بإطلاق الأفالان على لسان عمار سعداني، مرشح حزبه للرئاسيات، وهو الرئيس الشرفي عبد العزيز بوتفليقة، تكون جماعة الرئاسة قد قطعت "التردد" الذي لازمها لعدة أشهر جراء مرض بوتفليقة وقررت تدشين حملة العهدة الرابعة بغض النظر عن مدى "جاهزية" مرشحهم "بدنيا" لخوض غمار هذه المعركة الانتخابية، وذلك لأن الرئيس إلى غاية الآن لا يقوى على الحركة. وترفع جماعة الرئيس ل«تسويق" مشروعها للعهدة الرابعة داخليا، ما تسميه "الحصيلة الإيجابية" لسنوات حكمه، مثلما ذكر الوزير الأول عبد المالك سلال، وخارجيا ما كشف عنه عمار سعداني في تصريحات لوسائل إعلام أجنبية، في عزم رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة على إنشاء "مجتمع مدني" وتقييد النفوذ السياسي لجهاز المخابرات الذي حسب سعداني "سيستمر في القيام بدوره لكنه لن يتدخل في السياسة بما في ذلك الأحزاب السياسية والإعلام والقضاء". وتظهر هذه المعطيات أن "العهدة الرابعة" للرئيس بوتفليقة، بالظروف المحيطة بها، لم تلق الحسم المعهود داخل النظام، ولذلك بدأ أنصار الرئيس المريض في رمي أوراقهم السياسية لاستقطاب الشارع الى طروحاتهم وأيضا لإضعاف خصومهم داخل منظومة الحكم من الرافضين أو المتحفظين على تمديد فترة حكم بوتفليقة. وتكون جماعة الرئيس التي "نجحت" في فرض سعداني أمينا عاما للحزب العتيد في دورة الأوراسي، رغم الخروقات القانونية، قد انتقلت إلى جولة أخرى من عملية كسر العظام، من أجل فرض الرئيس المقبل، من خلال وثيقة تعديل الدستور التي أكد سعداني أنها ستكون قبل رئاسيات 2014. وستكون آلية الدستور، بالنسبة لجماعة الرئاسة، الساحة التي يعاد فيها صياغة التوازنات بين أجنحة الحكم، وتحييد جهاز المخابرات من اللعبة السياسية، مثلما يرافع سعداني في دفاعه عن بوتفليقة. وتحاول جماعة الرئيس تبرير الإخفاقات الاقتصادية والسياسية ومنظومة الإصلاحات الفاشلة التي سجلتها العهدات الثلاث برمي المسؤولية فيها الى الإكراهات التي واجهها الرئيس مع المؤسسة الأمنية، بالرغم من أن هذه الأخيرة كانت وراء استمرار حكمه كل هذه المدة القياسية مقارنة مع كل الرؤساء الذين حكموا الجزائر منذ الاستقلال. والأغرب في تحركات المساندين للرئيس، أن تصريحات سعداني التي قال فيها إن "عهد تدخل الجهات صاحبة النفوذ في السياسة انتهى لأن بوتفليقة يريد بناء دولة مدنية"، يراد من ورائها "شيطنة" جهاز المخابرات والسعي إلى إضعافه، وهو أهم ذراع ومؤسسة في خدمة رئاسة الجمهورية. ومن هذا المنطلق فإن قرارات الرئيس بتعيين الفريق أحمد ڤايد صالح نائبا له في وزارة الدفاع وبحل المصلحة المركزية لأمن الجيش وإلحاقها هي ومركز الاتصال والبث بقيادة الأركان ثم إجراء تغييرات على رأس مديرية الأمن الخارجي، وكذا مديرية الأمن الداخلي، ليست كما قيل أنها "تغييرات عادية في سياق احترافية الجيش"، بل هي وجه جبل الجليد الظاهر من أوجه الصراع حول من يريدون العهدة الرابعة برئيس مقعد على كرسي متحرك وبين من يرون أن الجزائر أكبر من ربطها برئيس مريض.