التعديل الوزاري الأخير الذي تم الإعلان عنه قبل يومين في الجزائر لم يكن سوى آخر فصل من فصول استعادة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة لزمام الأمور في السلطة. الرئيس الذي عاد إلى الجزائر في 18 يوليوز الماضي بعد إصابته بجلطة دماغية عابرة نقل على إثرها إلى مستشفى فرنسي يسعى إلى ضمان تحكمه في مآل الانتخابات الرئاسية في أبريل 2014. التحركات الأخيرة للرئيس الجزائري تظهر أنه ينوي التأثير إلى أقصى حد في انتخابات الرئاسة في أبريل من العام المقبل والتي ستحدد من سيخلفه في المنصب. من أجل القيام بذلك عمل بوتفليقة على ثلاث واجهات مختلفة. في البداية عاد الرئيس "بقوة رغم مرضه من خلال فرض مقرب من حاشيته على رأس جبهة التحرير الوطني وبإحداث تغييرات في إدارة الاستخبارات والأمن، وأخيرا عبر هذا التعديل الوزاري"، يشرح الباحث السياسي ناصر جابي. المحطة الأولى، تعني نهاية إعادة إنتاج النخب داخل "الأفالان" حيث كان تياران يتصارعان من أجل السيطرة على الحزب في أفق خوض الانتخابات الرئاسية. عمار سعداني، الذي انتخب في 29 غشت الماضي، هو رجل النظام الذي سيوفر لموالي بوتفليقة الفرصة للإبقاء على تحكمهم في الحزب. المحطة الثانية، تعني التقليص من تأثير إدارة الاستخبارات والأمن التي تملك جزءا كبيرا من السلطة التي يرأسها الجنرال محمد مدين الذي لم يتزحزح عن منصبه منذ 1990. ثلاث مصالح رئيسية تابعة للجيش الجزائري، والتي كانت تشرف عليها إلى حدود الساعة إدارة الاستخبارات والأمن تم وضعها تحت السلطة المباشرة لرئيس الأركان أحمد قايد صلاح الذي تمت ترقيته في التعديل الأخير إلى نائب وزير الدفاع، وهي الوزارة التي ما يزال يحتفظ بها الرئيس. وجب التذكير أن إدارة الاستخبارات والأمن هي من كان وراء التحقيقات بشأن عمليات فساد بالمجموعة النفطية "سوناطراك"، مما تسبب في فضيحة كبيرة دفعت وزير الطاقة السابق شكيب خليل، أحد المقربين من بوتفليقة، من الفرار إلى الخارج. خليل صدرت في حقه مذكرة توقيف دولية إلى جانب آخرين حيث تم تحويل المذكرة إلى الشرطة الدولية "الإنتربول". المحطة الثالثة في تأكيد الرئيس الجزائري على استعادته لزمام الأمور خلال يوم الأربعاء الماضي، عبر تعديل وزاري موسع هو أن هذا التعديل كان يصب في صالح مقربيه. لقد منح حقيبتين وزارتين مهمتين هي الداخلية والعدل لرجلين يثق فيهما ،هما الطيب بلعيز ومحمد الشرفي. وبالتالي فإن هاتين الحقيبتين لهما دور أساسي في التحضير للانتخابات وتنظيمها في الجزائر. " بفضل التغييرات التي حصلت داخل "الافالان" والتعديلات التي حصلت داخل الجيش تمكن بوتفليقة من وضع جهاز يخول له السيطرة على الانتخابات الرئاسية المقبلة"، تقول يومية "الوطن" الفرنكفونية الجزائرية. بالنسبة لجريدة "لاليبرتي" فالأمر يتعلق "بانقلاب من قبل رئيس مريض في نهاية حكمه ومع ذلك لا ينوي الرحيل قبل أن يمهد الطريق الطريق لخليفته الذي سيعينه بنفسه". سعد الدين لمزوق (مغاربكم)