استجدت أمس الأربعاء في نواكشوط مؤشرات ما تزال ضعيفة، لاحتمال انطلاقة وشيكة لحوار بين النظام الحاكم في موريتانيا والمعارضة بشقيها المقرب والقصي. فقد التقى رئيس الوزراء الموريتاني مولاي ولد محمد الأغظف، بمبادرة منه، أمس بالشيخ سيدي احمد ولد بابامين رئيس منتدى الوحدة والديمقراطية (المعارضة الراديكالية)، وتباحث معه، حسب مصادر مطلعة، ‘حول البدء في حوار يفضي لتوافق حول الانتخابات الرئاسية المقبلة'. وأشارت مصادر ‘القدس العربي' إلى ‘أن الحكومة تريد حوارا سريعا وجامعا للأغلبية ومعارضة الوسط والمعارضة القصية، غير مربك لأجندتها'. وأكد مصدر في منتدى المعارضة ‘أن ولد بابامين رئيس المنتدى المعارض سلم لرئيس الوزراء أمس خلال المقابلة، عريضة المنتدى التي تتضمن المطالب والشروط والمقترحات التي ترى المعارضة أنها ‘ضرورية لإصلاح الأوضاع وإعادة موريتانيا إلى سكة النظام الديموقراطي التعددي الطبيعي'. وتتناول العريضة التي اطلعت عليها ‘القدس العربي'، مقترحات تخص الإشراف السياسي المحايد والمؤسسات القائمة على الانتخابات وحياد الإدارة ومتعلقات الجانب الفني. وتؤكد العريضة ‘أن الحكومة التوافقية ذات الصلاحيات الواسعة القادرة على منع تجيير المصالح والخدمات العمومية في المنافسة، تظل الخيار الأمثل، بناء على كل التجارب السابقة'. وأبرزت ‘حاجة المجلس الدستوري والإدارة العامة للسجل السكاني والوثائق المؤمنة واللجنة المستقلة للانتخابات والإدارات ذات الصلة، إلى إعادة التشكيل، حتى يحظى القائمون عليها بثقة الجميع′. وفصلت في ‘حياد الإدارة وما هو مطلوب فيه من قوانين ضابطة ومؤمنة من الاستغلال السياسي، مع تحرير للقوات المسلحة وقوات الأمن والصفقات العمومية من التحكم والتوظيف، إضافة لجعل وسائل الإعلام العمومية في وضع مهني وديمقراطي يسع الجميع′. وختمت ‘بمتطلبات التحضير المادي والفني للانتخابات، بما في ذلك مراجعة النصوص، وإكمال الإحصاء في السجل السكاني، ودقة وشفافية الملف الانتخابي، وإشراك الجميع في إعداد اللائحة الانتخابية'. هذا وأكد المنتدى الوطني للديمقراطية والوحدة في بيان نشره أمس ‘أنه وهو يقدم هذه العريضة، ليعلن استعداده لحوار جدي ومسؤول يؤدي إلى انتخابات توافقية تخرج البلاد من أزمتها الواضحة والناتجة عن التسيير الأحادي والعقلية الاستبدادية'. وأكد ‘أنه عازم على القيام بسلسلة من الفعاليات والأنشطة النضالية على مختلف المستويات وذلك حتى يتحقق مبتغاه في موريتانيا موحدة وديمقراطية ومتصالحة مع نفسها ومحيطها'. وناشد البيان ‘الشعب الموريتاني للمساهمة في إخراج الوطن من وضعيته الحالية نحو آفاق أرحب من الحرية والتقدم والاستقرار' . وحسب مراقبين مطلعين على هذا الشأن فإن ما يعرقل الحوار هو أن الحكومة لا تريد حوارا يؤجل الانتخابات عن موعدها المقرر مستهل يونيو القادم حسب الدستور، بينما ترى المعارضة أن الأزمة التي تمر بها البلاد تستلزم حوارا متئدا بادئا من الصفر، يؤدي لإصلاحات عميقة تنهي الأزمة التي تعتقد هذه المعارضة أن ‘موريتانيا تتخبط فيها منذ انقلاب 2008 الذي أطاح فيه الرئيس الحالي وقائد الحرس الرئاسي تاريخئذ، بالرئيس المنتخب ولد الشيخ عبد الله'. وكان رئيس المنتدى المعارض قد أكد في مؤتمر صحافي الثلاثاء'أن الجميع متفق على أن الظرف الزمني الدستوري الذي مازال يفصل عن تنظيم الانتخابات، ظرف ضيق ولا أحد ينكر أنه من الصعب أن تنجز فيه كافة الترتيبات العملية لانتخابات يراد لها ان تكون شفافة وتوافقية.' ونقل موقع ديلول الموريتاني المستقل عن مصدر في قيادة المعارضة تأكيده أمس ‘ أن المنتدى لن يتخلى عن العريضة التي قدمها للحكومة، وفي حال ما إذا ثبت رفض الحكومة لتأجيل الانتخابات وتشكيل حكومة لها صلاحيات واسعة للاشرف عليها فإن معنى ذلك أن النظام يسعى لفرض اجندته الأحادية، كما فرضها في انتخابات 2009 وفي الانتخابات التشريعية والبلدية الاخيرة، وهو ما لن يقبل به المنتدى أبدا'. ومع أن المعلومات شحيحة من الجانب الرسمي حيث لم تعلن وسائل الإعلام العمومية أي شيء عن مشاورات رئيس الوزراء الموريتاني مع أحزاب المعارضة، فقد نقلت صحيفة الأمل الجديد المستقلة ذات الاطلاع الواسع أمس عن مصدر مقرب من رئيس الجمهورية محمد ولد عبد العزيز قوله ‘إن رئيس الجمهورية مستعد لأي تنازل تطالب به المعارضة من شأنه أن يؤدي إلى مشاركتها ذات الإهمية البالغة لدى الرئيس في الانتخابات الرئاسية القادمة'. وأكد المصدر ‘أن مطالب المعارضة قابلة للتحقيق كليا بما في ذلك مطلب حل اللجنة المستقلة للانتخابات، وحتى مطلب حل البرلمان، وإعادة الانتخابات التشريعية، لكن هناك مطلبين يجب على المعارضة أن لا يتوقعوا من ولد عبد العزيز أي تنازل بشأنهما وهذان المطلبان هما: تأجيل الانتخابات الرئاسية وتشكيل حكومة توافقية'، معتبرا ‘أن هذين الموضوعين خط أحمر بالنسبة لولد عبد العزيز′. وانتقد المصدر، حسب الأمل الجديد، ما وصفه باستحواذ قدماء الحزب الجمهوري والعسكريين السابقين على المناصب المهمة في منتدى الديمقراطية والوحدة'، قائلا ‘إن هذا لا يشجع على الحوار معهم، وأن المعارضة التقليدية قد أخطأت لتخليها عن زمام المبادرة في المنتدى السياسي الحالي في الوقت الذي هي المعني الأول به'، على حد تعبيره.