"ملحدة جزائرية وأفتخر"، "جزائريون ملحدون بكل فخر"، "لماذا أصبحت ملحداً؟".. هي عناوين لمواقع وصفحات على "فايس بوك" لجزائريين ختم الله على قلوبهم فركبوا متن الشطط، وأوغلوا في المعاصي حتى لم يعد هناك ما يدل على أنهم بشر وليسوا شياطين. ليس من قبيل المغالاة أن نقول هذا الكلام وقد تجرّأ هؤلاء على الله تعالى، وتطاولوا عليه عندما ناقشوا وجوده، وأنكروه عندما زعموا أن "الكون وُجد صدفة، وأصبح كل حرام عندهم مباحاً، وكل حلال مثار سخرية وتهكم". فلا غرابة أن تصف ملحدة جزائرية حقيرة المصلين في المسجد ب"أكياس الزبالة التي تتشاجر"، وأن "تدافع" بشدة عن النبيذ الأحمر ولحم الخنزير، وتعتبرهما من "الفيتامينات" المفيدة للجسم، بل وصلت بها الصفاقة إلى القول إن المسيحية التي تقول إنها عرضت عليها بعد إلحادها: "ليست بالدين البشع مثل الإسلام"؟ فهل من انتفاضة قوية للعلماء والدعاة في الجزائر للرد عليهم واسترداد عقولهم التي طمسها الإلحاد؟ أين الفرق بين شارون وبن لادن؟ استهلّت الملحدة الجزائرية- التي "تفتخر" بنفسها- صفحتها على "فايس بوك" بالادّعاء بأن "الدين وهمٌ يستمد قوته من حقيقة أنه يقع في رغباتنا الغريزية" ودعت إلى "استخدام العقل" وكأن لها عقلاً، قائلة: "ما يمكن قبوله من غير دليل يمكن رفضه من غير دليل". وتساءلت في خبث مكشوف: "إذا كان الله هو من وضع القضاء والقدر، فلماذا قادني إلى الإلحاد؟" وأردفت متسائلة: "هل يعتبر خطأ أم سوء تدبير وفشل في خطته؟" والعياذ بالله، ثم تعترف أنها اختارت الإلحاد بعد سنوات من "البحث" والأسئلة التي لم تجد لها إجابة وافية مثل مسألة القضاء والقدر وتوصلت إلى أن "لكل شخص مسارا محددا وأفعاله كلها مقدّرة ومحسوبة، فالمستقبل نصنعه نحن بأنفسنا" على حدّ زعم هذه المارقة. وإمعاناً في الطعن في أحكام الدين، أوردت صاحبة الصفحة ما ادّعت أنّ "دراسات العلماء" أفضت إليه، وهي أن لحم الخنزير يحتوي على عدة "فيتامينات" من شأنها أن تقوي العضلات والعظام والأسنان وتعزّز الجهاز المناعي وتنظم استهلاك الطاقة، مثلما اعتبرت لحم الخنزير الذي حرّمه الله تعالى في كتابه العزيز "مفيدا" للبشرة والعينين مع أن كل الدراسات الحديثة تؤكد أن لحم الخنزير يسبّب الكثير من الأمراض المستعصية لكونه يعيش على القاذورات والجيف، بالإضافة إلى أنه يكسب آكله الدياثة وعدم الغيرة على عرضه وشرفه. كما تعرض هذه الملحدة في صفحتها التي ننصح بعدم الاطلاع عليها مجموعة من "الفوائد" التي تقول إنها تنطوي على شرب النبيذ الأحمر الذي "يحمي" من أمراض القلب والسكري والسمنة ويطيل العمر، كما تزعم. وفي سياق آخر ترى الملحدة الجزائرية أنه لا فرق بين شارون الذي مات بعد 8 سنوات من الغيبوبة، وبين بن لادن المتهم بهجمات 11 سبتمبر وعلي حسن المجيد المتهم بقتل عدد من الأكراد في الثمانينيات بالأسلحة الكيماوية، وزين العابدين محمد حسين، وخالد شيخ محمد، وأيمن الظواهري وغيرهم، فكلهم حسب الملحدة ارتكبوا مجازر في حق الإنسانية. وتتساءل: "لماذا تكرهون اليهودي أكثر من المسلم؟" ملحدون بكل فخر ويتساءل مجموعة من الزنادقة الجزائريين عبر أحد المنتديات عن سبب حجب موقعهم الإلحادي في الجزائر مع أنهم كانوا "محترمين" ولم "يسبّوا" الإسلام ولكنه "الجهل والظلم"- يقولون- اللذان أوعزا إلى السلطات بحجب الموقع. وقد تمكّن مجموعة من الملحدين الجزائريين من تأسيس منتدى مغلق يضم 400 شخص يحمل عنوان "جزائريون ملحدون بكل فخر". وكل ما ينشر به ليس متاحا إلا للأعضاء فقط. وعبر موقع "شبكة الملحدين العرب" تبادل بعض الملاحدة الجزائريين الآراء على أن لا يتم ذكر تفاصيل كثيرة عن الملحد حتى لا يتم كشفُ هويته، لذلك اكتفى المشاركون في المنتدى بذكر أسماء مستعارة أو الأسماء الأولى على غرار مهدي من العاصمة الذي قال إنه "ملحدٌ عن فكر واقتناع" بعد أن كان مسلما، ولكنه حينما تأكد من "بطلان الحجج الدينية"؟ على حدّ زعمه، أعلن إلحاده. ويقول نسيم من منطقة القبائل إنه لا يشعر أنه وحيد، لأنه يعبّر عن معتقداته بكل حرية بين عائلته أو في الشارع، مضيفا أن "الكثير من الملاحدة واللادينيين يوجدون في قريتنا المعروفة بتمرُّدها على كل ما هو إسلامي وديني". وأعلن ملحدٌ جزائري آخر عن رغبته في أن يكون لدى الملحدين في الجزائر ظهرٌ قوي يسندهم كأمثال نصر حامد أبو زيد، ووفاء سلطان وسيد القمني، وغيرهم من الكتاب المارقين الباحثين عن الشهرة ورضا الغرب بمهاجمة الإسلام والطعن فيه. هؤلاء "الذين لديهم من الزاد ما يكفي لنقد الدين وتحييده". ويضيف: "يلزمنا وسائل لإيصال هذه الأفكار: جرائد وقنوات علمانية ناطقة بالعربية لها الجرأة على نقد الدين". وقال ملحد آخر أطلق على نفسه اسم "عقلاني موضوعي": "هل يمكن لصلاعمة الجزائر أن يعوا ويستفيقوا من الجهل والظلامية الإسلاميين؟" والصلاعمة هم المسلمون. ورد هذا الحقيرُ بالقول: "لا أعتقد. لقد انتشر الفيروس". من الالتزام إلى الإلحاد وتحت عنوان "لماذا أصبحت ملحدا؟" سرد أحد الجزائريين قصته في موقع إلحادي، حيث يقول إنه عايش العشرية الحمراء، وكان حينها على قدر كبير من التديُّن والالتزام، إذ كان شديد الاحتكاك بالمساجد ومواظبا على قراءة القرآن والكتب الدينية رغبة في بناء ثقافة إسلامية، و"بالموازاة مع ما كنت أتعلمه في المساجد عن الإسلام من أن الغناء وتبرُّج النساء حرام، سمعنا أن الشعب الجزائري مرتدٌّ ويجب مقاتلته، وهو ما يعني أن من يقوم بتلك الجرائم هم حقا أناسٌ مسلمون ويعتقدون بأن الإسلام هو الذي يأمرهم بذلك". ورغم ما كان يلصق بخاصرة الإسلاميين في أنهم سبب الجرائم التي ترتكب في حق الجزائريين، ظلّ هذا الجزائري حسب ما سرده للموقع، ملتزما بحدود الشرع، لأنه كان على يقين بأن الإسلام بريء من تصرفاتهم المتطرفة "ولكن بعد أن تعمّق في فهم الإسلام، بدأت ألاحظ بعض التناقضات، إلا أنني كنت دائما أفسّرها وأحاول أن أجد لها حلا، فلقد كنت مقتنعا بأن هذا الدين قد وضعه الله الذي لا يخطئ". وبالموازاة مع ذلك كان يستشير العارفين بالدين الذين كانوا يقولون له إنه ليس عليه أن يفكر في هذه الأمور، وفي نفس الوقت كانوا يشيرون عليه بالتفقه في الدين أكثر، وهو الأمر الذي قال إنه شكّل له تناقضاً "فكيف أتعلم دون أن أفهم كل ما يبدو أنه تناقضٌ؟" وهو يزعم أن الإسلام يجبر الناس على اعتناقه، وبعد 6 سنوات من الأخذ والرد قرّر هذا الجزائري أن يرتّد عن الإسلام، ويقرر "أنّ الله غير موجود". والعياذ بالله. وهو ما يؤكد ضعف عقله وقصر نظره وعجزه عن التبحّر في العلم وإدراك الحكمة من الآيات المتشابهات وغير المتشابهات اللواتي ينير بها الله عقول المؤمنين ويطمس بها عقول المنافقين الذين كتب عليهم سوء الخاتمة وخسارة الآخرة والخلود في النار وبئس القرار.