انتقدت منظمة «هيومان رايتس ووتش» استمرار سوء معاملة المهاجرين من أفريقيا جنوب الصحراء من قبل السلطات المغربية، وأقرت في المقابل بتحسن معاملة اللاجئين منذ أن أعلنت الحكومة عن سياسة جديدة في مجال الهجرة واللجوء في سبتمبر (أيلول) الماضي. وقالت إن ترحيل المهاجرين بشكل جماعي نحو الحدود مع الجزائر توقف. وأفاد التقرير، الذي قدمت نتائجه خلال لقاء صحافي عقد أمس في الرباط، بأن بحثا أجرته المنظمة نهاية يناير (كانون الثاني) الماضي وبداية فبراير (شباط) الحالي في مدن وجدةوالناظوروالرباط، كشف أن قوات الأمن ما زالت تستخدم العنف ضد المهاجرين المطرودين من مدينة مليلية المحتلة من قبل إسبانيا. وكشف التقرير أن قوات الأمن الإسبانية تستخدم أيضا القوة المفرطة عند طرد المهاجرين بشكل جماعي من مليلية التي تحتلها إسبانيا (شمال المغرب). كما يواجه المهاجرون المطرودون معاملة سيئة من قبل قوات أمن الحدود الجزائرية الذين يجبرونهم على العودة إلى المغرب، بشكل عنيف، بعد نهب ممتلكاتهم. ودعت المنظمة الحكومة المغربية إلى معالجة الانتهاكات التي رصدها التقرير ضمن سياستها الجديدة للهجرة، كما دعت كلا من إسبانيا والجزائر إلى الكف عن ترحيل المهاجرين إلى الحدود بشكل تعسفي. وكان المغرب قد اعتمد سياسة جديدة للهجرة واللجوء أقرها الملك محمد السادس في سبتمبر (أيلول) الماضي، وتشمل منح الإقامة القانونية للاجئين وبطاقات لجوء تمكنهم من حق العمل والاستفادة من بعض الخدمات الاجتماعية. كما أعطى للمهاجرين غير الشرعيين الذين تتوافر فيهم بعض الشروط فرصة تسوية وضعياتهم، من خلال تقديم طلب الحصول على إقامة مدتها سنة واحدة قابلة للتجديد. ولا توجد إحصائيات دقيقة بشأن عدد المهاجرين غير الشرعيين في المغرب إلا أن أعدادهم تقدر بما بين 25 و40 ألف مهاجر. وفي هذا السياق، قال إريك غولستين، نائب المدير التنفيذي لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في المنظمة، إن «هيومان رايتس ووتش» لا تطالب المغرب بسن قوانين جديدة بشأن الهجرة، بل فقط بتنفيذ التزاماته التي تعهد بها في هذا المجال. وأضاف أن السياسة الجديدة للهجرة إيجابية، بيد أن ذلك لا يمنع حدوث تجاوزات. وردا على سؤال حول تجاهل التقرير للاعتداءات التي تتعرض لها قوات الأمن المغربية من قبل المهاجرين غير الشرعيين، قال إبراهيم الأنصاري، عضو المنظمة، إنهم طلبوا مقابلة أفراد من قوات الأمن المغربية، بيد أنه لم يسمح لهم بذلك. واعتمد تقرير «هيومان رايتس ووتش» على مقابلات أجريت مع 67 مهاجرا من أفريقيا جنوب الصحراء داخل وقرب مدينتي وجدةوالناظور في نوفمبر (تشرين الثاني) وديسمبر (كانون الأول) 2013، كما أجرت مقابلات مع مسؤولين، ومؤسسات دولية، ومنظمات غير حكومية، وضمنت في التقرير ردود الحكومة على أسئلتها الكتابية. وفي يناير (كانون الثاني) الماضي وفبراير (شباط) الحالي، أجرت المنظمة مقابلات مع 14 مهاجرا في الناظور، ووجدة، والرباط. وأبرزت المقابلات، التي أجرتها المنظمة شمال شرقي المغرب في يناير الماضي مع مهاجرين ومنظمات غير حكومية محلية، أن عمليات الطرد بشكل جماعي إلى الحدود الجزائرية توقفت، وأن مداهمات الشرطة للمهاجرين الذين يعيشون داخل وقرب وجدة شهدت تراجعا منذ أكتوبر (تشرين الأول) الماضي. بيد أن الشرطة ما زالت تشن مداهمات في منطقة الناظور (شمال البلاد). من جهتها، نفت الحكومة المغربية طرد المهاجرين، وقالت إن ما تقوم به هو عمليات «إرجاع إلى الحدود» بطريقة قانونية. وقالت المنظمة إن المهاجرين من أفريقيا جنوب الصحراء يغادرون دولهم بسبب الفقر، والمشاكل العائلية والاجتماعية، والاضطرابات السياسية، والصراعات المدنية، وأحيانا بسبب الخوف من الاضطهاد. ويرغب العديد من الأشخاص الذين وصلوا إلى شمال شرقي المغرب في العبور إلى أوروبا. ويعيش العديد منهم في ملاجئ مؤقتة خارج المدن الكبرى.