تحدثت تقارير صحافية في المدة الأخيرة، عن تراجع في عدد الأسر الإسبانية التي درجت على استقبال أطفال صحراويين، مستقدمين من مخيمات تندوف، لقضاء عطلة الصيف بين الأسرالمضيفة في عدد من المدن. يعود السبب، حسب ذات المصادر، إلى الأزمة الاقتصادية والمالية التي أثرت على مستوى عيش كثير من العائلات الإسبانية ولربما لم تعد مصدقة لدعاية الجماعات الإسبانية المشتغلة بالمقابل لصالح جبهة البوليساريو، لأقناع العائلات، بواسطة أساليب الدعاية الكاذبة، بجدوى فعل الخير في أطفال أبرياء: كثيرون منهم أيتام، بإبعادهم، مؤقتا عن حر"تندوف" اللاهب في فصل الصيف حيث يرتفع الترمومتر إلى معدلات قياسية، تتحول معها الخيام إلى شبه أفران حامية. وهذا الوضع، تؤكده شهادات مستقلة يتم التكتم عليها بتواطؤ، في بعض الأحيان، مع منظمات إنسانية، يتم شراء ذمم بعض العناصر العاملة فيها. إن ترحيل الأطفال واقلاعهم من بيئة صحراوية مجدبة إلى مجتمع الرفاه والحضارة، يبدو في ظاهره عملا إنسانيا مشكورا، تقوم به، لوجه الله، هيئات البر والإحسان الإسبانية من أجل الطفولة المحرومة دون انتباه إلى الوجه الآخر لهذه العملية ولا يتم الحديث عن مضاعفاته وانعكاساته السلبية على نفسية الأطفال الأبرياء الذين يتم شحن عقولهم بمشاعر الحقد والكراهية ضد المغرب، ما يشكل اغتصابا لبراءتهم، وهذا هو الجانب الأخطر في العملية المشبوهة؛ دون الحديث عن مضاعفات الانتقال الفجائي والقهري من بيئة مجدبة قاحلة إلى حيث الشواطئ والمسابح ومدن لعب الأطفال وأصناف الأكل الذي لم يروه قط تطبخه أمهاتهم في المخيمات. طبعا، لا تجد جبهة البوليساريو، غضاضة في إيداع أطفال صغار لمدة شهرين على الأقل، لدى عائلات مسيحية، لها عاداتها في الأكل والشرب ومختلف أشكال المعاشرة . يأكلون ويشربون ما حرم الله في شريعة الإسلام،من معاقرة الخمرة وأكل لحم الخنزير وتبرج النساء وكلها ممارسات عادية في المجتمع الإسباني، لن يستطيع الأطفال الحديث عنها إلى ذويهم حينما يعودون إلى جحيم المخيمات، على اعتبار أنها من الموبقات. لقد أشارت تقارير صحافية منذ سنوات إلى أنالاطفال الصحراويين، يرفضون العودة إلى جهنم التي تركوها في مخيمات تندوف، ولكن الآلة الدعائية الجهنمية المهيمنة التي تحركها جبهة،البوليساريو، والناشطون الإسبان الموالون لهم، تطمس تلك الانتفاضات البريئة ويحيطونها بستار من الكتمان بل يصورون الأطفال وهم سعداء فرحين عند الذهاب والإياب من إسبانيا. ومن المفارقات الصارخة أن المغرب لم يثر مطلقا، لدى المنظمات المعنية، اصناف الخروقات والمعاناة الإنسانية التي يتعرض لها أطفال صحراويون، سواء الذين رحلوا قسرا إلى كوبا، في الماضي منذ تأسيس جبهة،البوليساريو، وانتزاع الصحراوين الصغار من بيئتهم واسرهم ولغتهم ودينهم، والرمي بهم في جزر نائية،ثم إجبارهم على العيش في معسكرات عسكرية تابعة للجيش الكوبي، يتدربون فيها على استعمال مختلف الأسلحة لينخرطوا بعد إنهاء دراستهم في صفوف جيش الثورة لمقاتلة المغاربة. وسواء تعلق الأمر بكوبا أو إسبانيا،أو ليبيا في عهد الطاغية، معمر القذافي، فإن الأوضاع متشابهة. يجري اقتياد الصحراويين الصغار والشباب عنوة نحو مصير لا يدرونه وأمكنة غريبة عليهم. ومن المؤكد أن قصصا وحالات إنسانية بالغة السوء، تتستر عليها جبهة البوليساريو، كونها تشكل إدانة لها وحيث لا تتورع عن التنديد بأوضاع حقوق الإنسان في المغرب، من خلال التركيز على مدن الصحراء التي تصفها بالمحتلة، وفيها زرعت الجبهة الانفصالية أوكارا معارضة تحركها الجبهة عن بعد،كلما حل بالصحراء أجانب من الأممالمتحدة أو برلمانيون اعضاء في لجان التعرف على الحقائق.. يتعمد أتباع البوليساريو، الاصطدام بعناصر الأمن المغربية، باستفزازها، فتندلع اشتباكات بين الجانبين، تكون الكاميرات والهواتف الذكية جاهزة لتصويرها وإرسالها مباشرة وفورا إلى انصار الانفصال في الخارج، مستفيدين من ربط مدن الصحراء باتصالات عبر الأقمار الصناعية، دون رقابة قبلية أو بعدية من السلطات المغربية ولذلك يسهل تداولها عبر شبكات التواصل الاجتماعي، مظهرة الأمن المغربي بالمتعدي، فيما إعلام الجانب المعتدى عليه شبه صامت. والأغرب من هذا، أن المغرب لا يثير هذا الموضوع مع السلطات الإسبانية في اية جولة من جولات التفاوض العديدة بين البلدين، رغم أن الحجج الدامغة كثيرة بيد المغرب منها على سبيل المثال لا الحصر سماح سلطات الحدود الإسبانية لأطفال يحملون هويات إدارية غير معترف بها : يتم نقلهم بواسطة طائرات جزائرية، وهذه بدورها ترتكب مخالفات ضد القانون الدولي. ربما يكون الأمر مبررا، لو نقل الأطفال الصحراويون من المطارات الجزائرية إلى الإسبانية، على متن طائرات الصليب الأحمر أو هيئات الإغاثة الدولية. لماذا لا تطالب الرباط بإجراء تحقيق مستقل بخصوص هذا الخرق السافر لحقوق الأطفال الصحراويين والقانون الدولي على السواء. لقد لعبت جبهة البوليساريو، بورقة حقوق الإنسان، مستغلة بعض التجاوزات في المغرب، لا تصل بأي حال منالأحوال إلى حجم معاناة الصغار والكبار في مخيمات تندوف جنوب غرب الجزائر، لدرجة أنها كادت أن تحقق اختراقا في دول اعتبرت حليفة للمغرب مثل الولاياتالمتحدة التي مالت في فترة نحو توسيع صلاحيات بعثة الأممالمتحدة في الصحراء "مينورسو" ليصبح ضمن مهامها غير العسكرية، مراقبة مدى احترام حقوق الإنسان في الأراضي الصحراوية. هل سيحرك المغرب ملف حقوق الطفل في المخيمات؟ هل سيسأل الجهات التي ترعى الترحيل القسري المنظم للأطفال مثل إسبانيا، أم تراه سيظل صامتا لسبب لا يدركه عقل ولا ينسجم مع منطق. عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.