عاشت موريتانيا أمس يوما آخر ثقيلا من أيامها الحالية المتسمة بالقلق العام، الناجم عن اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية دون التوصل لأي توافق ملموس بين نظام الرئيس محمد ولد عبد العزيز والمعارضة الجادة المجتمعة بأحزابها العشرين ومنظماتها الجمعوية وبنقاباتها في منتدى الديمقراطية والوحدة. ويتابع شعب موريتانيا، وهو شعب متسيس كما هو معلوم، البورصة السياسية بحذر وأيديه على القلوب، مراقبا صعود ونزول زئبق التشاؤم والتفاؤل في مقياس الحوار المرتقب الذي يقرب حينا ويبتعد أحيانا أخرى. وتحدث هذه التفاعلات، فيما أكدت مصادر ديبلوماسية غربية في نواكشوط أمس للقدس العربي، ‘أن فرنساوالولاياتالمتحدة وهما بلدان شريكان عن قرب للنظام الحاكم، قد وجها نصائح لطرفي النظام والمعارضة، بالسعي الجاد للتوافق والقبول في سبيل ذلك بما يلزم من تنازلات ولو كانت مؤلمة'. وأشارت المصادر إلى ‘أن الولاياتالمتحدة ألمحت للنظام الحاكم بأنها غير راضية عن إجراء انتخابات رئاسية خارج التوافق'. وأوضحت ‘أن هذا الموقف يمليه حرص باريس وواشنطن على استقرار النظام الموريتاني الحالي لانسجام ذلك الاستقرار مع مصالح البلدين في المنطقة'. هذا وتابع منتدى الديمقراطية والوحدة المعارض أمس الخميس مشاوراته لتعيين ممثليه في الحوار الذي طلبته الحكومة والذي سيضم، إذا ما بدأ، ممثلين لأحزاب المعاهدة (المعارضة المقربة) إلى جانب مندوبي الأغلبية الحاكمة. وفيما ترفض المعارضة أي شروط مسبقة لهذا الحوار، أبلغ بيجل ولد هميد رئيس حزب الوئام وهو من أحزاب المعارضة المقربة، أمس لمنتدى المعارضة الجادة رسالة من الرئيس ولد عبد العزيز مفادها أن ‘كل شيء قابل للنقاش في الحوار المرتقب، سوى مسألتين هما تأجيل الانتخابات ولو ليوم واحد وتشكيل حكومة تحت أي مسمى كان'. واستغرب محمد ولد مولود رئيس حزب اتحاد قوى التقدم المعارض في تصريحات صحفية أمس ‘بدء السلطات في عرض الشروط وتحديد مسؤولي الحزب الحاكم للخطوط الحمراء، قبل أن يبدأ الحوار'. وقال ‘إذا كان النظام جادا في محاورتنا فعليه أن يدخل معنا في حوار دون شروط مسبقة ثم نتفق في أول جلسة على جدول أعمال محدد، ثم نخصص الوقت الكافي لمناقشة الأمور حتى نصل لوفاق'. وأكد ‘أن ما رشح من تصريحات حتى الآن يشير إلى أن السلطة تريد حوارا شكليا حيث تسعى للتحكم مسبقا في عدد من الأمور لتترك الفتات للمعارضة وهذا ما لن تقبله المعارضة'، حسب قوله. وأشار محمد ولد مولود وهو الذي قاد طرف المعارضة في حواري داكار 2009 ونواكشوط 2011، إلى ‘أن السلطة لا يمكن أن تمنع المعارضة من طلب أي شيء، كما أن المعارضة لا يمكنها أن تفرض على السلطة أي شيء وعلى الطرفين أن يتفاوضا بجد، أما إذا كانت السلطة غير جادة فلترحنا لنترك الشعب الموريتانيا يحكم على من سيفوت الفرصة'. وأكد ‘ ان على السلطة أن تفهم أن الانتخابات الرئاسية المقبلة تختلف عن انتخابات 2009، لأن الانتخابات المقبلة مصيرية بالنسبة لمستقبل موريتانيا وشعبها'. وأشار ولد مولود إلى أن ‘الظروف الحالية صعبة للغاية فالشعب يعاني من الجوع والبطالة ويعاني من الظلم وانعدام العدالة وهو يعيش وضعا قابلا للانفجار بسبب المشاكل الأمنية المطروحة والمعلومة لدى الجميع، وبسبب ما يهدد الوحدة الوطنية من مؤشرات مقلقة'. يذكر أن الحوار المرتقب بين النظام الحاكم في موريتانيا ومعارضيه تحيط به وتتحكم في نتائجه، سياقات وتحولات محلية وإقليمية هامة، بينها انطلاقة البرلمان المنبثق عن انتخابات تشرين الثاني / نوفمبر البلدية والنيابية التي شاركت فيها أحزاب معارضة مقربة وقاطعتها أغلب أحزاب المعارضة الديمقراطية الجادة؛ ومن بين هذه السياقات استهداف إسلاميي موريتانيا عبر حظر أكبر جمعية دعوية في موريتانيا تمثل الوجه الدعوي والفكري للتيار الإسلامي الذي كان من أبرز الفائزين في الانتخابات البلدية والبرلمانية الأخيرة'. ولعل التحول الكبير الذي سيؤثر حتما على الحوار هو تشكل أكبر تجمع لمعارضي النظام منذ انقلاب 2008 وهو منتدى الوحدة والديمقراطية الذي يضم قرابة عشرين حزبا سياسيا وعددا معتبرا من المركزيات النقابية والهيئات الحقوقية ، إضافة إلى عدد من الشخصيات المرجعية المستقلة.