يشهد الرأي العام المغربي نقاشا محتدما حول الحرية الفكرية والإبداع الفني في علاقتهما بالمقدس عند الشعب المغربي الملتزم دينيا في غالبيته. فقد أثيرت ضجة بسبب مقطع فيديو نشر على صفحات ‘الفيسبوك' للممثلة لطيفة أحرار خلال استضافتها في برنامج Mais encore في وقت سابق على القناة المغربية الثانية ‘دوزيم'. قامت فيه الممثلة بقراءة نص شعري من مسرحيتها ‘كفر ناعوم- وتوصراط' متضمنا آيات قرآنية بطريقة كتلك التي يتلى بها القرآن في عموم المساجد المغربية. وكتبت الممثلة، الشهيرة بجرأتها، على صفحتها على ‘الفيسبوك' معقبة على تداعيات الفيديو'الذي انتشر بشكل واسع: ‘في البرنامج الحواري الذي استضافني فيه حميد برادة حاول صاحب البرنامج أن يحيط بكل مساري الفني ومشاركاتي المسرحية والتلفزيونية والسينمائية. واضافت، الوقفة مع كفرناعوم اندرجت في هذا الإطار، حيث قدمت له نموذجا صغيرا من المسرحية. واخترت هكذا بشكل تلقائي استعادة مقطع صغير من قصيدة ‘رصيف القيامة' التي استخدمتها في المسرحية بطريقة درامية مبتكرة'. مضيفة أن ‘هذا المقطع بالذات قمت ببحث في تراثنا الشعبي المغربي قبل أن أستقر على تلك الطريقة التي أديته بها'. معربة عن دهشتها من ‘اجتزاء الفيديو وترويجه على أساس الاستهزاء'، معبرة عن ما وصفته ‘الإحساس بالشفقة الممزوجة بالألم والعتب على هؤلاء'. وخلف الفيديو نقاشا محتدما وردود فعل متضاربة بين نشطاء المواقع الاجتماعية بين من دعا لها بالهداية وطالبها ب'التخلي عن عاداتها السيئة'، ومن طالب'بأن ‘تقطع′ألسنة أمثالها حتى يكونوا عبرة لمن لا يعتبر'، وبالمقابل دافع عنها آخرون بداعي أن ‘ما قامت به لطيفة أحرار هو جزء من عرض مسرحي قدم في 2010، مر مرور الكرام. فيه إبداع شعري حر، على شكل غناء، واستعمال جمل وكلمات وعبارات وردت في القرآن، قام فيه شعراء قبل وبعد الإسلام، وهذا ليس بجديد'. منددين بردود الفعل المتزمتة ممن أدانوا ‘فنانة مغربية لم ترقها الطريقة التقليدية التي يقرأ بها القرآن الكريم هنا'. وفي سياق متصل، أثار شريط فيديو للشيخ السلفي عبد الحميد أبو النعيم وجه فيه الأخير اتهامات ب'الكفر والردة' بحق شخصيات مغربية معروفة على رأسها إدريس لشكر، الكاتب الأول لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية (معارض). وذلك عقب تصريحات الأخير حول الدعوة إلى مراجعة أحكام الإرث وتجريم تعدد الزوجات، مما أثار ردود فعل قوية ضد أبو النعيم الذي امتدت إساءاته لتطال حتى الراحلين: الزعيم اليساري المغتال المهدي بن بركة، والمفكر المغربي والعربي محمد عابد الجابري. إضافة إلى إساءته اللفظية للمناضلات الحقوقيات. ودعت فعاليات إسلامية مغربية لإقامة نوع من ‘التوازن'، مؤكدين على أنه ‘بقدر ما لا ينبغي الخوض في مسائل دينية قطعية حسمت فيها الشريعة، عبر القرآن الكريم أو السنة النبوية، من قبيل مراجعة أحكام الإرث أو تجريم التعدد، بقدر ما يجب الابتعاد كلية عن الغلو والتشدد في الأفكار، وإطلاق خطابات التكفير'. وتعرض الناشط البارز بالحركة الأمازيغية أحمد عصيد، والذي وصفه أبو النعيم ب'الزنديق' في الفيديو ذاته، لانتقادات قوية من التيار السلفي وصلت حد تكفيره إثر حديثه في محاضرة حول المقررات الدراسية المغربية التي وصفها الأخير ب'التناقض'، لاسيما في موضوع العنف. حيث مثل لذلك بعبارة النبي محمد ‘أسلم تسلم' الواردة في رسائله إلى الأمراء والملوك خلال مرحلة نشر دعوة الإسلام خارج الجزيرة العربية. وعلق عصيد آنذاك أن كلامه اجتزأ فلم يعبر عن مقصوده بالمثال الذي أعطاه في محاضرته. حيث بين أن عبارة ‘أسلم تسلم' في ذاك العصر لا تطرح أي إشكال، بينما ‘لو أن أحدا أراد تطبيقها اليوم ستصبح رسالة إرهابية. وهذا ما جعل بعض الناس يقولون ظلما ان النبي إرهابي، ولم ينتبهوا إلى أني حين أقول ان تلك الرسالة إذا أخذناها في سياقها التاريخي لا تطرح إشكالا. وهنا يدخل قول النبي، أي في ذلك السياق التاريخي'. ليختم بالقول ان ‘من يوجه رسالة للحكام اليوم قائلا: أسلموا وإلا الحرب. سيعتبره الجميع، بما في ذلك المسلمون، إرهابيا'.