أنهى المجلس الوطني التأسيسي (البرلمان) التونسي أمس، المصادقة على فصول باب السلطة القضائية في مشروع الدستور، بعد تجاوز العقبات التي عطلت التوافق حول استقلالية القضاء، لكن خلافاً جديداً طرأ بين الكتل النيابية حول تركيبة هيئة الاتصال السمعي البصري وصلاحياتها، وذلك بعد أسبوعين من انطلاق أعمال المصادقة على الدستور الجديد (الدستور الأول وُضع عام 1959 وعُلِّق العمل به بعد الثورة على نظام الرئيس السابق زين العابدين بن علي). وينتظر التونسيون الانتهاء من المصادقة على الدستور الثاني للجمهورية (صُدِّق على 121 فصلاً من أصل 146 إلى الآن) إفساحاً في المجال أمام تسلم حكومة الكفاءات التي كُلف وزير الصناعة في الحكومة المستقيلة مهدي جمعة بتشكيلها قبل أسبوع. وصادق النواب على إنشاء محكمة دستورية تنظر في ملاءمة القوانين والمراسيم مع الدستور. ومُنحت المحكمة الدستورية صلاحيات تقريرية واسعة من خلال مراقبة كل التشريعات والقوانين والقرارات التي تتخذها السلطة التنفيذية والتشريعية. ويُعتبر إنشاء المحكمة الدستورية سابقة في تونس حيث كان النظام السابق يعتمد على «مجلس دستوري» يعين الرئيس أعضاءه، من دون منحه سلطات تقريرية. ويُنتظر أن يصادق المجلس التأسيسي على باب «الهيئات الدستورية»، الذي يضم الهيئة العليا المستقلة للانتخابات والهيئة العليا للاتصال السمعي البصري والهيئة العليا لحقوق الإنسان وهيئة الحوكمة الرشيدة ومكافحة الفساد وهيئة التنمية المستدامة وحماية حقوق الأجيال. على صعيد آخر، يسعى نواب من كتلة حركة «النهضة» (الأكبر في المجلس) إلى إضافة فصل ينص على إنشاء مجلس إسلامي أعلى، على رغم رفض الكتل المعارضة وأخرى قريبة من «النهضة». وتخشى المعارضة أن يكون المجلس الإسلامي مقدمة لإنشاء هيئات تفسر معاني الدستور بما يتماشى مع الشريعة الإسلامية. في المقابل، يرى الإسلاميون أن هذا المجلس من شأنه أن يسيطر على «فوضى الفتوى» ويقدم قراءة مستنيرة للإسلام في مواجهة موجة من التطرف تعيشها البلاد منذ سقوط النظام السابق قبل ثلاث سنوات.