مازال الشارع المصري لم يجد بعد طريقه نحو الهدوء، حيث عاش ميدان التحرير وسط القاهرة الثلاثاء الماضي مليونية جديدة أطلق عليها اسم «مليونية العدالة»، رفع فيها المتظاهرون شعارات تطالب بتنفيذ قانون العزل الانتخابي في حق المرشح المستقل، أحمد شفيق، ووقف الجولة الثانية للانتخابات. ووسط التطورات السياسية المتلاحقة، خاصة بعد الأحكام الصادرة السبت الماضي، ذكرت وكالة أنباء الشرق الأوسط المصرية أن الحالة الصحية للرئيس السابق حسني مبارك دخلت مرحلة الخطر. مع اقتراب موعد جولة إعادة الانتخابات في مصر، المقررة يومي 16 و17 يونيو الجاري، تتلاحق التطورات السياسية في البلاد وسط دعوات لمقاطعة جولة الإعادة، التي تأتي أياما قليلة بعد الأحكام الصادرة في حق مبارك ومن توبعوا في قضية قتل المتظاهرين والفساد. ومازال الشارع المصري لم يجد بعد طريقه نحو الهدوء، حيث عاش ميدان التحرير وسط القاهرة الثلاثاء الماضي مليونية جديدة أطلق عليها اسم «مليونية العدالة»، رفع فيها المتظاهرون شعارات تطالب بتنفيذ قانون العزل الانتخابي في حق المرشح المستقل، أحمد شفيق، ووقف الجولة الثانية للانتخابات، وإعادة محاكمة المسؤولين الأمنيين، الذين أصدر القضاء المصري في حقهم أحكاما بالبراءة في قضية قتل المتظاهرين. يأتي ذلك وسط جدل حول صيغة تشكيل أعضاء الجمعية التأسيسية للدستور المصري المقبل، حيث اختتمت أمس الخميس بالقاهرة اجتماعات القوى السياسية حول المعايير المعتمدة في تشكيل اللجنة التأسيسية لوضع الدستور المصري المقبل، واتفقت القوى السياسية المشاركة في الاجتماعات على وضع صيغة مشتركة فيما بينها. جدل التأسيس تتكون الجمعية التأسيسية لإعداد الدستور المصري المقبل من 100 عضو، حيث سيتم تخصيص 39 بالمائة من مقاعد اللجنة التأسيسية للأحزاب السياسية، وتمثيلهم ب 16 عضواً من حزب الحرية والعدالة، الذراع السياسي لجماعة الإخوان والمسلمين، و8 من أعضاء من حزب النور، و5 من حزب الوفد، وعضوين من كل من المصريين الأحرار والمصري الديمقراطي والوسط، وعضو واحد من كل من الكرامة والتحالف الشعبي والإصلاح والتنمية والبناء والتنمية. وأسفرت الاجتماعات عن اتفاق يتأسس على تكون اللجنة التأسيسية أيضا من 15 عضوا من الهيئات القضائية، و9 أعضاء يمثلون المؤسسات الدينية بمعدل 5 أعضاء من الأزهر، و4 أعضاء ممثلين عن الكنائس، و10 من الشخصيات العامة، و10 من شباب وفتيات الثورة، و7 أعضاء من اتحاد العمال والفلاحين والاتحادات النوعية، و7 أعضاء من النقابات المهنية، وممثل عن الشرطة، وممثل عن القوات المسلحة ووزارة العدل. وجاء اجتماع القوى السياسية لتحديد معايير تشكيلة اللجنة التأسيسية للدستور، بعد تكليف المجلس العسكري لجنة تضم ممثلين عن حزب الوفد والنور والمصريين الأحرار للتواصل مع الأحزاب الأربعة، التي قاطعت اجتماع المجلس العسكري الثلاثاء الماضي، لتنسيق المواقف والتوصل إلى اتفاق، حيث إن أحزاب الحرية والعدالة وغد الثورة والوسط والمصري الديمقراطي قاطعت اجتماع المجلس العسكري الذي ناقش تعديلا يقضي بأن تُشكل لجنة الدستور من خارج البرلمان بالكامل. وقد أمهل المجلس العسكري الأحزاب الممثلة في البرلمان حتى اليوم للاتفاق على معايير تشكيل الجمعية التأسيسية قبل أن يصدر إعلان دستور مكمل يحدد فيه معايير تشكيلها، فيما اعتبرت جماعة الإخوان أن مهمة تشكيل اللجنة التأسيسية موكلة إلى الأعضاء المنتخبين في مجلسي الشعب والشورى، ولا يحق للمجلس العسكري التدخل في هذا الشأن، حسب تعبيرها. إلى ذلك، حددت المحكمة الدستورية العليا في مصر جلسة 14 يونيو الجاري للنظر في الطعن المحال عليها من لجنة الانتخابات الرئاسية بخصوص قانون «تنظيم مباشرة الحقوق السياسية» المعروف باسم «قانون العزل السياسي»، قبل يومين فقط من موعد الجولة الثانية والنهائية للانتخابات الرئاسية. وفي حال إقرار المحكمة بدستورية القانون، سيتعين عليها إبعاد المرشح الرئاسي أحمد شفيق، آخر رئيس وزراء في عهد الرئيس المخلوع حسني مبارك، من السباق الرئاسي. وستنظر المحكمة الدستورية العليا، خلال الجلسة ذاتها، في الطعن المقدم إليها من المحكمة الإدارية العليا بشأن عدم دستورية بعض نصوص قانون مجلس الشعب، بسبب ما تضمنته تلك النصوص من عدم قصر الانتخاب الفردي على المرشحين المستقلين غير المنتمين لأي حزب من الأحزاب السياسية، وهو ما يهدد مصير البرلمان الحالي ويفتح الباب لوصفه بالبطلان. وتستمر الاحتجاجات وفي خضم المخاض السياسي الذي تعرفه الساحة المصرية، يتواصل تجمع المصريين في ميدان التحرير بقلب القاهرة وفي ميادين أخرى بالمدن المصرية بعد «مليونية العدالة»، التي نظمت أول أمس للمطالبة بمحاكمة ثورية للنظام السابق ووقف جولة الإعادة لانتخابات الرئاسة. ورفع المتظاهرون شعارات تطالب بإقالة النائب العام وتطبيق قانون العزل السياسي في حق شفيق، الذي ينظر إليه كامتداد لنظام مبارك، باعتباره آخر رئيس وزراء في عهده، كما شغل منصب وزير الطيران المدني سنوات، ويتهمه البعض بالتورط في قضايا فساد. وأدت الأحكام الصادرة السبت المنصرم إلى خروج آلاف المصريين إلى الشوارع، مطالبين بإعادة المحاكمة والقصاص لقتلة المتظاهرين خلال المظاهرات التي أطاحت بنظام مبارك في 11 فبراير 2011، وأدى قمعها إلى مقتل حوالي 850 شخصا. واحتل الآلاف ميدان التحرير بوسط القاهرة، بعد أن أمضى عدد منهم ليلة السبت في خيام أو على الأرض في الساحة، وأعلنوا دخولهم في اعتصام مفتوح إلى حين تنفيذ باقي مطالب الثورة المصرية، وفي مقدمتها إعادة محاكمة قتلة متظاهري الثورة، ورحيل المجلس الأعلى للقوات المسلحة عن السلطة. كما شهدت محافظات الإسكندرية والسويس وبورسعيد والإسماعيلية وشمال سيناء والأقصر وقنا وأسوان، مظاهرات مماثلة تعبيرا عن رفض ما وصفوها بالأحكام المخففة على مبارك ووزير في الداخلية حبيب العادلي. جماعة الإخوان المسلمين أكدت نزول أعضائها في مختلف المحافظات إلى ميادين مصر وميدان التحرير للمشاركة في المظاهرات احتجاجا على الأحكام التي اعتبرتها «صادمة». وتعهد مرشح الجماعة لانتخابات رئاسة الجمهورية، محمد مرسي، بإعادة محاكمة مبارك ورموز نظامه في حال فوزه بالانتخابات، وهو ما اعتبره متتبعون استغلالا لحكم قضائي قد يتسبب في انقسام الشارع المصري، في ظل تصريحات شفيق المؤكدة على احترامه استقلالية القضاء المصري. كما عرفت المظاهرات بميدان التحرير مشاركة المرشحين الخاسرين في انتخابات الرئاسة، حمدين صباحي وعبد المنعم أبو الفتوح. مبارك في خطر ووسط التطورات السياسية المتلاحقة، خاصة بعد الأحكام الصادرة السبت الماضي، ذكرت وكالة أنباء الشرق الأوسط المصرية أن الحالة الصحية للرئيس السابق حسني مبارك دخلت مرحلة الخطر. وكشفت وكالة الأنباء ذاتها أن مبارك المحكوم عليه بالسجن المؤبد يرقد في غرفة العناية المركزة داخل مستشفى سجن مزرعة طرة، وتم إخضاعه للتنفس الاصطناعي 5 مرات على مدى ساعات قليلة. وأكدت بعض المصادر أن مبارك سيتم نقله إلى مستشفى عسكري أو مستشفى استثماري كبير، بناء على توصية طبية من الأطباء الذين يعالجونه، في الوقت الذي تقدمت زوجته سوزان ثابت بطلب لنقله للعلاج بمستشفى عسكري لتدهور حالته الصحية. وقامت إدارة سجن مزرعة طرة باستدعاء فريق طبي من كبار أطباء القلب والأوعية الدموية والصدر إلى مستشفى السجن، حيث قاموا بالكشف عليه وتقديم العلاج اللازم له. وتأكدت إصابة الرئيس السابق بصدمة عصبية وانهيار نفسي واكتئاب حاد منذ نقله من المركز الطبي العالمي إلى مستشفى السجن بعد صدور الحكم عليه السبت الماضي. كما تبين أنه يعاني ارتفاعا حادا في ضغط الدم، ونوبات ضيق في التنفس. وقد ساءت الحالة الصحية لمبارك عقب زيارة زوجته سوزان ثابت، إلى جانب زوجتي نجليه جمال وعلاء. وقدم فريد الديب، محامي الرئيس المصري السابق حسني مبارك، تقارير طبية للنائب العام تشير إلى تدهور الحالة الصحية لمبارك. وأكد الديب أنه قدم مذكرة إلى القضاء العسكري والجهات المختصة تفيد بأن «مبارك رجل عسكري ومن حقه أن يعالج في مستشفيات عسكرية». وتضمنت التقارير الطبية أن مبارك يعاني من اضطرابات شديدة في ضربات القلب، وأنه تعرض لأزمة صحية حادة واحتاج إلى هواء أوكسجين فلم يجدوا له إلا أسطوانة واحدة قديمة جدا ورديئة. وقد تم منع طاقم الحراسة الخاص به من حراسته، كما تم منع الطبيب المعالج له في المركز الطبي بمباشرة حالته الصحية في طرة، فيما ذكرت بعض الأنباء أن إدارة السجن رفعت تقريرا حول صحة الرئيس أيضا توضح فيه عدم جاهزية المستشفى في سجن طرة لاستقبال حالة مبارك، وأنها لا تتحمل مسؤوليته. جولة الإعادة واصلت سفارات وقنصليات مصر في الخارج استقبال بطاقات اقتراع الناخبين المصريين في جولة الإعادة للانتخابات الرئاسية. وصرح الوزير المفوض عمرو رشدي، المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية، بأنه بعد انتهاء العمل بالبعثات المصرية, أول أمس الأربعاء وصل عدد من أدلوا بأصواتهم في الخارج إلى قرابة 000 150 ناخب مصري.يأتي في مقدمتهم المصريون في الكويت بعدد ناخبين تجاوز 000 35 ناخب، والرياض بنحو 30500 ناخب، ثم جدة بنحو27200، والدوحة ب11200، ثم دبي ب 8500، بينما تقدمت قنصلية مصر في نيويورك لتصبح أكثر بعثة غير عربية من حيث عدد الأصوات، بتسلمها، حتى مساء أول أمس الأربعاء ، بطاقات اقتراع نحو 2500 ناخب. وأشار المتحدث باسم الخارجية إلى أن تلك الأرقام تظهر إقبالا كبيرا على التصويت في انتخابات الإعادة ، حيث صوت حتى الآن حوالي نصف عدد من شاركوا في التصويت في المرحلة الأولى، ولازالت ثلاثة أيام متبقية قبل إغلاق باب الاقتراع في الثامنة من مساء غد السبت. ومن المتوقع أن يشهد التصويت في الأيام المقبلة ارتفاعا ملحوظا, لأن العديد من المواطنين يفضلون التصويت بأنفسهم خلال عطلة نهاية الأسبوع، التي تبدأ الخميس في العديد من الدول العربية، التي تشهد أكبر تجمعات للمصريين المسجلين في الانتخابات. وفي حال فوز مرسي مرشح الإخوان، سيكون البرلمان بغرفتيه ولجانه، والحكومة بوزرائها، ومؤسسة الرئاسة ومستشاروها، ومستقبلاً المجالس الشعبية المحلية والمحافظون ينتمون إلى الإخوان. وتدور أسئلة الخبراء والسياسيين إذا ما وصل مرشح الإخوان إلى المنصب الرئاسي حول كيفية إدارة الإخوان للدولة وعلاقة الحزب بالجماعة، فضلاً عن مراكز القوى داخل الجماعة وكيفية التعامل مع القوى السياسية الأخرى في المستقبل ومعالجة تأسيسية الدستور. ويرى البعض أن الإخوان فشلوا حتى هذه اللحظة في السير في الركب الوطني، معتبرين أن الجماعة ما هي إلا فئة من الفئات السياسية التي تسعى إلى تحقيق أهدافها السياسية في المقام الأول. وفي حال فوز شفيق، آخر رئيس وزراء في عهد مبارك، يؤكد محللون أن الإخوان سيخرجون إلى الشوارع مع شباب الثورة باعتبار أن فوز شفيق بمثابة «نهاية رسمية للثورة المصرية»، ذلك أن شفيق لن يترك العنان للجماعة، وسيضع مزيدا من القيود عليها ربما كما كان يفعل سلفه، وهنا ربما يمتد خطر شفيق إلى باقي القوى الثورية التي ساندت مرسي بعد فشل مرشحي الثورة في الجولة الأولى. وبالرغم من أن آخرين يرون أن شفيق لن يستطيع إعادة إنتاج النظام السابق أو يقترف جزءا بسيطا مما كان يقترفه مبارك، يرى البعض أن شفيق لن يلتفت إلى البناء وأن الجماعة لن تتركه ينجح. ويرى بعض المتتبعين للشأن السياسي المصري أن خوض محمد مرسي، مرشح حزب الحرية والعدالة، الذراع السياسي لجماعة الإخوان المسلمين، وأحمد شفيق، الذي يخوض الانتخابات كمرشح مستقل، لجولة الإعادة في انتخابات الرئاسة المصرية لن تكون إلا إجهاضا للثورة التي بدأها الشباب، من خلال اختطافها وتوجيهها إلى حيث تشاء فلول النظام السابق.