أعلن عدد كبير من الأحزاب المصرية، أول أمس، تشكيل تحالفين لخوض معركة الانتخابات البرلمانية المقبلة، في تسخين مبكر للمعركة الانتخابية المقبلة، غداة توقيع الرئيس المصري محمد مرسي مرسوم إنفاذ الدستور، أحدهما يضم الأحزاب الإسلامية، والثاني يضم أحزاب جبهة الإنقاذ الوطنية التي تضم العلمانيين، فيما عقد مجلس الشورى بكامل أعضائه أولى جلساته، مع تسلمه بموجب الدستور الجديد صلاحيات التشريع لحين انتخاب مجلس الشعب، وطالب مجلس القضاء الأعلى النائب العام بالتنحي . وأكد مرسي في خطاب متلفزن أول أمس، أنه كلف رئيس الوزراء هشام قنديل “إجراء تعديلات وزارية تناسب المرحلة الحالية"، وهنأ الشعب بإقرار الدستور الجديد، وقال إنه “تم في ظل إشراف قضائي كامل"، وأوضح أن الدستور “جاء معبراً عن روح الثورة وقام على حق المواطنة حيث يتساوى فيه الجميع بغير تفرقة ولا تمييز". وأكد أنه “يجعل من الوحدة الوطنية فريضة وركيزة لبناء الدولة ويحمي حقوق العمال والفلاحين ويحافظ على الملكية العامة والخاصة". وشدد على أنه “يحافظ على هوية مصر العربية والإسلامية، ويؤسس لدورها الحضاري والإنساني للعالم كله"، مشيرا إلى أنه يسمح بتكوين الأحزاب وإصدار الصحف بمجرد الإخطار، وقال إنه حرص على أن ينتقل بالوطن إلى بر الأمان. وانتقلت سلطة التشريع إلى مجلس الشورى “الغرفة الثانية للبرلمان" وفقا للدستور الجديد، وعقد المجلس جلسة إجرائية أدى خلالها الأعضاء ال90 المعينون اليمين الدستورية . وكان مرسي وقع مرسوم إنفاذ الدستور الجديد، ليل الثلاثاء/الأربعاء، ليصبح ساريا، بعد الإعلان الرسمي عن نتيجة الاستفتاء بالموافقة على الدستور . وفي أول تعليق رسمي على إقراره، أكد قنديل أنه “ليس هناك فائز أو مهزوم في نتيجة الاستفتاء". ودعا إلى ضرورة منح الوطن فرصة لالتقاط الأنفاس . وبموجب نفاذ الدستور ستنشأ 10 هيئات جديدة نص عليها الدستور، ما يؤدي إلى اكتمال مؤسسات الدولة وهيئاتها. من جهته، أعلن حزب “الحرية والعدالة" الذراع السياسية لجماعة “الإخوان المسلمين" الدخول في تحالف انتخابي مع أحزاب النور “السلفي" والبناء والتنمية “الذراع السياسية للجماعة الإسلامية"، وحزبي الأصالة والحضارة، ومجلس أمناء الثورة المصرية، بهدف خوض الانتخابات البرلمانية المقبلة بقائمة موحدة. في المقابل، أعلنت جبهة “الإنقاذ الوطني" التي تضم خليطا من المتناقضات الإيديولوجية والسياسية، تضم اليسار واليمين والشيوعيين والليبراليين والقوميين... استعدادها لخوض معركة الانتخابات البرلمانية من خلال تحالف انتخابي قوي يضم جميع الأحزاب المشكلة لها، لمواجهة التيارات الإسلامية، وشكلت لجنة انتخابات برئاسة المنسق العام السابق للجمعية الوطنية للتغيير عبد الجليل مصطفى، وضمت ممثلاً عن كل حزب ليكون عضوا بالجبهة، وستكون مهمة اللجنة وضع أسس ومعايير اختيار مرشحيها في الانتخابات البرلمانية المقبلة. مواقف غربية في غضون ذلك، دعت الولاياتالمتحدة الرئيس المصري، ليل الثلاثاء/الأربعاء، إلى “وضع حد للانقسامات" و"تعزيز دعم العملية السياسية"، بعد إقرار الدستور. وصرح المتحدث باسم وزارة الخارجية باتريك فنتريل في بيان بأن “مرسي بصفته رئيسا انتخب ديمقراطيا في مصر، من واجبه التصرف بطريقة تقر بالحاجة الملحة لوضع حد للانقسامات وبناء الثقة وتعزيز الدعم للعملية السياسية". وأضاف أن الولاياتالمتحدة “لطالما دعمت المبدأ القائم على أن الديمقراطية تتطلب أكثر من مجرد الغالبية، إنها تحتم حماية الحق في بناء مؤسسات تجعلها راسخة ودائمة"، مذكرا بأن “العديد من المصريين أعربوا عن قلقهم العميق إزاء مضمون الدستور". وتابع المتحدث “نأمل في أن يدخل المصريون الذين خاب أملهم في حوار معمق، وأن يبتعد الجانبان عن العنف". ومضى يقول إن “مستقبل مصر لا يتوقف فقط على قدرة طرف على التغلب على الطرف الآخر، بل على التزام الجميع بحث الخلافات سواء حول الدستور أو حول القوانين المرتبطة به". من جهتها، دعت المفوضة العليا للسياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي كاثرين آشتون إلى الحوار بين المصريين بعد الموافقة على الدستور . وقالت “إنه لفي غاية الأهمية أن تستعاد ثقة جميع المصريين في تلك العملية". ودعت الحكومة الفرنسية مرسي إلى “إقرار التوافق" في بلاده، وقالت الخارجية إن “مصر شهدت في الأسابيع الماضية توتراً حاداً نتيجة حالات سوء فهم هائلة، وتنديدات بمخالفات كبيرة في استفتاء كانت المشاركة فيه ضعيفة". وأضافت “أمام المخاوف المعلنة على جميع اللاعبين السياسيين وأولهم الرئيس مرسي، يجب العمل من أجل إقرار توافق في المجتمع المصري". وتابعت “فيما تبدأ مرحلة جديدة في مصر على الجميع أن يضعوا نصبهم أعينهم هدفاً واحداً وهو العمل على ضمان استناد عملية الانتقال السياسي إلى الحوار، والسعي إلى تسويات من أجل مصلحة واحترام جميع المصريين والمصريات". وأكدت “إن احترام دولة القانون والمبادئ الديمقراطية والمساواة بين المواطنين جميعا وحقوق الأقليات وشفافية العملية الانتخابية عناصر أساسية ستبقى فرنسا حريصة عليها".