اقتربت رائحة الفساد المالي والسياسي التي عمت الجزائر في أعقاب تفجير سلسلة من الفضائح في الأسابيع الأخيرة، من المحيط الأقرب للرئيس عبد العزيز بوتفليقة. واتجهت الإشارات إلى مستشاره وشقيقه سعيد، الذي اتهمته صحيفة محلية ناطقة بالفرنسية بالضلوع في عدد من الفضائح، وبالوقوف وراء عدم مثول المتهم الأول في فضائح شركة سوناطراك النفطية، الوزير السابق، شكيب خليل أمام القضاء. واعتبرت الصحيفة أن شكيب خليل يمثل الشجرة التي تخفي الغابة، وامتثاله أمام القضاء سيكشف عن حقائق مثيرة وخطيرة عن تورط من أسمتهم صحيفة بمحيط الرئيس وبشخصيات نافذة في السلطة في تلك الفضائح.
وقال مراقبون إن التعرض للمحيط الضيق لبوتفليقة والزج به في مثل هذه الملفات سابقة أولى منذ اعتلائه لقصر المرادية سنة 1999، حيث ظل طيلة 14 سنة من الحكم محصنا في وجه الانتقادات، معززا بنصوص قانونية تعاقب التعرض لشخصه، وتمنع إحالته على القضاء حتى بعد مغادرته الحكم.
لكن المراقبين يقولون إن توقيت إشهار سيف الاتهام في وجه أقرب شخصية لبوتفليقة (شقيقه سعيد)، يعد فصلا جديدا من حرب خفية لا يمكن قراءتها بمعزل عن الاستحقاق الرئاسي المقبل.
وذكرت صحيفة الوطن المقربة من جهاز الاستخبارات الذي هو في خلاف عميق مع بوتفليقة منذ 2004 ، تفاصيل مهمة حول تورط محيط الرئيس في عدة ملفات فساد على غرار النقل والطاقة، وهي القطاعات التي أطلقت الكثير من المشروعات والاستثمارات الكبيرة التي كانت من نصيب شركات فرنسية وأميركية، ك”أليستوم”.
هذه الشركات وبعدما كانت على حافة الإفلاس عثرت على قوارب النجاة في مليارات الدولارات التي أنقذتها من الاختفاء، بفضل دور تلك الشخصيات في إرساء تلك المشروعات والاستثمارات المهمة، كميترو الجزائر، وترامواي العاصمة والمدن الكبرى، والنقل الهوائي، إلى جانب محطات كبرى للكهرباء والغاز.
وتذكر بعض المصادر أن جهاز الاستخبارات الذي ضغط على بوتفليقة من أجل الاستغناء عن شكيب خليل في التعديل الحكومي الذي أجراه في العام 2010، بعد تأكده من تورطه في عدد من ملفات الفساد، ربما يكون قد أوفد منذ أسابيع لجنة تتكون من ضباط وخبراء ومختصين للعمل في رئاسة الجمهورية للقيام بتحريات عميقة في الملفات المذكورة.
وهو ما يوحي بتقلص دور بوتفليقة خاصة بعد تردي وضعه الصحي، وينتظر أن تزيده انكفاء حسابات الانتخابات الرئاسية والتطورات المتسارعة خاصة في ظل سعي جهاز الاستخبارات لقطع الطريق أمامه نحو ولاية رئاسية رابعة.
ولا تستبعد مصادر أن يكون مسلسل الفساد وقود الانتخابات المقبلة، وسيوظف كإحدى الأوراق القوية التي يراهن عليها خصوم بوتفليقة لقطع الطريق أمامه نحو الولاية الرابعة، بعدما فشلت الأوراق الأخرى في إسقاطه.
ولذلك يتم الكشف التدريجي عن ملفات الفساد الواحد تلو الآخر، وبشكل يضيّق الخناق عليه شيئا فشيئا، فبعدما كان ينحصر فيما يعرف برجال الرئيس، انتقل إلى المحيط الضيق المتمثل في اقربائه وصفوة مستشاريه.