رسم الرئيس السابق، اليمين زروال، خريطة طريق حول ما يجب أن تدفع إليه محطة 17 أفريل الانتخابية من خطوات يتعين الشروع فيها، بغضّ النظر عن الفائز في الاقتراع. ويرافع زروال من أجل أن تكون العهدة الرئاسية القادمة عهدة انتقالية يعاد فيها تصحيح الاختلالات التي جعلت الجزائر أمام أزمة سياسية واجتماعية خانقة بسبب العهدة الرابعة. ويلتقي زروال، في حديثه عن "العهدة الانتقالية"، مع العديد من الفاعلين السياسيين والشخصيات الوطنية التي دعت إلى مرحلة انتقالية يعاد فيها تكريس الحقوق السياسية والحريات التي تراجعت خلال فترة حكم بوتفليقة، بسبب الرتابة وتكلس منظومة الحكم، بعد مكوثها أكثر من 15 سنة. ورغم التباين في الطرح بخصوص مفهوم المرحلة الانتقالية، بين التصور الذي يطرحه الرئيس السابق زروال وبين الذي عرضه مولود حمروش أو أحزاب المعارضة الأخرى، غير أنه يلتقي في حلقة تعديل الدستور المقبل الذي يعد حجر الزاوية الذي بإمكانه أن يعيد تشكيل ما يسميه زروال "إجماع وطني حول رؤية متقاسمة بشأن مستقبل الجزائر"، بعدما نثرت العهدة الرابعة برئيس مريض حبات العقد. وعندما يتحدث زروال عن "العهدة الانتقالية"، ففي ذلك دعوة مستعجلة لضرورة عدم تشبث الرئيس بأحادية التفكير بخصوص ورشة مشروع التعديل الدستوري ووضعه على "مقاس الحاكم"، بل رسالة لتشكيل رؤية أخرى مخالفة عما وضعته لجنة كردون، التي نصبها بوتفليقة لتحضير وثيقة التعديل الدستوري، وهي أقرب إلى المجلس التأسيسي. ولم يعد هذا الأمر، حسب ما يفهم بين سطور رسالة زروال، خيارا أمام الرئيس بقدر ما هو ضرورة ملحّة وعاجلة، بعدما أصيبت كل مؤسسات الدولة ب«الترهل" وفقدان المصداقية، سواء في الحكومة أو في البرلمان أو القضاء. وضمن هذه الزاوية تأتي ملاحظة زروال بأن "تاريخ الديمقراطيات العريقة في العالم يعلّمنا بأن الدولة القوية هي تلك التي تستمد قوتها من التعايش مع سلطة مضادة قوية بدورها"، في إشارة منه إلى أن هناك فرقا بين ما يسميه مساندو الرئيس المرشح زورا "الاستقرار"، وبين ما يتطلع إليه الجزائريون من "تحقيق مكاسب جديدة على درب الديمقراطية"، وهي المعادلة المطروحة، اليوم، بقوة في الشارع، من خلال خروج الجامعيين والحقوقيين والمجتمع المدني احتجاجا على السلطة التي تريد إسقاط سلطة الشعب من الحسابات بغلقها اللعبة السياسية. وإذا كان زروال يرى بأن العهدة الرئاسية القادمة "تعتبر الفرصة الأخيرة التي ينبغي اغتنامها لوضع الجزائر على درب التحول الحقيقي"، فإن رئيس الحكومة الأسبق والمرشح المنسحب من الرئاسيات، أحمد بن بيتور، يرى أن السلطة ضيّعت فرصة التغيير "المتفاوض عليه"، وفتحت الباب للتغيير ب«العنف". وبين هذا وذاك فإن المسؤولية يتحملها بوتفليقة، سواء بسبب ما يسميه أبو جرة سلطاني "التقارير المغلوطة" التي توصل له من محيطه، أو لكونه ببساطة جيله "طاب جنانو" وفات وقته، لكنه ما يزال يطمع في وقت الآخرين.