بقلم :عبد القادر العفسي الرسالة الخامسة عزيزتي "شمس النساء زهرة الشوك الفضي": أخبرتك قبلا ، أن قبل معرفتك افتقدت مادة الإبداع ، و الإبداع يمكنه أن يزور كل فرد ، ما عليك إلا أن تكون لديك القدرة وقابلية الإدمان على موضوعة ما ،كجسد النساء مثلا ، كرر الأمر على لوحة و فرشاة .. مئات المرات..تمرن جيدا... سيلتف حولك الكثير من المازوخ... يقلدونك نياشين ، سيعتبرون أنها ثنائية الجسد والروح... والمرأة هي الطبيعة ... حتى أنهم سيصنعون لك إيقاعا للحياة ؟ إنها متناقضات و شذود بين موضوعة الإبداع والمبدع ، بين عقار الإدمان والفاعل المدمن ..؟ ربما هنالك معاناة مشتركة تجمعنا مع فوارق للموضوعة والدافع ...! أعرف أني لم أعد قادر على استفزازك .. ! فلم يعد هناك شيئا ما ، لأني موقن كذلك أني لم أعد أستطيع أن انتشل الفوضى والقلق داخل هواجسي المتعبة الملعونة ، ولا قدرة لي أن أتجنب الحكاية أو الحياكة عن هذا المد الجارف بمخيلتي لك...! لا أدري بالضبط لما أسرد عليك كل هذا..! إنها عادتي السيئة السمعة في عدم التوقف .. و تقاسم معك ما أبغض و ما أحب .. لا أدعوك بهذا لكي تحبينني ، فلست أملك سيولة مالية .. و لا وسيما .. كارها لذاتي أمارس طقوس الجلد على الذات كل لحظة وحين كذلك ، أشاهد عالمكم تحت نظارات أكثر قتامة ...لا تغضبي مني ..؟ لكنك ذهبت إلى أبعد الحدود ...لا تتحركين ، ساكنة ..لا تحبين الخلود الأبدي .. أعلم أنه اختيارك .. لكنك تصنعين وحشا .. بالتأكيد ، ستعيشين معاناة عظيمة نتيجة الحسم الذي هو اختيارك ..؟ فكم مر علي من الوقت و أن أحدثك دون دعوتك إلى اعتناق أية عقيدة أو عن الصورة و تأويلاتها .. إن كلامي فقير هزيل أراك فقط من وجهة نظر عوالمي المقلوبة ..؟ أليس كذالك ..؟ أضحك ، لأنك تعتقدين أني منجذب لجسدك ...خطأ فادح فأنا أشتهي صدرك ..فلا تغضبي مني و من عيني البائستين المستفزة فهي جامدة ..كأنها تقول لديها اهتمامات متعددة ..فإليك واحدة منها: بعد مقدمة طويلة عن كتاب "أقنعة جنسية" ل"كاميلي باليا" و فن الوجود ل"إريك فروم" سأرسلهما لك ..! لكن بالنسبة للسياسة الخارجية : أنه في الوقت التي تقود القيادة السياسية العليا ببلدي في شخص "الملك" نضالا جهاديا كفاحيا مجهزا بنقاء إنساني مدعوم من الخيرين في هذا الوطن وأنا واحد منهم ، لتحقيق الازدهار لشعبنا والشعوب المستضعفة بأفريقيا من خلال البعد الاستراتيجي لصيانة السيادة و تحقيق التحرير الشامل والنهوض بتلك البلدان و ببلدنا ... نجد مثلا تدخل الجيران و تصعيد الضجيج ، و اسدال الستار على القلق التي يعشوه خصومنا و أعداء الوحدة الترابية للمملكة ، مدعومين بحلفاء أشرار يصب مجراهم في تقويض المهام الإنسانية الكونية التي تتحملها القيادة السياسية بالبلد سواء من حيث رأسمالها الرمزي الديني التاريخي أو عمقها الطيب الإنساني ، في محاولة منها أي تلك القوى الشريرة لصرف النظر على هذه القيم وتبخسيها بعد الانهيار العالمي لهذه المثل ...من أجل احتواء هذه القيم و كبحها و تحويلها إلى رغبة توسعية خالية من الحب في سعي محموم لإجهاض كل عمل يروم إلى الارتقاء بالإنسانية ... هل استوعبت ..؟ مدى غباء الخارجية المغربية وبيانتها..!! أما داخليا : لقد تمت الإشارة على أن المستوى الفوقي يعيش حراكا سياسيا ، كان لابد منه ، فالإقالة و الإحالة على الجمود ضروري ، الغريب أنه دون عقاب ! لكنه غير كافي و لا يرقى لأن يكون طموحا بالمقارنة مع النهب و الدمار الحاصل .. فقد تمادت طغمة البغي والضلالة من هؤلاء الساسة وحلفائهم داخل مفاصل الدولة في مسلكياتهم الإجرامية الرخيصة على مدى أربعة عقود من الاغتصاب المتتالي يمارس على الإنسان في كل الإدارات ... من كل هذا المواطن صابر يحث الخطى و يواصل الانتضارات ... إنه شعب عظيم..! فما يجب التأكيد عليه أن المواجهة التي تقودها القيادة السياسية العليا من جانب واحد ، ضد كل تغول للإفساد و النهب والعصبجية بأدواتهم الشريرة التي تُبقي الحرائق مشتعلة لمصلحتها ونفوذها و ابتزازها الدائم و وهمها المريض و حاجة الدولة لهم ، بأنها حجر الراحة و قطبه في الاستقرار... و بالرغم من هذه المواجهة الشرسة التي تجري ، فإن القدرات التدميرية لن تُغيير من المعادلة الجديدة حول الالتفاف مع هذا التجديد و تحرير الفكر النمطي الآفل بتواجد القطب الناهب الفاسد المهمين الواحد ، و إن المواطن مستمر في هذا الالتفاف و النضال الجاد بجانب القيادة العليا حتى تحقيق طموحات هذا الشعب الفقير المقاوم المطالب التوقف عن إرغامه بالقوة : الإحساس بالدونية بدل الوطنية. أتظنين بهذا البلد ليس هنالك صراع الخير ضدّ الشر...؟! عزيزتي : "شمس النساء زهرة الشوك الفضي": أعلم أني غبي و ساذج ..فمن يهتم لسادي مثلي ، يعذبون ذواتهم لا أكثر من أجل الآخرين...! ماذا تقولين: هل أنا في خدعة الحياة و الموت وحده هو من سيخلصني من هذا الوباء ..؟ لا عليك ..!أعتذر ..فاهتماماتي أخبرتك عنها ، عندما تكون عيني البائسة اليابسة متجمدة فقط.. . حسنا ، تسربت إليك أحاسيسي ، إن روحي ممزقة إلى أشلاء خالية الوفاض دون معنى ، فهي في حالة طمث مستمرة بأحاسيسها المرافقة .. ليس لديها محفز إلا الشر الذي يقف أمامي في حالة تحفز...! نعم لا تستحقي أن تحبينني و أن تكوني راغبة بي ، لا ملك أي تصرف على نحو هذا الإعلان...؟ الحق الحق أني أصارحك أن حياتي ليس بها إيقاعا محددا و لا قدرة لديك على الاقتراب منها ، لكني جبان بأن أتخلى عليها بطريقة مأساوية...؟ فهل اضطلعت على تاريخ الرومان..؟ تعريفين أن أحد حكامها المدعو "نيرون" كان شديدا قويا قاتلا ..فقرر ذات يوم قتل الفيلسوف الحكيم "سينكا" غيرة منه وحقدا ، ثم قررت زوجة الحكيم الذهاب معه للموت إلى ساحة الإعدام بكونها تحبه ... ليكونا معا في الخلود الأبدي..؟ لن تستطيعي فعلها مع أحد ، ولو كان اختيارك الفضلات ، لا يهمك الأمر .. لن تضحي من أجل أحد ، لكنك ستشيخين وتضحين عجوزا يصيبك اليأس مبكرا... تبا ، لي ...ما هذه الأفكار..؟ لا يمكنني الآن التحكم بها ...إنها تخنقني ... لقد أعماني هذا الحب ...حتى أنك تختبئين مني كطفلة تنسلين من أفكاري.. لا أعرف ماذا يحدث لي ..ما هذا اليأس العام الذي يجتاحني ...هل هو إيماني أنك ستصبحين عجوزا بدون حب ، سيحدث لك كما يحدث للموطنين في هذا البلد من الساسة وحلفائهم بالإدارة ...عمليات متتالية من الاغتصاب حتى تصابين باليأس وعدم الإحساس ..؟ أم الأمر أنه فقط وعي ذاتي بالخيال و الواقع يأمر بالتوقف و السير ..! أدرك أنه لا مجال للتراجع و أن كل الاحتمالات هي أني أحببتك ..دون وعي مسبق ولو عاد الزمن خلفا ، لأدخلت هذه الروح المعذبة و عرضتها على النازيين لتحرق و تخلد بعنوان فيلم درامي : "الروح الشاردة في الهلوكوست". عزيزتي : قلت لك أن خلف كل صورة و وراءها توجد تأويلات ..و كما حدثني عن الموت ..و عن الزمن .. أستيقظ كل صباح و لا أجد ما يحفزني على الاستمرار ... لم أتوفر على مجال لكي أصفك و أنت تنظرين إلي .. رغم أني لا أملك شيئا ...مستعد لبيع أعضائي .. من بينها أعضاء الحكومات المتعاقبة على حكم البلاد إلى المشانق...لأحصل على دفن في صدرك يليق ببائس مثلي ...لأحس بذلك الشعور ونحن نمارس الحب بشغف ...فليس هذا سما إلا للذين يحتقرون الجسد الموبوئين بالمابعديات و هذيانه...؟ألم أقل لك هنالك فوراق بين المبدع و الموضوعة و الدافع.؟ عزيزتي "شمس النساء زهرة الشوك الفضي" : إن كفاحي لا يختلف عن الإشارات القادمة ... فأبسط حقوقي ملغاة ، أريد أن تداعب شفتاي المتهالكة شفتيك لتعود إلي من جديد كما كانت في سابق عهدها و إحساسها الأول ، في أن أجدك أمامي و أخبرك أن الفضلات لا تصنع الحب ، و أنّ الحب يصنع الإنسان والسعادة الأبدية ... تحدثت معي على الهاتف في آخر سيمفونياتك و قلت : أن أترك لك الخيار..! حتى أنك توسلت لي بتقبيل جبهتي..و كان لدي رغبة جامحة في أقبلك و أشم بلسم شعرك .. أحدثك عن كل شيء...حتى أني تمنيت عليك أن لا يكون آدم أخر غيري..؟ لا عليك أنا لا أفسر بشكل جيد وأنت تعلمين ، لكني سأتركك و أراقب أنفاسك من بعيد و عندما تتقلبين في فراشك و أنت تقرئين كلماتي الموشومة في الروح .. اعرف انك لا تقرئين لي.. ومن يقرأ لي..؟ لن أفعل لك شيئا و لن أعاقبك ..تناسلي..و حقيقي دورة الطبيعة باستمرار النسل البشري مع من وجدت معه الفضلات لعله يمتلك لقاحا جيدا..؟ إنها قضية لقاح إذن ..! ..و إذا لم تنجبي فهذا أفضل لنسلك.. سيعانون كثيرا مثلي ...إنها لعنة تصيب سبعة أجيال من صلبك .. إني أسطوري خرافي .. لكني سأظل أحبك دون أن يساورك الشك ، و سأنتظرك في جميع الأحوال.. وقبل أن أتركك ، فالجو أضحى باردا و الشتاء على الأبواب ...سأنتظر تلميحا منك ، و إلى أن يصل .. سأركب رقما لازلت أحفظه ، لتأتي احدهن معها الجسد المنهزم التي تعول عليه للنجاة من الحياة ...لتحكي لي عن أيامها الفائتة و عن المادة والطعام ..لعلني أجد تبريرا..! أو أجد إيقاع محدد...! سأنتظرك ، فقط لأهمس في أذنيك بكلمات...