باتت الكثير من التصريحات التي تصدر عن الوزير الأول، عبد المالك سلال، مثارا للانتقاد والاستهجان، وأصبحت أيضا مصدرا للتنكيت والدعابة، بسبب الخرجات غير المحسوبة العواقب، كما أصبحت تشكل خطرا على الانسجام في مواقف وتصريحات رجالات الدولة. سلال وفي أربعينية الشاعر السوري، سليمان العيسى، قال إن موعد انعقاد مجلس الوزراء، لم يتم تحديده بعد، تصريح فهم من طرف المتتبعين على أنه رد على الأمين العام لحزب جبهة التحرير الوطني، عمار سعداني، الذي قال في الندوة الصحفية التي جمعته بعمار غول، إن الرئيس بوتفليقة سيترأس مجلس الوزراء الأسبوع المقبل. وفي نفس المكان والزمان، كذّبت تصريحات لعبد المالك سلال، ما جاء على لسان عضو اللجنة التقنية المكلفة بتعديل الدستور وعضو مجلس الأمة، فوزية بن باديس، التي أكدت في تصريحات للصحفيين الأحد المنصرم، أن اللجنة لم تنته بعد من صياغة مشروع الدستور المعدل، فيما قال سلال إن "اللجنة (المذكورة) أنهت عملها وسلّمت تقريرها لرئيس الجمهورية". وقبل ذلك، قدم عبد المالك سلال تصريحات متناقضة بخصوص قضية تعديل الدستور، ففي افتتاح الدورة الخريفية للبرلمان في الثاني من سبتمبر الجاري، قال الوزير الأول إن لجنة تعديل الدستور لازالت تعكف على صياغة مشروع الدستور المقبل، عكس ما صدر عنه قبل شهرين من هذا التاريخ، عندما أكد في اختتام الدورة الربيعية للبرلمان في جويلية المنصرم، بأن اللجنة المذكورة أنهت عملها وسلمت تقريرها لرئيس الجمهورية!؟ هذه التصريحات المتناقضة تكون قد وضعت الجهاز التنفيذي في حرج أمام الرأي العام، ما اضطر مصدر مقرّب من مصالح الوزارة الأولى إلى الدخول على الخط، وتقديم توضيحات تنفي وجود تضارب في تصريحات كل من عبد المالك سلال وعضو لجنة تعديل الدستور، فوزية بن باديس. وقبل أزيد من أسبوعين سقط الرجل الثاني في الجهاز التنفيذي في واحدة وُصفت بأنها من أكبر الأخطاء المعرفية وصلت حد الإساءة إلى الدين الإسلامي واللغة العربية والعلوم الاجتماعية، على حد ما جاء في بيان وقعه مثقفون وشعراء ومنظمات نقابية. ومما قاله سلال في هذا الصدد: "ليس بالشعر وبأعوذ برب الفلق نبني البلاد"، وقال أيضا: "بماذا نعمل الدفاع الوطني؟ بالشعر.. أي مجتمع لا يعتمد على العلوم والرياضيات، لن يكون له مستقبل، لكن إذا أراد أن يبقى في الشعر، فليبق في قل أعوذ برب الفلق"، من يقرأ هذه العبارات يعتقد أن الرجل لا يفرق بين القرآن والشعر، فهل هي مجرد زلة لسان؟ أخطاء وسقطات سلال باتت أكثر من أن تعد أو تحصى، ولعلّ الجميع لازال يتذكّر كيف كادت تتسبّب تصريحات سابقة له، في إحداث فتنة بجنوب البلاد، عندما وصف الشباب الذي طالب بحقه في الشغل ب"الشرذمة التي تعمل على زرع الفرقة بين سكان الجنوب والشمال"، علما أن سلال أقسم فيما بعد أنه لم يستعمل كلمة "الشرذمة". بعض المقربين من الوزير الأول، أكدوا أنهم نصحوه بضرورة التحلي بالجدية والتخلي عن الأسلوب الهزلي الذي انطبع به الرجل منذ أن برز على المشهد السياسي، غير أنه، كما يبدو، لم يتمكن سلال من الإقلاع عن إدمانه للدعابة، التي باتت تهدد مستقبله السياسي.