استبق رئيس الحكومة المغربية الجديدة القيادي في حزب «العدالة والتنمية» الإسلامي عبدالإله بن كيران، الجولة الجديدة من المفاوضات غير الرسمية في شأن الصحراء الغربية المقررة مطلع الشهر المقبل، بتأكيد التمسك بخطة الحكم الذاتي التي طرحتها الرباط قبل خمس سنوات إطاراً لإقرار الحل. وشدد بن كيران لدى عرضه برنامج حكومته أمام البرلمان بغرفتيه (مجلس النواب ومجلس المستشارين)، على أن الدفاع عن السيادة والوحدة الوطنية «يعتبر أولوية الأولويات في برنامج الحكومة». وستكون جولة المفاوضات، وهي التاسعة التي تجرى برعاية الأممالمتحدة ، أول تعاطي وزير الخارجية الجديد سعد الدين العثماني مع تطورات نزاع الصحراء، إذ يرجح أن يشارك إلى جانب مسؤولين مغاربة في الجولة التي كانت أرجئت لانشغال الرباط بالانتخابات التشريعية. وكانت آخر جولة التأمت صيف العام الماضي من دون إحراز تقدم كبير، لكنها أفسحت في المجال أمام بلورة صيغة جديدة يتبناها الموفد كريستوفر روس لناحية إشراك صحراويين جدد في المفاوضات، إلى جانب جبهة «بوليساريو» التي تتمسك بإجراء استفتاء لتقرير المصير. وفي سياق متصل، كان ملف الصحراء والعلاقات المغربية - الأوروبية والأوضاع في منطقة شمال أفريقيا ضمن المحاور التي ناقشها رئيس الحكومة الاسبانية ماريانو راخوي خلال المحادثات التي أجراها مع العاهل المغربي الملك محمد السادس أول من أمس واتسمت، وفق مصادر متطابقة، ب «التزام مشترك لمعاودة بناء الثقة وفتح صفحة جديدة في العلاقات». وأكد راخوي، الذي حرص على إحياء تقليد اختيار المغرب أول محطة في زيارته الخارجية بعد توليه الحكومة، أنه يعتبر نفسه «صديقاً للمغرب»، مشيراً إلى أنه سيراهن على بلورة «تعاون متبادل وأفضل». ودعا إلى الإفادة من الوضع الجيو- استراتيجي الذي يحظى به البلدان المتواجدان في إفريقيا وأوروبا وبين الساحلين الأطلسي والمتوسطي. وأعرب عن ارتياحه لمحادثاته مع بن كيران التي شملت مجالات التعاون الاقتصادي والثقافي والعلاقات بين المغرب والاتحاد الأوروبي، في إشارة إلى اتفق الصيد الساحلي العالق. من جهته، قال بن كيران بعد أول محادثات مع مسؤول أجنبي يزور المغرب منذ تعيينه، إن علاقات بلاده وإسبانيا «لا يمكن أن تسير إلا في اتجاه واحد هو تحسينها إلى أقصى درجة». ووصف المحادثات بأنها «ناجحة وتمهد لسلة لقاءات مرتقبة، ولا نملك إلا أن نهنئ أنفسنا كبلدين على هذه الانطلاقة الجيدة». وأعلن الاتفاق على عقد اللجنة المشتركة العليا لاحقاً. وكان بن كيران تعهد أيضاً لدى عرض برنامج حكومته أمام البرلمان «دعم الخطاب الديني المعتدل وتعزيز الهوية الوطنية الموحدة، في إطار الانفتاح على الثقافات والحضارات والتمسك بالمرجعية الإسلامية». وقال إن محاور البرنامج الذي يطرحه بهدف حيازة ثقة المؤسسة التشريعية يرتكز على «دعم الهوية الموحدة وصون تنوع مكوناتها، وترسيخ دولة المؤسسات والقانون ونظام الجهوية (اللامركزية) المتقدمة والحكم الرشيد، إضافة إلى ربط المسؤولية بالمحاسبة وبناء اقتصاد قوي يضمن العدالة الاجتماعية والمنافسات المشروعة وتفعيل البرامج الاجتماعية في الصحة والسكن والتعليم». وشدد على «تعزيز دور العلماء في مجال الدعوة والإرشاد وتخليق الحياة العامة والاستمرار في سياسة هيكلة الحقل الديني في المساجد ومؤسسات التعليم العتيق»، مؤكدا أن «إمارة المؤمنين (المنصب الذي يشغله الملك في المغرب بموجب الدستور) تلعب دوراً حيوياً في هذا النطاق لصون المقومات وحفظ الاستقرار الروحي». وشدد على التزام حكومته النهوض باللغتين العربية والامازيغية وفق مقتضيات الدستور الجديد في إطار حفظ الوحدة والتنوع والانفتاح على باقي اللغات، متعهداً «استثمار تنوع الثقافة المغربية ورافدها الغنية كدعامة لتعزيز الهوية الوطنية». وأكد أن «الحكومة عازمة على الانفتاح على محيطيها الإقليمي والعالمي».