رفض الأمين العام لجبهة التحرير الوطني، عمار سعداني، الكشف عن طبيعة الحوار الذي دار بينه وبين السفير الفرنسي في الجزائر لمدة فاقت الساعة من الزمن، لكن مصدرا تابع جزءا من الحوار قال ل"الخبر" إن النقاش كان حول الوضع السياسي وواقع العلاقات بين البلدين وجزء يسير خصص لملف الذاكرة، وفهم أن سعداني حاول تسويق مشروع العهدة الرابعة للسفير من باب التغييرات التي أجراها الرئيس بوتفليقة. خرج السفير الفرنسي لدى الجزائر، أندريه باران، أمس، من مقر حزب جبهة التحرير الوطني، متهيئا لرفض أي تصريح للعدد الكبير من الإعلاميين الذين ترقبوا خروجه من مكتب عمار سعداني، إثر اللقاء الذي جمعهما لفترة قاربت الساعة ونصف الساعة. وقال السفير لصحفيين بشكل مقتضب: "لا تصريح.. شكرا"، وهو التصرف نفسه الذي صدر عن الأمين العام لجبهة التحرير الوطني، عمار سعداني، رغم أن مكتبه الإعلامي هو من وجه الدعوات للصحفيين لتغطية اللقاء. وأفاد مصدر مقرب من عمار سعداني ل«الخبر" بأن الرجلين تباحثا عدة مسائل: "سعداني تحدث عن الوضع الداخلي وعن رهانات المرحلة بما فيها الرئاسيات المقبلة"، أما "السفير الفرنسي فقد تطرق للعلاقات الجزائرية الفرنسية بشكل عام"، وفهم من نفس المصدر أن سعداني فضل أن يجانب ملف الذاكرة إلا من إشارات بسيطة، ما يعني دخوله في مرحلة التسويق الخارجي لمشروع العهدة الرابعة، حتى وإن كانت باريس في غير حاجة لتوضيحات من شخصية في منصب الأمين العام للأفالان لمعرفة ما يدور في أروقة السلطة. فعمار سعداني، الذي فضل مخاطبة وسائل الإعلام الغربية بعناية بالغة في الأيام الأخيرة، يكون انتقل فيما يبدو لمرحلة تأكيد تصريحاته التي يعطي فيها انطباعا بأن الجزائر مقبلة على عصر ذهبي من الديمقراطية بعيدا عن وصاية العلبة السوداء، كل هذا في حال تحقق العهدة الرابعة، فالأمين العام لجبهة التحرير الوطني حدد خارطة طريق لقائه بالسفير الفرنسي بترويجه مسبقا لتلك الأفكار في موقع إخباري ناطق بالفرنسية، فقد تحدث عن جهاز المخابرات كمجرد مديرية داخل أركان الجيش، ووعد بإبعاد كل التدخلات في القضاء والإعلام، أي الأسطوانة نفسها التي يحبذ الغربيون سماعها، فالأمين العام للحزب العتيد بات صاحب خطط واضحة في محاولة ترويج "السلعة" للخارج، باعتبار أن الداخل ورقة لا تستحق الأهمية في نظر السلطة القائمة ما دامت التجربة بينت أن مرشح النظام غير محتاج لشرعية شعبية ليصل إلى سدة الحكم. ولكن، هل رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة في حاجة لإقناع الفرنسيين عن طريق عمار سعداني لو رغب في العهدة الرابعة؟ الجواب واضح جلي، ما يعني أن الأمر يمكن قراءته بشكل معكوس، وهو أن الفرنسيين لا يملكون أدنى فكرة عن حقيقة التغييرات العميقة التي حدثت داخل الجيش كمركز قرار مهم، ولا عن خلفيات "الجعجعة" التي يحدثها عمار سعداني نفسه منذ أسابيع، فيكونون قد قرروا استقراء ما يحمله الرجل من طروحات، أم أنهم بدأوا مرحلة معاينة "البضاعة" التي يسوقها حلفاء الرئيس للعهدة الرابعة، في الوقت الذي أجرى نفس السفير لقاءات غير رسمية مع شخصيات مستقلة مقربة من مرشحين آخرين مفترضين لرئاسيات 2014.