أعلن محمد الأمين الصبيحي، وزير الثقافة، عن عزم وزارته تسطير سياسة جديدة للقراءة والكتاب، تشكل المكتبات والخزانات العمومية أحد أعمدتها الأساسية، وبمساهمة كل المعنيين، مسؤولين عموميين، إعلاميين، خواصَّ ومثقفين، باعتبارهم شركاءَ في ورش الإصلاحات القائمة على ثقافة القُرب والتَّشارك. وتحدث الوزير في ندوته الصحافية اليوم،بتفصيل حول أنشطة المعرض الدولي للكتاب، الذي يفتتح غدا بمدينة الدارالبيضاء،برعاية ملكية، تحت شعار " وقت للقراءة، وقت للحياة"، متسائلا ، في نفس الوقت، حول وقع هذه التظاهرة الثقافية وتأثيرها الحقيقي على المشهد الثقافي عموما وعلى الكاتب والكتاب بوجه خاص. وعبر عن الإرادة في إعطاء هذه التظاهرة الثقافية نفسا جديدا، "وذلك من خلال إعادة صياغة مهامها ووظائفها بشكل يروم دعم المكونات المرتبطة بمختلف حلقاتها، وأساسا المبدع- المنتج والقارئ – المتلقي والكتبي والناشر المروجان، سعيا وراء مواكبة مجال القراءة والنشر لمتطلبات الاندماج في مجتمع المعرفة والمعلوميات ليس كشعارات نرددها في كل مناسبة، ولكن كمقاربة وعمليات يسطر لها." وزاد موضحا، إن تعبئة ما يفوق 700 عارض ومشاركة جل دور النشر المغربية وتنظيم فضاءات للندوات الفكرية بمشاركة نخبة من المفكرين والمبدعين واستقبال ما يفوق 200000 زائر أمر لا يمكن أن يستهان به، بل عكس هذا ينبغي تثمينه والاعتزاز به. وبعد ان تساءل مرة اخرى:"هل يندرج هذا المعرض في سياسة واضحة المعالم تروم توسيع مجال القراءة بالمغرب إن على المستوى المجالي أو على المستوى الاجتماعي؟" أجاب أن تقريرا صدر مؤخرا عن منظمة اليونسكو بخصوص القراءة أكد أن متوسط زمن القراءة السنوي لكل فرد في الدول الغربية يناهز 200 ساعة ، في الوقت أن هذا المتوسط في الدول العربية لا يتعدى ثمان دقائق ( ولاشك أننا في المغرب ضمن هذا المتوسط الهزيل). ومن هذا المنطلق، يضيف الوزير، ندرك جميعا أن أي تظاهرة تخص القراءة والكتاب ( وخصوصا منها التظاهرات من حجم معرض دولي) عليها أن تقاس كذلك بمدى تأثيرها المباشر على توسيع مجال القراءة والمعرفة ببلادنا ، لنتجاوز النظرة النخبوية الضيقة للمسالة الثقافية . ولتنفيذ هذه الرؤية، أعلن الوزير، عن عزم وزارته تسطير سياسة جديدة للقراءة والكتاب، تشكل المكتبات والخزانات العمومية أحد أعمدته الأساسية وذلك من خلال هذه المحاور: -العمل على تسطير وبلورة مخطط وطني يسعى إلى تمكين كل الجماعات الترابية والمحلية من خزانات تستجيب للطلب المحلي بشراكة مع الجماعات المحلية ومنظمات المجتمع المدني. - العمل على تأسيس شبكة للخزانات المحلية والجهوية تقودها" المكتبة الوطنية للمملكة المغربية". تطوير برامج العمل بقوافل الكتاب في المناطق النائية، مع صيانة وتجهيز وتأطير الخزانات القائمة، وفق معايير عصرية . - العمل على جعل المعرض الدولي تتويجا لمعارض جهوية بمواعيد قارة تقام طيلة السنة بمستوى متقدم. - وضع آليات لدعم الكتبيين الساهرين على توزيع الكتاب في المدن والأحياء ( عبر مثلا إلزام المؤسسات الوطنية من اقتناء الكتب من هؤلاء الكتبيين بدل اللجوء إلى الشركات الأجنبية الكبرى). - وضع تصور جديد في مجال التكوين والتكوين المستمر للارتقاء بمهن الكتاب والنشر، ولخلق الشروط المحفزة على القراءة، - اعتماد مخطط عمل متدرج لمعالجة ورقمنة المخطوطات والمطبوعات وتطوير الكتاب الرقمي. - العمل، عبر اتفاقيات شراكة مع كل من وزارة التربية الوطنية ووزارة الشباب، على إدماج الخزانات المدرسية في الإيقاعات المدرسية، ومشاريع المؤسسة، وربطها بالفعل التربوي وتطوير كفايات المتعلمين، علما أن جل المؤسسات التعليمية تتوفر على خزانة مدرسية، لكن نادرا ما يتم اللجوء إليها لان الخزانة المدرسية لا تدخل في الزمن المدرسي ولا في عمليات التقويم. وقد انتقد الوزير، وضع الخزانات المدرسية، واصفا إياها ب" الكارثة العظمى"،قليلا مايتردد عليها التلاميذ،إذ تكون في الغالب موصدة بباب حديدي مغلق، رغم توفرها على المراجع والكتب. ونوه بالمملكة العربية السعودية، ضيف شرف الدورة، تكريسا وتمتينا لأواصر الأخوة ودعائم التعاون والتبادل الثقافي القائمة بين البلدين ، وتقديرا للإنتاج الثقافي السعودي المسهِمِ في إثراء التراكم الثقافي العربي. وحضرت الندوة وجوه ثقافية معروفة تمثل مؤسسات ثقافية مثل اتحاد كتاب المغرب، وبيت الشعر، وائتلاف الثقافة والفنون، وجمعية الناشرين، وغيرها بما يعني أن وزارة الثقافة في عهدها الراهن فتحت أبوابها للتعاون مع جميع الفعاليات والحساسيات الثقافية، عكس الفترة السابقة التي اتسمت بنوع من التشنج، بلغ أحيانا حد المقاطعة.