سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
أمين عام الاتحاد من أجل المتوسط: بإمكان اتحادنا القيام بدور حيوي في دعم مسيرة التحول الديمقراطي بدول جنوب المتوسط يوسف العمراني في حوار مع «الشرق الأوسط»: لا نفرض أي شروط مسبقة على الدول الأعضاء
قال يوسف العمراني، الأمين العام للاتحاد من أجل المتوسط، إن الاتحاد يمكنه القيام بدور حيوي في دعم مسيرة التحول الديمقراطي في دول جنوب المتوسط، ومعالجة الاختلالات الهيكلية بين شطري المتوسط، من خلال وضع برامج ومشاريع إقليمية وشبه إقليمية تهدف إلى زيادة الاستثمارات في القطاعات التي تولد فرص عمل جديدة في جنوب المتوسط، وتخفف من حدة البطالة وما يتبعها من مشكلات اجتماعية، بالإضافة إلى تعميق الحوار بين الجانبين وتنمية فرص التقارب بينهما وتعزيز التعاون الإقليمي. وأوضح العمراني، في حديث هاتفي أجرته معه «الشرق الأوسط»، من مقر الأمانة العامة للاتحاد في مدينة برشلونة الإسبانية، إن تحقيق التنمية الشاملة في منطقة المتوسط لن يكتب له النجاح بشكل كامل إلا بإرساء دعائم السلام والاستقرار وتسوية الصراع العربي - الإسرائيلي. وأشار العمراني إلى أنه يتطلع إلى أن يلبي الاتحاد المطالب التنموية لدول جنوب المتوسط، وعلى رأسها توفير فرص عمل جديدة، والتركيز على المشاريع القادرة على جذب رؤوس الأموال، وتشجيع القطاع الخاص على الاهتمام بقطاعات التعليم والصحة ومشاريع الطاقة المتجددة، التي تسهم في نقل التكنولوجيا. بيد أن العمراني أوضح أن ذلك يتطلب وضع برامج ومشاريع تستهدف تنفيذ خطة الألفية بالنسبة لمنطقة المتوسط، خصوصا في ما يتعلق بالحد من الفقر ورفع مستويات المعيشة، والحفاظ على البيئة ودفع جهود التنمية المستدامة. وذكر العمراني، وهو سفير ووكيل سابق لوزارة الخارجية المغربية، أن تمويل مشاريع الاتحاد يمثل أهم التحديات التي ستواجه أمانته العامة، إلا أنه أوضح أن هناك عدة مؤشرات إيجابية تعكس اهتمام مؤسسات التمويل الدولية والقطاع الخاص بتوجيه استثماراتها إلى المشاريع المقترح تنفيذها في إطار الاتحاد، إدراكا منها بما تمثله من فرص واعدة لتحقيق أرباح. وحول ما يراه البعض من كون الاتحاد يدعو إلى تنفيذ مشاريع مشتركة بين الدول العربية وإسرائيل، قال العمراني إن الاتحاد لا يفرض أي شروط مسبقة على الدول الأعضاء، ويتيح الحرية الكاملة لها في الدخول في المشاريع التي تتفق مع مصلحتها الوطنية، وفقا لمبدأ السرعات المتفاوتة، الذي يعد من أبرز المبادئ التي استحدثها الاتحاد، خصوصا أنه يتيح لأي مجموعة من الدول تتفق على الدخول في مشروع للتعاون في ما بينها الحصول على دعم الاتحاد بصرف النظر عن مشاركة بقية الدول في هذا المشروع. وفي ما يلي نص الحوار.. * لقد توليتم الأمانة العامة للاتحاد من أجل المتوسط منذ 3 أشهر، فهل لكم أن تشرحوا لنا الرؤية الجديدة التي يطرحها الاتحاد؟ - لقد تأسس الاتحاد من أجل المتوسط على فلسفة واضحة تؤمن بوحدة مصير منطقة المتوسط، وتؤكد استحالة التوصل إلى حلول جذرية لمشكلاتها التنموية وتحقيق الاستقرار فيها ما لم تتضافر الجهود على ضفتي المتوسط لاستغلال الموارد المتوفرة الاستغلال الأمثل. لذلك يطرح الاتحاد من أجل المتوسط رؤية جديدة وعملية تهدف إلى الارتقاء بالتعاون بين دول الاتحاد الأوروبي ودول حوض المتوسط إلى مستويات أكثر طموحا، لا سيما في ضوء تلاقي تلك الدول حول العديد من القواسم المشتركة، وارتباطها بأواصر تعاون وطيدة تتجاوز الحدود السياسية إلى إطار أعمق من المصالح المتبادلة. * في تقديرك، كيف يمكن أن يسهم الاتحاد من أجل المتوسط في تحقيق هذه الأهداف، لا سيما في ضوء التطورات الأخيرة التي تمر بها دول جنوب المتوسط؟ - يمكن أن يسهم الاتحاد من أجل المتوسط في تحقيق هذه الأهداف من خلال اضطلاعه بدور محوري في إدارة البعد الإقليمي للشراكة الأورومتوسطية وسياسة الجوار الأوروبي الجديدة. إن منطقة المتوسط تشهد واقعا جديدا يتطلب ضرورة تحقيق المزيد من الاتساق بين الأطر (الكوادر) الإقليمية القائمة لضمان نجاح الأنشطة التي يتم تنفيذها، وحتى يمكن وضع حلول واقعية للمشكلات التي تواجه شعوب المنطقة كالفقر والبطالة والتطرف والهجرة غير المشروعة. لذلك فإن الاتحاد من أجل المتوسط يمكنه القيام بدور حيوي في دعم مسيرة التحول الديمقراطي في دول جنوب المتوسط، ومعالجة الاختلالات الهيكلية بين شطري المتوسط، من خلال وضع برامج ومشاريع إقليمية وشبه إقليمية تهدف إلى زيادة الاستثمارات في القطاعات التي تولد فرص عمل جديدة في جنوب المتوسط وتخفف من حدة البطالة وما يتبعها من مشكلات اجتماعية، بالإضافة إلى تعميق الحوار بين الجانبين وتنمية فرص التقارب بينهما وتعزيز التعاون الإقليمي. * هل ما أجل ذلك تمت دعوة الاتحاد من أجل المتوسط للمشاركة في اجتماعات «شراكة دوفيل»؟ - بالفعل.. لقد صدر عن قمة مجموعة ال8 التي عقدت في دوفيل إعلان حول «الربيع العربي» تضمن فقرة حول دور الاتحاد من أجل المتوسط في مساعدة دول جنوب المتوسط التي تمر بمرحلة انتقالية على الاندماج في الاقتصاد العالمي من خلال زيادة الاستثمارات الموجهة إليها وتنفيذ مشاريع تحقق عائدا ملموسا للشعوب. ولذلك تمت دعوة الأمانة للمشاركة في اجتماع وزراء خارجية دول «شراكة دوفيل»، الذي عقد في نيويورك يوم 20 سبتمبر (أيلول) الماضي، والاجتماعات التحضيرية، التي سبقته في باريس. ولقد وقعت على هامش هذا الاجتماع على إعلان مشترك مع الأمناء العامين لكل من الأممالمتحدة وجامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، أكدنا فيه على تعزيز التنسيق والتعاون في ما بيننا، وفقا لولاية كل منا، لدعم «شراكة دوفيل» والأهداف التي ترمي إليها. * لقد شاركتم كذلك في اجتماعات حول ليبيا.. ماذا استخلصتم منها؟ - لقد شاركت في الاجتماع الذي دعا إليه الرئيس الفرنسي، نيكولا ساركوزي، ورئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون يوم 1 سبتمبر 2011 في باريس، ثم شاركت في الاجتماع، الذي دعا إليه أمين عام الأممالمتحدة يوم 20 سبتمبر في نيويورك. وأكدت خلال تلك الاجتماعات أهمية إعادة إدماج ليبيا في منطقة المتوسط بشكل خاص والمجتمع الدولي بشكل عام، لا سيما في ضوء ما تمثله من أهمية كجسر بين المشرق والمغرب. وأكدت كذلك خلال تلك الاجتماعات استعداد أمانة الاتحاد من أجل المتوسط لتقديم الدعم اللازم لمساعدة الحكومة الليبية الجديدة في عملية إعادة البناء، خصوصا أن المشاريع الإقليمية التي تعكف الأمانة على دراستها حاليا في المجالات المختلفة كالطاقة المتجددة والنقل يمكن استفادة ليبيا منها. * وماذا بشأن دعوتكم مجموعة من الشخصيات البارزة للحديث عن مستقبل منطقة المتوسط ودور الاتحاد من أجل المتوسط؟ - أعتزم توجيه الدعوة إلى عدد من الشخصيات المرموقة على الصعيدين العربي والأوروبي لعقد اجتماع في مقر الأمانة للاستفادة من خبراتهم في وضع تصور لمستقبل منطقة المتوسط، في ضوء التطورات الناتجة عن «الربيع العربي» والأزمة الاقتصادية التي تعاني منها أوروبا، بالإضافة إلى بحث سبل إدماج فاعلين جدد في الشراكة الأورومتوسطية. * ما هي المبادئ الرئيسية التي يقوم عليها الاتحاد من أجل المتوسط؟ - يستند الاتحاد من أجل المتوسط على مجموعة من المبادئ تعد بمثابة نقلة نوعية كبيرة في توجيه مسار التعاون الأورومتوسطي ونتائجه. ويعد أول تلك المبادئ قيام الاتحاد على الملكية المشتركة بين شطري المتوسط، بحيث تقف دول جنوب المتوسط على قدم المساواة مع الدول الأوروبية في توجيه التعاون الأورومتوسطي، على عكس الإطار التقليدي الذي كثيرا ما حكم علاقات أوروبا بمنطقة المتوسط، حيث حول دول الجنوب مع مرور الوقت إلى موقع المتلقي للمساعدات والتمويل دون التمتع بقدرة حقيقية على تسيير هذا الإطار من التعاون. * هل لك أن تعطينا لمحة سريعة عن نشاط الأمانة العامة في المرحلة المقبلة؟ - تقوم المهمة الرئيسية للأمانة على تحديد المشاريع الجديدة في مجالات نشاطها، ومتابعة عملية تنفيذها، والترويج لها، بالإضافة إلى البحث عن شركاء ومصادر تمويل لتنفيذها. وأود بهذه المناسبة أن أشير إلى الأهمية التي توليها الأمانة العامة للاتحاد من أجل المتوسط في نشاطها لعدد من القوى الفاعلة كالبرلمانيين والمجتمع المدني والشباب والمرأة والقطاع الخاص، وذلك في ظل تصاعد دورهم في المجتمعات المتوسطية وإسهاماتهم الإيجابية في دفع عملية التنمية والتوصل إلى حلول للمشكلات المختلفة التي تواجه منطقة المتوسط. * وما هي المشاريع التي تم اعتمادها في مجال التنمية؟ - لقد تم في يونيو (حزيران) الماضي اعتماد مشروع يهدف إلى إنشاء محطة لتوفير 100 مليون متر مكعب من المياه العذبة لقطاع غزة بتكلفة قدرها 310 ملايين يورو، وفي سبتمبر 2011 تم اعتماد مشاريع أخرى في مجالي التعليم العالي والمواضيع الاجتماعية. وسوف تواصل الأمانة العامة جهودها المكثفة خلال المرحلة القادمة لتحقيق الأهداف المرجوة، لا سيما بالنسبة لبدء تنفيذ عدد من المشاريع تعكس احتياجات وأولويات الدول الأعضاء، وتحقق عائدا واضحا تلمسه شعوب منطقة المتوسط، فضلا عن الإسهام في تحقيق السلام والاستقرار، ودفع جهود التنمية الاقتصادية. * وما هو الهدف الرئيسي من تنفيذ هذه المشاريع؟ - إننا نتطلع إلى أن يلبي الاتحاد من أجل المتوسط المطالب التنموية لدول جنوب المتوسط، وعلى رأسها توفير فرص عمل جديدة، والتركيز على المشاريع القادرة على جذب رؤوس الأموال، وتشجيع القطاع الخاص على الاهتمام بقطاعات التعليم والصحة ومشاريع الطاقة المتجددة التي تسهم في نقل التكنولوجيا. ويتطلب الأمر وضع برامج ومشاريع تستهدف تنفيذ خطة الألفية بالنسبة لمنطقة المتوسط، خصوصا في ما يتعلق بالحد من الفقر ورفع مستويات المعيشة، والحفاظ على البيئة ودفع جهود التنمية المستدامة. * وماذا عن توفير مصادر التمويل اللازمة لتنفيذ هذه المشاريع؟ - لا شك أن تمويل مشاريع الاتحاد من أجل المتوسط يمثل أهم التحديات التي ستواجه الأمانة العامة، إلا أن هناك عدة مؤشرات إيجابية تعكس اهتمام مؤسسات التمويل الدولية والقطاع الخاص بتوجيه استثماراتها إلى المشاريع المقترح تنفيذها في إطار الاتحاد من أجل المتوسط، إدراكا منها بما تمثله من فرص واعدة لتحقيق أرباح. وفي المقابل، فإن هذه الاستثمارات ستساعد على توفير فرص عمل جديدة والتخفيف من حدة البطالة وما يتبعها من مشكلات اجتماعية. كما يهمني في السياق ذاته أن أعبر عن سعادتي لبدء نشاط صندوق «INFRAMED» لتمويل مشاريع البنية الأساسية، الذي يطرح صيغة جديدة للتعاون تشارك فيها 3 مؤسسات تمويلية من الشمال، ومؤسستان من الجنوب إحداهما مغربية والأخرى مصرية. ويعد هذا الصندوق، الذي بدأ بتمويل مبدئي قدره 400 مليون يورو ويستهدف الوصول إلى مليار يورو، نموذجا ناجحا للتعاون بين الشمال والجنوب في تمويل المشاريع الضخمة. * لكن الأوضاع الراهنة في منطقة الشرق الأوسط لا تساعد الاتحاد من أجل المتوسط على تحقيق الأهداف التي يرمي إليها.. - إن تحقيق التنمية الشاملة في منطقة المتوسط لن يكتب له النجاح بشكل كامل إلا بإرساء دعائم السلام والاستقرار وتسوية القضية المركزية أي الصراع العربي–الإسرائيلي. وفي هذا الإطار أود أن أشير إلى أن الاتحاد من أجل المتوسط واجه العديد من الصعوبات على مدى عاميه الأولين بسبب التوترات السياسية في المنطقة. لذلك فإن تحقيق السلام العادل في منطقة الشرق الأوسط يظل مطلبا رئيسيا لتهيئة الأجواء المواتية لدفع التعاون الأورومتوسطي إلى الأمام وتحقيق أهداف الاتحاد من أجل المتوسط. * لكن البعض يرى أن الاتحاد من أجل المتوسط يدعو إلى تنفيذ مشاريع مشتركة بين الدول العربية وإسرائيل؟ - إن الاتحاد من أجل المتوسط لا يفرض أي شروط مسبقة على الدول الأعضاء، ويتيح الحرية الكاملة لها في الدخول في المشاريع التي تتفق مع مصلحتها الوطنية وفقا لمبدأ السرعات المتفاوتة، الذي يعد من أبرز المبادئ التي استحدثها الاتحاد من أجل المتوسط، خصوصا أنه يتيح لأي مجموعة من الدول تتفق على الدخول في مشروع للتعاون في ما بينها الحصول على دعم الاتحاد من أجل المتوسط بصرف النظر عن مشاركة بقية الدول في هذا المشروع. * ما هي الرسالة التي تريد توجيهها للدول الأعضاء في الاتحاد؟ - أود أن أؤكد أن عالمنا اليوم يشهد بزوغ التكتلات الاقتصادية الضخمة مثل «النافتا» وتجمع «آسيان»، ومن ثم يجب التركيز على دعم مسيرة الاندماج الاقتصادي في إطار المتوسط والعمل من أجل إنشاء منطقة أورومتوسطية للتجارة الحرة، حتى يمكن لهذه المنطقة تدعيم موقعها على الساحة الدولية إلى جانب التكتلات الأخرى. ولا شك أن انخراط دول منطقة المتوسط في هذه العملية رغم تعقيداتها وصعوباتها سوف يساعد على تعزيز العمل الإقليمي المشترك في منطقة المتوسط، وما يمثله من فرص واعدة لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية، فضلا عن الإسهام في إيجاد حلول للعديد من المشكلات التي تواجه شعوب المنطقة. وخير مثال على ذلك هو «إعلان أغادير»، الذي وقعت عليه 4 دول عربية في جنوب المتوسط لإنشاء منطقة للتبادل الحر في ما بينها مما أدى إلى مضاعفة التبادل التجاري، ودفع عملية التنمية الصناعية.