التي يمكن توجيهها إلى مؤشرات التنمية البشرية المعتمدة دوليا فإن المغرب تراجع في هذه المؤشرات، على اعتبار تراجع جودة التعليم وعلى مستوى تخريج الأطر الكفأة والتراجع الملحوظ في الصحة وهيمنة القطاع الخاص فضلا عن تراجع النمو. ما زال المغرب ينتقد المؤشرات التي يعتمد عليها التقرير العالمي، إذ في الوقت الذي ينتظر الرأي العام توضيحات حول مستوى التنمية البشرية بالمغرب، لأن المواطن يرى بعينه ماذا تقدم وما هي الأوضاع التي لم تتغير، يصر المسؤولون المغاربة على انتقاد التقرير، وكأن المعايير تعتمد على المغرب فقط من دون جميع الدول العالمية. وأكد وزير الاتصال الناطق الرسمي باسم الحكومة خالد الناصري أن المغرب متشبث بضرورة تغيير المعايير المعتمدة في التصنيف الدولي لمؤشرات التنمية البشرية. واعتبر الناصري في رده على سؤال حول التقرير الأممي للتنمية البشرية الذي صدر مؤخرا، أن التقرير، يعتمد مقاييس «غير علمية» في تصنيف الدول وأنه «يتم القفز على عدد من العناصر التي ينبغي أن تؤخذ بعين الاعتبار». وأضاف أن هذه المؤشرات « لا تعكس واقع المجهودات» التي بذلتها الحكومة للاستجابة لمطالب المواطنين، وتغض الطرف عن المكتسبات التي حققها المغرب على المستوى السياسي والاقتصادي والاجتماعي. ولم يقتصر الهجوم على الحكومة فحتى المندوبية السامية للتخطيط التي من المفروض التي توضح للرأي العام أين هي أوجه الخلل في التنمية بالمغرب، تنظم هذه المؤسسة أيام دراسية لترد على تقرير عالمي سهر على إعداده خبراء من المجال. من جهته، اعتبر أحمد الحليمي، المندوب السامي للتخطيط، أن «اعتماد النمو كمعيار وحيد لقياس التنمية والتقدم الاجتماعي لا يكفي»، ودعا الحليمي خلال اليومين الدراسيين المنعقدين مؤخرا، في إطار المشاورات الجهوية حول التنمية البشرية في المنطقة العربية، المنظم بشراكة مع صندوق الأممالمتحدة الإنمائي، -دعا- إلى «تنويع مؤشرات التنمية البشرية، واعتماد مفاهيم»، منها «استدامة التنمية البشرية والموارد الطبيعية، والانسجام الاجتماعي والعنصر البشري». ويعبر المغرب دائما عن تحفظه على مؤشرات التنمية المعتمدة لإعداد تقارير التنمية البشرية، الذي يعده برنامج الأممالمتحدة للتنمية البشرية. فوارق ما زال المغرب يعرف العديد من المشاكل في القطاع التعليم والصحة، فضلا عن المؤشرات المقلقة في بعض القطاعات الاجتماعية. واعتبر تقرير «الحالة الاجتماعية بالمغرب» بأن رصد وضعية المؤشرات الاجتماعية التي حققها المغرب من خلال التقارير الدولية للسنة الماضية في مجالات الصحة والتعليم والولوج للماء الصالح للشرب، ومحاربة الأمية... ومقارنتها بما حققه بعض الدول العالم، يكشف حجم تخلف المغرب في المجال الاجتماعي بشكل عام وفي المجالين الصحي والتعليمي بشكل خاص، فالتطورات التي عرفها المغرب في هذا المجال مقارنة بالسنوات الماضية، تبقى غير كافية لأن الجهود المبذولة جد متواضعة وغير قادرة على تجاوز العجز الاجتماعي المتراكم في المجالين التعليمي والصحي منذ الاستقلال ومرورا بالثمانينات وإلى الآن. وحسب هذا التقرير الصادر عن المجلة المغربية للسياسات العمومية، فإن استمرار الاختلالات العميقة بين المجالات الحضرية والقروية لن يمكن أبدا من النهوض بالتنمية البشرية في المدى القريب والمتوسط، فتسريع وثيرة التطور الايجابي للمؤشرات الاجتماعية يستدعي على الأقل عقدا من الزمن على خلاف المؤشرات الاقتصادية. وما زال التنمية بالمغرب ضعيفة لاسيما في بعض الجهات. وأكد تقرير رسمي أن ثلاث جهات بالمغرب تستحوذ على حولي 41 في المائة من الناتج الداخلي الخام. وأكدت وزارة المالية والاقتصاد أن هناك تعميق اللاتوازن بين الجهات خصوصا على مستوى التشغيل، وتضخم ظواهر التهميش الاجتماعي، وانزلاق النمو الحضري، وتأثيرها السلبي على التنافسية الترابية لأغلبية المدن المغربية. وأوضح التقريرأن هناك غياب لتقطيع جهوي يوحد الظروف الملائمة لبناء هوية جهوية، يمكنها تكوين إطار مناسب لتحريك الساكنة، والإقلاع مع الأخذ بعين الاعتبار إمكانات الجهة، بالإضافة إلى نقص في تنظيم المؤسسة الجهوية التي لا تفي بجميع الوظائف (الهيكلة الترابية، وتخطيط التنمية الاقتصادية والتنمية الاجتماعية، والتسويق الإقليمي والمعلومات التجارية...). وأبرزت الوزارة في تقرير» الجهات المغرب: مساهمة قطاعية في خلق الثروات الوطنية»، أن هناك عجز على مستوى الموارد البشرية المؤهلة، وضعف الموارد المالية. ويتضح أنه في الوقت الذي استفادت فيه بعض الجهات من تطور وتنمية ما زالت بعض الجهات تراوح مكانها. بعض المؤشرات التي حصل عليها المغرب مقارنة مع أربع دول عربية ما زال المغرب يعرف صعوبات في العديد من مؤشرات التنمية البشرية، وعلى الرغم من تحسنه سنة 2011 مقارنة مع سنة 2010 فإن بعض البلدان تفوقت عليه، خاصة الدول العربية مثل تونس والأردن والجزائر ومصر. ومن بين التعثرات التي يعيش على وقعها المغرب، الوفيات دون الخامسة لكل 1000 مولود، إذ إنه يسجل 38 حالة وفاة لكل 1000 مولود خلال سنة 2009 مقارنة مع 32 وفاة بالجزائر و25 وفاة بالأردن و21 وفاة لكل من تونس ومصر. وفيما يتعلق بترتيب دليل الفوارق بين الجنسين، صنف المغرب في مراتب متأخرة خصوصا أنه احتل الرتبة 104 مقارنة مع تونس والجزائر والأردن الذين احتلوا مراتب متقدمة مقارنة معه. ما زال المغرب متأخر في مؤشر نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي(2009) إذ بلغ 4494 دولار مقارنة مع مصر 4494 دولار والجزائر 8172 دولار و الأردن 5597 دولار وتونس 8273 دولار. وما زال الإنفاق العام على التعليم بالمغرب ضعيفا مع البلدان العربية، بالإضافة إلى متوسط الدراسة الضعيف بالمغرب. وهو ما يؤشر على أن قطاع التعليم بالمغرب يراوح مكانه، وبالتالي تأثير ذلك على التنمية البشرية. ويبين التقرير ضعف الإنفاق العام على الصحة، وما زال هذا المؤشر يؤثر سلبا على المغرب، إذ ما زال القطاع يعرف العديد من التحديات. المؤشرات التي يعتمد عليها التقرير المقاييس المركبة 1 دليل التنمية البشرية وعناصره(دليل مركب يقيس متوسط الإنجازات في 3 أبعاد 2 اتجاهات دليل التنمية البشرية 1980 و2011 3 دليل التنمية البشرية معدلا بعامل عدم المساواة 4 دليل الفوارق بين الجنسين والمؤشرات المتعلقة به 5 دليل الفقر المتعدد الأبعاد أبعاد التنمية البشرية 6 الاستدامة البيئية 7 المخاطر البيئية على التنمية البشرية 8 مفهوم الرفاه والبيئة 9 التعليم والصحة 10 السكان والاقتصاد. المبادرة الوطنية للتنمية البشرية في صيغتها الثانية بلغ الغلاف المالي الذي رصد لتفعيل برامج المرحلة الثانية من المبادرة الوطنية للتنمية البشرية (2011-2015)، 17 مليار درهم. وتتمحور الخطوط العريضة للمرحلة الثانية من المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، والتي قدمها الطيب الشرقاوي منتصف هذه السنة، حول ثلاثة مبادئ رئيسية تهم تعزيز تجذر فلسفة المبادرة الوطنية للتنمية البشرية والتلاؤم مع أسسها، والاحتفاظ بالبرامج الأربعة لمرحلة 2006-2010، واعتماد برنامج جديد طموح مخصص ل«التأهيل الترابي» لفائدة ساكنة المناطق التي تعاني من العزلة. وتتميز المرحلة الثانية من المبادرة الوطنية للتنمية البشرية بتوسيع مجال عملها ليشمل 701 جماعة قروية ، بتطبيق عتبة 14 في المائة كمعدل للفقر بدل 30 في المائة التي همت الجماعات ال403، وتوسيع الاستهداف ليشمل 530 حيا حضريا مهمشا تابعا للمدن والمراكز الحضرية التي تتجاوز ساكنتها 20 ألف نسمة بدل 264 حيا تابعا لمدن تتجاوز ساكنتها 100 ألف نسمة، وإطلاق برنامج للتأهيل الترابي لفائدة 22 إقليما يعاني من العزلة. وبخصوص هذه البرامج الخمسة، أوضح وزير الداخلية أنه قد تم تخصيص غلاف مالي بقيمة 3,1 مليار درهم لتمويل مشاريع برنامج مكافحة الفقر بالوسط القروي، حيث يروم البرنامج، الذي تستفيد منه 701 جماعة قروية مستهدفة، الحفاظ على دينامية المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، وتحسين ظروف عيش سكان الوسط القروي، وتعزيز الولوج إلى التجهيزات الأساسية والخدمات الاجتماعية الأساسية. ويسعى برنامج محاربة الإقصاء الاجتماعي بالوسط الحضري، الذي يستفيد منه 530 حيا حضريا مستهدفا، ورصدت لإنجازه اعتمادات مالية بقيمة 3,4 مليار درهم، إلى مراكمة المكتسبات وتحسين الولوج إلى التجهيزات الحضرية الأساسية، وتعزيز الولوج إلى خدمات القرب العمومية. أما برنامج محاربة الهشاشة، والذي خصص لإنجاز مشاريعه غلاف مالي بقيمة1,4 مليار درهم، فإنه يهدف إلى توسيع الاستفادة لتشمل المصابين بداء السيدا والمدمنين الذين لا موارد لهم خلال الفترة ما بين 2011 و2015 ، ودعم نشاط المراكز المشيدة فعلا. ويروم البرنامج الأفقي، من خلال مشاريعه التي خصصت لها اعتمادات مالية بقيمة 2,8 مليار درهم، تعزيز قدرات النسيج الجمعوي، ومواكبة الفاعلين المكلفين بالتنمية البشرية عبر دعم أنشطة التكوين وتعزيز الكفاءات وأنشطة التواصل. ويستفيد من البرنامج الخامس الخاص بتأهيل المجال الترابي، والذي يبلغ الغلاف المالي الإجمالي المخصص له خمسة ملايير، حوالي مليون شخص من القاطنين ب 3300 دوار تابعين ل 22 إقليم. وعلى الرغم من المجهود الكبير الذي قام به المغرب للرفع من مؤشرات التنمية البشرية، والرفع من مؤشرات الجانب الاجتماعي، فإن المغرب ما زال متأخرا في السلم العالمي للتنمية البشرية ولعل أول سؤال يطرح نفسه بإلحاح هو السبب في اعتماد نفس البرامج الأولى، فضلا عن إمكانية الاحتفاظ بنقس المتدخلين، والمنهجية المعتمدة. ويرى متخصصون أنه يجب إعطاء أولوية للأنشطة المدرة للدخل على اعتبار أن تقييم التجربة الأولى الممتدة من 2005 إلى 2010 أثبتت خصاصا في هذا المجال. وعلى الرغم من استغلال بعض الأفراد هذه المبادرة من أجل الحصول على أموال لا غير بغض النظر عن الأهداف فإن سؤال الأهداف المحورية التي جاءت بها المبادرة تبقى غائبة في العديد من الأمثلة. من جهة أخرى، أبرزت المفتشية العامة للمالية أن هناك تأخر في استغلال مشاريع المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، إذ إن بعض المشاريع انتهت لكنها لم تستغل، بسبب قصور في توقعات تكاليف التسيير، بالإضافة إلى ضعف استغلال بعض المشاريع بسبب خطأ في تعبئة العقار أو اعتراض المالكين، وصعوبات بعض الشركاء في التعهد بالتزاماتهم، خصوصا في تعبئة الموارد البشرية من أجل تسيير المراكز المحدثة أو المهيأة، وتجهيزها ببعض التجهيزات الضرورية من أجل الاستغلال. وكشف الافتحاص الذي هم السنة الماضية، أن هناك تأخير في تنفيذ الأعمال، إذ سجل تدني قدرات إدارة المشاريع ويتخوف المسؤولون من استمرار الاختلالات التي طبعت الصيغة الأولى من المبادرة، لا سيما أن تقييم التجربة الأولى كشف عن بعض المشاكل والصعوبات. فهل ستتجاوز الصيغة الثانية هذه التحديات خصوصا أن نفس البرامج المعتمدة سابقا تمت بلورتها من جديد، فضلا عن برنامج جديد يهم المناطق الجبلية. شروط تحسين المؤشرات يرى فاعلون أن تحسين مؤشرات التنمية البشرية بالمغرب يقتضي إعطاء أولوية لقطاع الصحة والتعليم وتحسين آليات اشتغال القطاعات الاقتصادية حتى تسهم في خلق مناصب للشغل وترفع من دخل الفرد. وفي الوقت الذي يؤكد خبراء أن إعادة النظر في طريقة صرف الميزانيات الضخمة الممنوحة لوزارة التربية الوطنية التي تستأثر خلال السنوات الماضية بحصة الأسد، فضلا عن وضع حد للفساد المستشري في هذا القطاع وقطاعات أخرى، من أجل الوصول إلى تنمية. وأكد التقرير الدولي أن البديل هو الاستثمارات التي تنصف الجميع في الحصول على الطاقة من مصادر متجددة، والمياه النظيفة، والصرف الصحي، والرعاية في الصحة الإنجابية، تسهم في تحقيق الاستدامة والتنمية البشرية معا. وعمليات المساءلة والديمقراطية يمكن أن تسهم في تحقيق أفضل النتائج. والنهج الناجحة هي والنهج التي يعتمدها ويديرها المجتمع المحلي في إطار يضمن قيام مؤسسات شاملة لا تسقط الفئات المحرومة منحياباتها. ويظهر هذا التقرير أن النهج التي تحقق أفضل النتائج هي النهج التي تقوم على دمج الإنصاف في السياسات والبرامج وتمكين الشعوب من تحقيق التغيير في المجالات القانونية والسياسية.