قال وزير العدل المغربي محمد الطيب الناصري إن علاقة الإعلام بالقضاء تتقاطع فيها عدة جوانب يطبعها "التعقيد". واضاف الناصري أن الجانب الذي يحظى بالاهتمام أكثر هو"تأثير كل منهما في استقلال الآخر". وجاء كلام الناصري خلال ندوة عقدت اليوم بنادي العدل في الرباط لتدارس علاقة السلطة القضائية بالإعلام. وأكد الناصري أن الأصل في الإعلام هو الحرية وفي القضاء هو الاستقلالية، وتضافر هذين المبدأين يعتبر "ضمانة حقيقية لكل الحريات في المجتمع الديمقراطي المعاصر"، وهو أيضا ما يجعلهما معا "محط اهتمام" كذلك. وأشار وزير العدل المغربي إلى أن حاجة الرأي العام إلى المعلومة والبحث المسبوق لوسائل الإعلامية للوصول إلى المعلومة القضائية "لا يساير أحيانا مبدأ استقلالية القضاء والحاجة إلى إبعاده عن أي تأثير". فشروط المحاكمة العادلة، يقول الناصري، تستوجب وضع ضوابط بخصوص تغطية المحاكمات ونشر التحقيقات والتعليقات واستطلاعات الرأي وكذا ما يتعلق بآلات الاتصال. وذكر الوزير المغربي أن "الحاجة كبيرة لتحديد المعايير التي ترعى هذه العلاقة" مشير إلى أنه اتخذت تدابير في هذا المجال من قبيل "تخصيص جلسات لقضايا الصحافة" وكذا إيفاد "بعثات من القضاة إلى الخارج للاستفادة من التجربة الدولية بخصوص معالجة قضايا الصحافة والإعلام" فضلا عن "الاهتمام بالتكوين في ميدان الصحافة على مستوى المعهد العالي للقضاء". وبدوره أشار الرئيس الأول للمجلس الأعلى ،مصطفى فارس إلى دور القضاء في "تحقيق العدالة والفصل في المنازعات وتوفير المحاكمات العادلة" ،معتبرا أن دور الإعلام لا يقل أهمية عنه إذ يلعب دور "رصد التجاوزات التي تقوم بها إحدى السلط الثلاث" ،وإظهار "الوقائع كاملة" و"تنوير الرأي العام وبث الوعي وتدعيم ثقافة حقوق الإنسان وتكريس الحياة الديمقراطية وفضح التجاوزات". واعتبر فارس أن "التكتم المطلق على العمل القضائي" بمثابة "تدمير بمصداقيته وإخلال بآليات الحكامة الجيدة"،مشير إلى أن الأحكام القضائية بعد أن تصير نهائية تصبح "ملكا للعموم" يجوز على المختصين والخبراء دراستها وتحليلها وإضخاعها للتمحيص والتدقيق، "وفي ذلك تدعيم للثقة في القضاء وأحكامه". هذه الثقة، يقول الرئيس الأول للمجلس الأعلى، "تتعزز بالشفافية والعلانية وتتحصن بذيوع المعلومات وانتشارها"، بالمقابل فهي "تتأثر سلبا بالتكتم والسرية والحيطة".