أطباء القطاع العام يصعدون بثلاثة أسابيع من الاحتجاجات والإضراب    "الجمعية" تحذر من تدهور الوضع الصحي ل"حملة الشهادات المعطلين" المضربين عن الطعام منذ 41 يوما    تراجع النمو السكاني في المغرب بسبب انخفاض معدل الخصوبة.. ما هي الأسباب؟    ارتفاع أسعار النفط بعد تصاعد حدة التوتر بين روسيا وأوكرانيا    مجلس الأمن يصوت على مشروع قرار يدعو إلى وقف النار في السودان    نواب روس يحذرون من حرب عالمية ثالثة بعد سماح واشنطن باستخدام كييف أسلحتها لضرب موسكو    وقفة احتجاجية بمكناس للتنديد بالإبادة الإسرائيلية في قطاع غزة        طقس الاثنين.. سحب كثيفة ورياح قوية بعدد من مناطق المملكة    المغرب يخنق سبتة ومليلية المحتلتين ويحرمهما من 80% من نشاطهما الجمركي    خبراء يحذرون من "مسدس التدليك"    دوري الأمم الأوروبية لكرة القدم.. فرنسا تفوز على إيطاليا وتعتلي الصدارة    وفاة "ملك جمال الأردن" بعد صراع مع سرطان المعدة    شبيبة الأندية السينمائية تعقد دورتها التكوينية في طنجة    "أشبال U17" يتعادلون مع التونسيين    الملعب الكبير للحسيمة .. افتتاح ببعد قاري إفريقي    حزب الله يؤكد مقتل محمد عفيف    رسائل عيد الاستقلال    اختفاء شخصين خلال "رحلة سياحية جبلية" يستنفر السلطات المغربية    مجلس الشيوخ في البراغواي يدعم سيادة المغرب على صحرائه    الركراكي يختتم استعدادات المنتخب    نفق جبل طارق.. حلم الربط بين إفريقيا وأوروبا يصبح حقيقة    داخل قنصلية المغرب بنيويورك.. ياسين عدنان يتحدث عن الغنى الثقافي للمملكة    توقعات أحوال الطقس ليوم الإثنين    مسؤول إسباني.. تدخل الفرق المغربية أحدث فارقا كبيرا في جهود الإغاثة بفالنسيا    فيضانات إسبانيا.. الجهاز اللوجستي المغربي "ساهم بشكل كبير" في ترميم البنية التحتية المتضررة (مسؤول إسباني)    قائمة أسماء الشخصيات التي اختارها ترامب لتتولّى مناصب في إدارته    العصبة تُحدد موعد "ديربي البيضاء"    الدرهم يرتفع مقابل الأورو على خلفية ارتفاع ملحوظ للتداول البنكي وفقا لبنك المغرب    فى الذكرى 21 لرحيل محمّد شكري.. مُحاوراتٌ استرجاعيّة ومُحادثاتٌ استكناهيّة مع صَاحِبِ "الخُبزالحَافي"    خاتمة العلوي تعود ب"شدة وتزول" بعد سنوات من الاعتزال    التفاوض حول مشروع القانون التنظيمي للإضراب يقسم النقابات في المغرب    مصرع طفل في تطوان جراء ابتلاعه "كيسا بلاستيكيا"    دنماركية تفوز بمسابقة "ملكة جمال الكون" 2024    عدد مرافق الدولة المسيرة بصورة مستقلة يبلغ 171 مرفقا    المنتخب المغربي يعزز خياراته الهجومية بعودة سفيان رحيمي    تجار القرب يعلنون تكتلهم لمواجهة توغل الشركات الكبرى بالأحياء السكنية    قلة الأطباء والأَسرّة وطول المواعيد.. وزير الصحة يؤكد أن خدمات الطب النفسي بالمغرب تبقى أقل من المطلوب    دراسة علمية: فيتامين "د" يقلل ضغط الدم لدى مرضى السمنة    احباط تهريب 188 ألف قرص مهلوس بميناء طنجة المتوسط    المغرب يطلق أول مصنع لإنتاج بطاريات السيارات الكهربائية باستثمار 1.3 مليار دولار    التهراوي: هامش ربح الصيدلي والموزع محدد أساسي لأسعار الأدوية في المغرب    "ذا تيليغراف": المغرب الوجهة السياحية الأولى في إفريقيا لعام 2024    صراعات عائلة السيوفي في الدراما الجديدة المُثيرة "نقطة سودة" يومياً عبر شاشة "5MBC"    لفتيت يدعو لمواجهة فوضى وتجاوزات وتدني خدمات سيارات الأجرة على خلفية وضع نهج جديد    إطلاق قنبلتين ضوئيتين قرب منزل نتانياهو        عمور و السعدي يقصان شريط النسخة السابعة لمهرجان الزربية الواوزكيتية    جمعية فنون تقدم أحدث إعمالها الفنية و التراثية أغنية " لالة منانة" من أداء المجموعة الموسيقية لأكاديمية ميزينوكس    بوغطاط المغربي | تصريحات خطيرة لحميد المهداوي تضعه في صدام مباشر مع الشعب المغربي والملك والدين.. في إساءة وتطاول غير مسبوقين !!!    تعهدات في مؤتمر وزاري في جدة بمقاومة مضادات الميكروبات بحلول عام 2030 (فيديو)    جائزة المغرب للشباب تحتفي بالتميز    حشرات في غيبوبة .. "فطر شرير" يسيطر على الذباب    دراسة تكشف العلاقة بين الحر وأمراض القلب    في تنظيم العلاقة بين الأغنياء والفقراء    غياب علماء الدين عن النقاش العمومي.. سكنفل: علماء الأمة ليسوا مثيرين للفتنة ولا ساكتين عن الحق    سطات تفقد العلامة أحمد كثير أحد مراجعها في العلوم القانونية    كيفية صلاة الشفع والوتر .. حكمها وفضلها وعدد ركعاتها    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المرأة ليست أمك...ولا أختك
نشر في مغارب كم يوم 19 - 01 - 2014

تحليل مضمون الخطاب الموجه للمرأة وتفكيك مفرداته والاجتهاد في تأويله، مسألة غاية في الأهمية عندما تهدف إلى الكشف عن طبيعة الحمولة وما تتضمنه من معاني وأبعاد تعكس طبيعة البنية الفكرية والاجتماعية للخطاب، ومن هذا المنطلق يصبح من الأهمية بمكان إجراء قراءات لذلك الخطاب، ولاسيما ذلك النوع الذي يفتعل التصدي للدفاع عن المرأة بقوله: "كيف نظلم المرأة أو ننتقص من مكانتها وهي الأم والأخت والزوجة".
للوهلة الأولى يبدو للبعض أن الخطاب يعبر عن معاني الحماية والتقدير والدفاع عن المرأة، ولكن مع بعض التأمل نجد أن الخطاب في بعده الأعمق ومن خلال اختراق سطح تجلياته الظاهرة، نجده يقوم على جعل الرجل ذاته معيارا ومرجعا، فهو لا يظلم المرأة ويدافع عنها من منطلق كونها أخته وأمه وزوجته، أي بسبب تلك الصلة التي تربطه بها، وليس لأنها تحمل كينونة وجوهرا مستقلا قائما على ذات وموضوع مستقلين وليس لأنها إنسانا مكرما في ذاته، ولو كان الأمر كذلك، أي لو كان مثل هذا الخطاب واقعا خارج نطاق علاقات الهيمنة الذكورية، لكان قد انتشر خطاب مماثل يؤكد تقدير واحترام المرأة للرجل لكونه أبا وأخا وزوجا.
إن هذا النوع من الخطاب يصادفنا في مختلف الفعاليات والنشاطات والمناسبات الفكرية والثقافية، كما تلتقي عنده مختلف الاتجاهات عموما، الأمر الذي يؤكد بأنه يعكس منهجية سائدة في مقاربة موضوع المرأة، وهي أقرب إلى المسلمة التي تجعل من النموذج الذكوري وحدة أساسية للمعيار، والمرأة ملحق ذو صلة، وهي تستحق التقدير من منطلق تلك الصلة.
أما في الواقع والحقيقة، فإن هذه المعاني تجعل من ذلك الخطاب مجرد بيان للفحولة، وتعبير عن قوامة وهمية تتضمن الكثير من المغالطات، أو يمكن القول بأنه أقرب إلى الاستراتيجية والتكتيك القائم على التبسيط والمستخدم في الحملات الانتخابية من أجل كسب الأصوات النسائية أيام الاستحقاقات، ولكنه ينتهي في الواقع إلى تكريس نوع من الوصاية التي لا مكان لها في الدين أو الشرع، وهي تؤول في النهاية إلى نوع من الهندسة الاجتماعية، التي تكرّس نمطا من العلاقات على مستوى الأسرة والمجتمع، هو أبعد ما يكون عن مبادئ الدين ومقاصد شريعته وأيضا عن الفلسفة التي قامت عليها منظومة حقوق الإنسان.
كما أن هذا النوع من الخطاب يعبّر أيضا عن علاقة سلطة وتراتب ومركزية تستلزم تكريس الهيمنة الذكورية، في حين أن العلاقة بين الرجل والمرأة خالية من أي معيارية أو مرجعية ذكورية تكرس أي نوع من الوصاية، حيث أن الدين القائم على التوحيد، يثبت من ناحية العقيدة أن مصدر الخطاب القرآني وهو الله ليس بذكر أو أنثى ومن ثم، فإن الإله لا يحكم من منطلق أي مفاضلة جنسية أو عرقية أو اثنية ولا من منطلق التحيز أو التمييز الجنسي ولا بتأثير الأعراف والتقاليد ولا في إطار الثقافات السائدة ولا بدافع علاقات الهيمنة التاريخية ولكن من منطلق الحق والعدل اللذان اتصف بهما كخالق لهذا الكون وكرب للذكر والأنثى.
وفي ظل عقيدة التوحيد إذن، يمكن للمرأة أن تنسف كل عرف مفارق للوحي، وأن ترفع كل وصاية متناقضة مع تعاليم محررها من كل الوصايات، الإله الذي أكد لها بأن علاقتها بالرجل هي علاقة ولاية إيمانية متبادلة.
"والمؤمنون والمؤمنات، بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر" التوبة 71.
أي أن المساواة هي الأصل والولاية هنا تعني التعاون والمودة والنصرة، ويؤكد هذا المعنى أيضا مبدأ الاستخلاف.
"من عمل صالحا منكم من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة" النحل 79
كما يلغي مبدأ الزوجية الذي خلق الله عز وجل بموجبه الكون أي نوع من المركزية أو التبعية "وأنه خلق الزوجين الذكر والأنثى" النجم 45. فالمرأة والرجل وفقا لهذا المبدأ وبما يحملانه من قيم ذكورية وأنثوية يتناغمان ويتلابسان ويوازن كلاهما الآخر على مستوى الرؤية والقرار وفي الفضاء الخاص والعام وأي غياب لأحدهما عن الآخر حضورا ومشاركة لاسيما على مستوى دوائر الفعل والقرار تمثل إفقارا للإنسانية وإخلالا بالتوازن، على اعتبار أن مبدأ المساواة والاختلاف معا يتطلب تواجدهما معا في كل مكان أمرا حتميا، وذلك بعيدا عن أي تبعية أو مرجعية أو مركزية يمثلها أحدهما على الآخر بحيث يجعل منه مجرد تابع غير مستقل بذاته وكينونته.
ونختم المقال بشيء من الاستفزاز غير المقصود، بالإشارة إلى فكرة عميقة هي خلاصة رؤية فلسفية لصاحب الفتوحات محي الدين ابن عربي، يؤكد فيها عبر فصل كامل من الفصوص المكية حول مفهوم الأنوثة، بأن الأنوثة هي الأصل وينظم في ذلك قصيدة نذكر منها بيتين:
إنا إناث لما فينا يولده فلنحمد الله ما في الكون من رجل
إن الرجال الذين العرف عينهم هم الإناث وهم نفسي وهم أملي
"الخبر" الجزائرية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.