قبل أسابيع، بدت الصحافة المصرية كأنّها دخلت في نفق. الكلّ يعزف نغمة واحدة هي الدفاع المستميت عن «ثورة يونيو»، والهجوم المستمرّ على أيّ موقف مرتبط بجماعة الإخوان المسلمين، حتى لو كان صاحب الموقف قد شارك في الثورة على الرئيس المعزول محمد مرسي، لكن ظهور تجارب صحافية أخيراً تقدّم خدمة مهنية مغايرة أعطى أملاً لكثيرين بتجاوز المرحلة الصعبة التي يعيشها الإعلام. موقع «بوابة يناير»، الذي انطلق مطلع العام الحالي بلا امكانات تقريباً، قدّم نموذجاً حقيقياً للقدرة على جذب الانتباه من خلال متابعات مختلفة، وبعدد محدود من المراسلين، الذين يعملون بنظام التطوّع حتى الآن. يتولى رئاسة تحرير الموقع عمرو بدر ومحمد الجارحي، وهو يتّخذ موقفاً سياسياً معارضاً لترشّح المشير عبد الفتاح السيسي لرئاسة مصر، لكنّه يلتزم المهنية في تناول الأخبار الخاصة بالمرشحين المحتملين، برغم انحياز القائمين عليه للمرشح حمدين صباحي. حقق «بوابة يناير» في أسابيعه الأولى العديد من الانفرادات، أبرزها كشف فضيحة استضافة القنوات المصرية حلاقا أميركيا يدعى «أميغو» باعتباره شخصية سياسية مرموقة في بلاد العام سام! قدّم الموقع الفرصة للعديد من الأسماء الجديدة في مجال كتابة الرأي، ممن أُغلقت أمامهم أبواب الصحف المطبوعة مثل رباب حسن، محمد بركات، مروة مأمون ووليد محبوب. وللمرة الأولى، يثبّت «بوابة يناير» على صفحته الرئيسية ما يُعرف بعدّاد الموت الذي يرصد يومياً ضحايا العنف من كل الأطراف في مصر. حتى الآن، يرفض القائمون على الموقع أيّ تمويل قد يؤثّر في سياسته التحريرية. على مسار مواز، حقّق موقع «زحمة دوت كوم» طفرة غير مسبوقة في عدد الزيارات خلال الأسابيع الثلاثة الأخيرة. الموقع الذي تولّى رئاسة تحريره أخيراً الكاتب والزميل محمد خير (الصورة) انطلق فعلياً عام 2001، وكانت مهمّته تقديم أبرز ما تنشره الصحف المصرية، لكن سياسة تحريره الجديدة تقوم على انتقاء أبرز التقارير والفيديوهات العربية والأجنبية وتقديمها بأسلوب جذاب إلى الجمهور، مما دفع القراء إلى الاهتمام بما ينشره. حتى إنّ انفراد الموقع قبل أيام بنشر قصة فيديو «الرقص في مصر الجديدة» حقّق 180 ألف زيارة في يوم واحد، مما دفع ترتيب الموقع على مستوى مصر من المركز ال6700 إلى 1295. كذلك نجح خالد البلشي صاحب التجربة في جريدة «البديل» في العودة إلى سوق الصحف المطبوعة من خلال جريدة «الوادي». تولّى البلشي مسؤولية رئاسة تحرير موقع «الوادي» قبل أشهر، حتى خرجت النسخة المطبوعة أخيراً إلى السوق صباح الثلاثاء الماضي وبعناوين لم تعهدها الصحف المصرية بعد عزل مرسي، من بينها ملفّ «ثوار ضد الإخوان في سجون 30 يونيو»، كما رصد الانتهاكات المخالفة للدستور بعد شهر واحد فقط من إقراره، وفرص المرشحين الأربعة الأبرز في السباق الرئاسي المرتقب.