قالت الدكتورة آمنه نصير، عضو لجنة الخمسين المنوط بها تعديل الدستور المصري المعطل، وأستاذة العقيدة الإسلامية بجامعة الأزهر، وعضو المجلس القومي للمرأة، إن المساواة بين المرأة والرجل في الدستور ليس فيه أي إخلال بالشريعة الإسلامية، وإن الآراء التي ترى أن جملة «دون إخلال بمبادئ الشريعة الإسلامية» قد تفتح الباب لعدم تحقيق المساواة في المادة العاشرة من مشروع الدستور؛ هي «مناورات سمجة تبنى على سوء نية». وفي تصريحات ل«الشرق الأوسط»، تساءلت نصير قائلة، ما الإخلال بالشريعة الإسلامية في أن تكون المرأة مساوية للرجل في صنع الحياة؟، مشيرة إلى أن القرآن الكريم نص على أن الله لا يضيع عمل عامل منكم من ذكر أو أنثى. ونصت المادة العاشرة في مسودة الدستور الجديد، على مساواة المرأة بالرجال في ميادين الحياة السياسية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية دون إخلال بمبادئ الشريعة الإسلامية. وشددت نصير، وهي داعية إسلامية وعضو بالمجلس القومي للمرأة، على ضرورة وضع مبدأ المساواة في الحقوق والواجبات طبقا للقانون والأعراف الدولية، والحفاظ على مدنية الدولة والعدالة الاجتماعية، مطالبة بأن تنص التشريعات والسياسات الاقتصادية والاجتماعية على ذلك للقضاء على الأمية والفقر، وعدم التمييز واعتباره جريمة يحاسب عليها، ووضع آلية لمراقبة ذلك. وقالت الدكتورة نصير، إن «الحماية الحقة لقوانين المرأة والطفل، هي حسن التطبيق على أرض الواقع.. وليس دستورا لا يقرأه سوى 10% من الشعب المصري»، لافتة إلى أن المجلس القومي للمرأة يطالب بدستور يقر مدنية الدولة ويحمي حقوق جميع المواطنين دون تمييز ويؤكد على حقوق المرأة التاريخية مع المطالبة بعدم السماح بإقامة أحزاب على أساس ديني في مصر المستقبل. ودعت آمنة نصير، وهي داعية إسلامية معروفة في مصر، إلى إيجاد وسائل مختلفة لضمان وجود ومشاركة المرأة من خلال النص في الدستور على أن تكون المرأة ممثلة في البرلمان بنسبة معينة، لا سيما وأن المرأة تمثل 48% من المجتمع ولها 23 مليون صوت انتخابي. وكان تعديلا قد أدخل على الدستور المصري عام 2007 أجاز وجود حد أدنى لتمثيل المرأة في البرلمان، نظمه لاحقا قانون أوجب تمثيل المرأة ب64 مقعدا في عام 2010 تحت مسمى «كوته المرأة»، إلا أنه ألغي بعد تنحي الرئيس السابق حسني مبارك عن الحكم عقب «ثورة 25 يناير (كانون الثاني) 2011». كما أن قانون الانتخاب الذي أقره مجلس الشورى السابق (الذي كان يملك سلطة التشريع في عهد الرئيس المعزول محمد مرسي)، لم ينص على نسبة محددة للمرأة بالقوائم الانتخابية، وهو الأمر الذي لو طبق - حسب مراقبين - لاستمر الوضع المتردي لمصر في التقارير الدولية، بعد أن أصبحت مصر في ذيل قائمة الدول العربية فيما يتعلق بتمثيل المرأة في البرلمان، حيث لم تتجاوز نسبة تمثيل المرأة في البرلمان الأخير 2%، لتحتل بذلك المرتبة رقم 134 من إجمالي 188 دولة. ولم يلزم القانون الانتخابي الأحزاب السياسية بمنح المرأة ميزة في القوائم، مما جعل أحزابا كثيرة تضع مرشحاتها تحت ضغط التنافس الانتخابي الشرس، في مواقع متأخرة من قوائمها الانتخابية، خصوصا الأحزاب الإسلامية. وأوضحت الدكتورة نصير، أن هناك كثيرا من الفجوات المتعلقة بالمرأة والطفل في الدستور يجب تعديلها، مضيفة: أنه «يجب أن تكون هناك خصوصية لحقوق المرأة والطفل، وأن يتم بناء المجتمع بصورة متكاملة من خلال الاهتمام بحقوق كل أفراد المجتمع عامة وحقوق المرأة والطفل بصفة خاصة». ويقول المراقبون إنه منذ صعود جماعة الإخوان المسلمين إلى الحكم في 30 يونيو (حزيران) عام 2012 وحتى عزل مرسي في الثالث من يوليو (تموز) الماضي، عقب وضع الجيش بالتوافق مع القوى السياسية والرموز الدينية خارطة مستقبل تضمنت تعديل الدستور، والمرأة المصرية تعاني أكثر من غيرها في ظل حكم نظام الإخوان من شتى أنواع التمييز والقهر والإقصاء. وهددت قيادات من جماعة الإخوان أكثر من مرة بإلغاء المجلس القومي للمرأة الذي تأسس في مصر عام 2000، وإلغاء قانون الخلع ومكتسبات أخرى للنساء، فضلا عن سياسة عزل النساء من المناصب القيادية والتنفيذية، سواء عن طريق النقل التعسفي لهن أو عدم الحصول على حقهن في الترقيات للوظائف الأعلى، مما عكس اتجاها ممنهجا لإقصاء المرأة من المشاركة ومن شغل المناصب القيادية، بحسب المراقبين. وتقول ناشطات مصريات، إن «المرأة المصرية تنفست الصعداء بعد زوال حكم الإخوان، فكان ما قاسته خلال تلك الفترة دفعها لتسابق الرجال في النزول للمطالبة برحيل مرسي. وحول قيام لجنة العشرة بحذف المادة 219 التي تنص على أن «مبادئ الشريعة الإسلامية تشمل أدلتها الكلية، وقواعدها الأصولية والفقهية، ومصادرها المعتبرة في مذاهب أهل السنة والجماعة»، قالت آمنة نصير: «هذه المادة غير مفيدة.. ويكفينا أن تكون مبادئ الشريعة الإسلامية هي التي تحكم الشعب المصري كما نصت المادة الثانية من الدستور». وتابعت أن المادة 219 لها مغزى، ألا وهو مخاصمة المذاهب الأخرى. وتساءلت لماذا نحرم أنفسنا من الانتفاع بهذه المذاهب؛ ثم أخذ ما يتفق مع قضايا ونترك ما لا يتفق.. مطالبة بالإبقاء على المادة الثانية الخاصة بالشريعة كما هي في دستور عام 1971. وتنص المادة الثانية من الدستور المصري عامي 1971، 2012 على أن «الإسلام دين الدولة، واللغة العربية لغتها الرسمية، ومبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع». وفي تعليقها على النظام الفردي في الانتخابات البرلمانية، قالت نصير، إن «النظام الفردي له عيوب وله مزايا، ومزاياه أكبر بشرط أن يقيد بقانون صارم». وبلغت نسبة تمثيل المرأة في لجنة الخمسين لتعديل مواد الدستور 10%، بينما كان تمثيل المرأة في وضع الدستور السابق الذي هيمن على وضعه الإسلاميون 7% فقط. وبحسب الإعلان الدستوري الذي أصدره الرئيس المصري المؤقت عدلي منصور في 8 يوليو الماضي، تختص لجنة الخمسين «بدراسة مشروع التعديلات الواردة إليها من لجنة الخبراء العشرة وطرحه للحوار المجتمعي، وتتلقى أي مقترحات من المواطنين لإعداد المشروع النهائي خلال 60 يوما. وعن رأيها في مسودة التعديلات التي ترى إلغاء مجلس الشورى (الغرفة الثانية للبرلمان) وإلغاء نسبة العمال والفلاحين في أي انتخابات، قالت الدكتورة نصير: «أؤيد إلغاء مجلس الشورى.. نريد مجالس فعالة، كما أن عصر العمال والفلاحين قد انتهى وهذا كان موجودا وقت الاتحاد الاشتراكي، فضلا عن أن البرلمان لم يكن فيه أصلا فلاحون بل كان يتم تغيير الصفة للفوز بالكرسي».