هل يعني إصدار جهاز العدالة لمذكرات توقيف دولية في حق وزير الطاقة السابق شكيب خليل وأفراد من عائلته أن الرئيس عبد العزيز بوتفليقة قد أبرأ ذمته ووفّى بوعده بملاحقة كل مسؤول مدان في فضيحة سوناطراك؟ الأكيد أن للقضية تبعات أخرى إلا إذا كان الغرض من إصدار المذكرات مجرد استجابة "لما يطلبه المشاهدون" وخلق مسلسل "خليفة" جديد. مثلما شكلت قضية شكيب خليل مع قضايا الفساد في مؤسسة النفط العملاقة سوناطراك عاملا توصف به فترة حكم الرئيس بوتفليقة، فإن انسحاب هذه التهمة التي تربط بين حجم قضايا الفساد طبيعة نظام الحكم مرهون بمدى تقدم جهاز العدالة في إبراء الذمة أمام الجزائريين في أن يصل التحقيق مداه مهما كان موقع المتورطين والمشبوهين، وكان باديا ولو في كواليس السلطة أن جوانب التحقيق القضائية كانت لا تشكل الكل في فضائح سوناطراك بما أن المتهم رقم واحد لطالما وصف بأنه أحد رجال ثقة بوتفليقة. قد تكون خطوات العدالة بداية لوعود بوتفليقة في ذكرى عيد النصر قبل شهور، لكنها لن تكون نهاية الحلقات إلا باسترجاع الأموال المنهوبة وتسلم المتهمين في القضية، والخشية أن تكون مذكرات التوقيف هي أقصى ما يمكن القيام به وأنها بداية لمسلسل شبيه بقضية عبد المومن خليفة، ومعلوم أن الرئيس عبد العزيز بوتفليقة قد توعد في خطاب 19 مارس بأن "الدولة" عازمة على "محاسبة كل من يثبت تورطه قانونيا في تبديد المال العام"، وتوعد مسؤلين بالمحاسبة "مهما كان منصبهم"، ولمح حينها لما يفهم أنه فساد طال المال العام في مشاريع تتبع برنامجه الرئاسي قائلا "يوجد تقصير وأخطاء" رافقت عمليات إنجاز بعض المشاريع "منها ما يجد عذره لأسباب عديدة ومنها ما يجب الوقوف عنده ومحاسبة المقصرين فيه مهما كانت مناصبهم". ودفع الحديث المتنامي عن فساد مسؤولين في كبرى الشركات الحكومية الرئيس عبد العزيز بوتفليقة للحديث عن الموضوع الذي شغل بال الجزائرييين، متوعدا ب«المحاسبة" للمفسدين "مهما كانت مناصبهم" في إشارة لغياب ثقة من الشارع في أن العدالة قد تحاسب فعلا كبار المسؤولين. ويعتقد محللون أن ملف الفساد أكبر من الآليات التي شرعتها الدولة لمحاربة الظاهرة. كما دفعت فضائح الفساد بسياسيين إلى حث السلطات على اتخاذ إجراءات" رادعة" في حق مسؤولين مشبوهين بفضائح فساد باتت محل سجال في البلاد منذ فتح القضاء الإيطالي تحقيقا تكميليا مع مسؤولين دفعوا رشاوى لمسؤولين جزائريين ودفع بروز الفضائح المالية بقوة في إيطاليا وكندا بالخبير الدولي نيكولا ساركيس إلى توجيه رسالة لرئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة، قال فيها إن "الجزائريين وأصدقاء الجزائر يوجهون أنظارهم باتجاهكم، آملين بأنكم ستنجحون في المهمة الشاقة التي تناط إليكم للقضاء على حال التفسخ الذي أضحى يهدد الأمن القومي والمصالح الحيوية للجزائر". كما نددت شركة الطاقة "سوناطراك" نفسها بقضايا الفساد خلال إبرام صفقات مع شركات إيطالية وكندية، واعتبر المدير التنفيذي للشركة عبد الحميد زرقين أن "الفضائح التي وقعت مؤسفة"، ووصفها بأنها فردية، وكان وزير الطاقة يوسف يوسفي قد أكد "عدم التسامح" مع أي شخص يثبت تورطه في قضايا الفساد التي هزت المجموعة ومنذ أعلنت النيابة الجزائرية فتح تحقيق في القضية يوم 10 فيفري الماضي.