يناقش البرلمان الجزائري منذ الاثنين آخر ميزانية في الولاية الثالثة للرئيس عبد العزيز بوتفليقة في انتظار قراره بشان الترشح في انتخابات ابريل 2014 وتقديم حصيلة 15 سنة من الحكم، كما وعد رئيس الوزراء. وبدا المجلس الشعبي الوطني (الغرفة الأولى في البرلمان) الاثنين مناقشة ميزانية الدولة لسنة 2014 مباشرة بعد تقديمها من طرف وزير المالية كريم جودي بتوقعات نمو بنسة 4,5% وعجز بنسبة 18,1% من الناتج الداخلي الخام اي ما يعادل 42 مليار دولار. وبرزت في القانون زيادة النفقات بنسبة 3,11 بالمائة لتقارب 94 مليار دولار مقابل حوالي 52 مليار دولار من المداخيل في بلد يعتمد بنسبة 97% في اقتصاده على تصدير النفط والغاز. وقلل وزير المالية من التخوفات بخصوص حجم العجز مؤكدا انه سيتم تغطيته "بنسبة 50% من "صندوق ضبط الإيرادات" الذي يصب فيه الفرق بين سعر النفط المرجعي (37 دولارا) والسعر الحقيقي في السوق والمتوقع ان يصل الى 90 دولارا بالنسبة للنفط الجزائري. وينتظر ان يصل حجم صندوق ضبط الإيرادات الى 7226 مليار دينار اي ما يفوق 88,7 مليار دولار, تراكمت عبر عدة سنوات. اما باقي العجز فستتحمله الخزينة العمومية, كما أوضح جودي في تصريح للصحافيين. وينتظر ان يوقع الرئيس عبد العزيز بوتفليقة على آخر ميزانية في ولايته الثالثة في انتظار قراره بالترشح لولاية رابعة في ابريل 2014 بالنظر الى مرضه الذي يدوم منذ ستة أشهر، اثر إصابته بجلطة دماغية استدعت نقله الى فرنسا للعلاج لمدة ثلاثة اشهر. ولم يعلن بوتفليقة قراره رسميا، إلا أن الأمين العام لحزب جبهة التحرير الوطني الحاكم عمار سعداني، قال ان الحزب "يرشح بوتفليقة لولاية رابعة باعتباره رئيسا للحزب". كما تعد هذه الميزانية الأخيرة في الخطة الخماسية(2010-2014) والتي تعتبر المعارضة انها لم تحقق كل ما كان يرجى منها رغم تخصيص 286 مليار دولار لها. وقال النائب رمضان تعزيبت عن حزب العمال (يساري ) لوكالة فرنس برس "المشكل انه لا يوجد تقييم لما تم انجازه في هذه الخطة الخماسية حتى اننا اكتشفنا ان بعض الوزراء كانوا يقدمون ارقاما غير صحيحة حول تطبيق البرنامج كما هو الحال بالنسبة للسكن". ورغم اعترافه بتحقيق انجازات "مهمة" في مجال الطرق والمطارات والموانئ الا ان القيادي في حزب العمال أكد أن " البرنامج الخماسي الذي خصصت له الدولة 286 مليار دولار خطة جيدة لكنها لم تحقق كل ما كان منتظرا منها". واوضح " بالنسبة للعمل مثلا اعطى رئيس الجمهورية تعليمات بان تكون المناصب الدائمة هي القاعدة بينما المناصب المؤقتة هي الاستثناء واذا بنا نسمع هذه السنة عن خلق 1,6 مليون وظيفة مؤقتة مقابل 80 ألف وظيفة دائمة فقط". ويدافع حزب الرئيس بشدة عن انجازاته ويصفها ب "الفرعونية". وقال النائب محمد جميعي ان "الانجازات التي حققتها الجزائر يمكن وصفها بالفرعونية مقارنة باقتصاديات دول مساوية اواحسن من الجزائر". وكذلك أكد الوزير الاول عبد المالك سلال الاسبوع الماضي ان ما تم انجازه منذ سنة ,1999 تاريخ وصول بوتفليقة الى الحكم, يعد حصيلة "جد إيجابية" ويعكس "نهضة قوية" تعيشها الجزائر. ووعد سلال بتقديم حصيلة هذه الانجازات "في بداية السنة المقبلة" اي قبل الانتخابات الرئاسية, ما اعتبرته المعارضة مؤشرا على أن بوتفليقة سيترشح لولاية رابعة. وذكر سلال ان الرئيس حقق ما وعد به الشعب الجزائري وهو "استعادة الأمن واسترجاع الجزائر لمكانتها الدولية واعادة بناء البنية التحتية بعد التهديم الذي تعرضت له خلال سنوات الإرهاب". أما النائب الإسلامي عن حزب جبهة العدالة والتنمية لخضر بن خلاف فاعتبر أن قانون المالية هو قانون سياسي لأنه ارتبط مباشرة بالانتخابات الرئاسية لسنة 2014". وانتقد بن خلاف الزيارات التي يقوم بها رئيس الوزراء عبد المالك سلال الى مختلف الولاياتالجزائرية, وإعطاء وعود بتقديم المزيد من الاموال للمشاريع المحلية. وقال "نحن نعرف كيف تصرف الأموال لشراء السلم الاجتماعي وكيف يتم توزيع الأموال على الولايات في حملة انتخابية مسبقة رغم أن الولايات لم تصرف حتى الاعتمادات السابقة في إطار الخطة الخماسية". وأوضح القيادي في حزب عبد الله جاب الله المرشح السابق للانتخابات الرئاسية ان "الشيء الذي لم نفهمه هو أن نفس الوزير الذي قدم مشروع قانون المالية التكميلي لسنة 2013 والذي الغي بسبب مرض الرئيس كان يتكلم عن التقشف بينما يقول إن قانون 2014 اعد بدون تقشف". وتابع "هذا يدخل في إطار الحملة الانتخابية التي بدأت بانجازات الرئيس وان الوضع المالي للبلد جيد رغم ناقوس الخطر الذي يدقه صندوق النقد الدولي او الخبراء حول ضرورة تنويع الاقتصاد الجزائري". وفي نطر بن خلاف، فان "هناك أمور ملموسة لا ينكرها الإنسان لكن الأموال الكبيرة التي تم رصدها لم تتم حمايتها من الفساد ومن الناهبين الذي اخذوا الكثير من الأموال وذهبوا". وبالنسبة للخبير الاقتصادي عبد الرحمان مبتول فان"الأرقام التي تقدمها الحكومة غير دقيقة وتتناقض حتى مع الهيئات الرسمية مثل بنك الجزائر المركزي والجمارك". واضاف في تصريح لوكالة الأنباء الفرنسية"المشكل الاساسي في الاقتصاد الجزائري هو انه اقتصاد ريعي يعتمد فقط على تصدير المحروقات واستيراد 70% من حاجيات البلد".