كمبالا: البواري يؤكد التزام المغرب بتطوير فلاحة قادرة على الصمود    البطولة.. أولمبيك آسفي يزيد من متاعب شباب المحمدية عقب الانتصار عليه ويقربه من مغادرة القسم الأول    حرائق لوس أنجليس تودي بحياة 11 شخصًا وتلتهم أكثر من 14 ألف هكتار    المكتبة الوطنية تحتفل بالسنة الامازيغية الجديدة 2975    أخطاء كنجهلوها.. أهم النصائح لتحقيق رؤية سليمة أثناء القيادة (فيديو)    "قيادات تجمعية" تثمّن الجهود الحكومية وورش إصلاح مدونة الأسرة المغربية    بركة: البلاد في حاجة إلى شبابها من أجل الصعود الاقتصادي والتموقع الدولي المؤثر    مسؤول أمني: مدرسة تكوين حراس الأمن بمراكش تروم الارتقاء بمنظومة التكوين الشرطي ودعم لامركزية مراكز التدريب    طقس الاحد.. امطار ضعيفة بالواجهة المتوسطية والشمال الغربي    ظروف احتجاز تودي بحياة رضيعة    بفضل الرؤية المتبصرة لجلالة الملك، مسار الانتقال الطاقي يسير قدما مدعوما بإصلاحات استراتيجية ومنظومة مبتكرة (مركز تفكير فرنسي)    عرض مسرحية "أبريذ غار أُوجنا" بالناظور احتفالا بالسنة الأمازيغية    اليمن بمن حضر فذاك الوطن    الصمت يرافق ذكرى أول وفاة بسبب "كوفيد" في الصين    إيقاعات الأطلس تحتفي برأس السنة الأمازيغية في مسرح محمد الخامس    مؤسسة وسيط المملكة: تحسين العلاقة بين الإدارات ومغاربة العالم    عصبة الأبطال.. صن داونز يهزم مانييما بهدف "قاتل" ويشعل الصراع في المجموعة الثانية على بطاقة العبور للدور القادم    الأمم المتحدة تدعو إلى التحرك لتجنب أسوأ الكوارث المناخية في ظل ارتفاع درجة الحرارة العالمية    جدل دعم الأرامل .. أخنوش يهاجم بن كيران    آيك أثينا ينهي مشواره مع أمرابط    تواصل التوتر.. وزير الخارجية الفرنسي: على باريس أن "تردّ" إذا واصلت الجزائر 'التصعيد"    الملك محمد السادس يهنئ سلطان عمان بمناسبة ذكرى توليه مقاليد الحكم    زياش يمنح موافقة أولية للانتقال إلى الفتح السعودي    حادثة سير مميتة بطنجة: وفاة لاعب وداد طنجة محمد البقالي في يوم يسبق عيد ميلاده ال16    اعتداء عنيف على الفنان الشهير عبد المنعم عمايري في دمشق    نفسانية التواكل    مطالب متجدّدة لأمازيغ المغرب وأماني وانتظارات تنتظر مع حلول "إض يناير" 2975    استعدادا للشان .. السكتيوي يوجه الدعوة إلى 30 لاعبا    الصناعة التقليدية تعرف تطورا إيجابيا بتحقيق نسبة نمو 3% خلال سنة 2024    واشنطن "تتساهل" مع مليون مهاجر    إسرائيل تواصل التوغل في سوريا    الإقبال على ركوب الدراجات الهوائية يتباطأ بين الفرنسيين    ارتفاع درجة الحرارة العالمية.. الأمم المتحدة تدعو إلى التحرك لتجنب أسوأ الكوارث المناخية    مكناس.. الاحتفال بالسنة الأمازيغية الجديدة على نغمات فني أحواش وأحيدوس    توقيف مهربين في سواحل الريف أثناء محاولة هجرة غير شرعية    الصين تعرب عن رغبتها في نهج سياسة الانفتاح تجاه المملكة المتحدة    طنجة... الإعلان عن الفائزين بجائزة بيت الصحافة وتكريم إعلاميين ومثقفين رواد (فيديو)    جلالة الملك يصدر عفوه السامي على 1304 أشخاص بمناسبة ذكرى 11 يناير    لقطة تلفزيونية تفضح طفلا هرب من المدرسة لحضور مباراة نيوكاسل    خابا يعزز غلة الأهداف في الكويت    إنفوجرافيك l يتيح الدخول إلى 73 وجهة دون تأشيرة.. تصنيف جواز السفر المغربي خلال 2025    وفاة وفقدان 56 مهاجرا سريا ابحرو من سواحل الريف خلال 2024    بطولة ألمانيا.. بايرن ميونيخ يستعيد خدمات نوير    الصين: تسجيل 1211 هزة ارتدادية بعد زلزال شيتسانغ    الصين: تنظيم منتدى "بواو" الآسيوي ما بين 25 و 28 مارس المقبل    مأساة غرق بشاطئ مرتيل: وفاة تلميذ ونجاة آخر في ظروف غامضة    رواية "بلد الآخرين" لليلى سليماني.. الهوية تتشابك مع السلطة الاستعمارية    مراكش تُسجل رقماً قياسياً تاريخياً في عدد السياح خلال 2024    بورصة الدار البيضاء تنهي تداولاتها على وقع الأخضر    أسعار النفط تتجاوز 80 دولارا إثر تكهنات بفرض عقوبات أميركية على روسيا    أغلبهم من طنجة.. إصابة 47 نزيلة ونزيلا بداء الحصبة "بوحمرون" بسجون المملكة    بوحمرون: 16 إصابة في سجن طنجة 2 وتدابير وقائية لاحتواء الوضع    ملفات ساخنة لعام 2025    ارتفاع مقلق في حالات الإصابة بمرض الحصبة… طبيبة عامة توضح ل"رسالة 24″    أخذنا على حين ′′غزة′′!    الجمعية النسائية تنتقد كيفية تقديم اقتراحات المشروع الإصلاحي لمدونة الأسرة    فتح فترة التسجيل الإلكتروني لموسم الحج 1447 ه    وزارة الأوقاف تعلن موعد فتح تسجيل الحجاج لموسم حج 1447ه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المؤسسة الملكية تحدر و الفاعل السياسي يُقوض والموطن ينتج ردة فعل..أي جدل؟
نشر في العرائش أنفو يوم 03 - 10 - 2016


بقلم :يونس القادري
إن الواقع السياسي لم يتغير لكن القناعات والمناهج تحليل المشهد السياسي بالضرورة يجب أن تتغيير وتتفاعل مع ما ينتجه الفعل السياسي، من مدخلات ومخرجات في البيئة السياسية والإجتماعية التي ينشط فيها ، ففهم الظواهر السياسية والإجتماعية التي تميز واقعنا السياسي يتطلب من الإلمام بقواعد إشتغال منظومة الفعل والفاعل السياسي ودرجات تأثيره الإيجابي على مؤشرات المشاركة العامة داخل المجتمع ، إنّ وعينا بهذه المحددات سيمهد منهجيا عملية تقييم النسق السياسي ككل وما ينتجه من مخراجات ذات الأثار السلبية على الحياة العامة في مختلف تجلياتها السياسية والإقتصادية والإجتماعية، خصوصا في ظل زمن سياسي يتغير بلا قانون أومنطق ، وللأسف إلى المنحى الأسواء وهو الأمر الذي تم الإشارة له بشكل قوي سواء شعبيا من خلال تنامي دعوات المقاطعة وتوسع قاعدة العزوف بشكل مطرد في مختلف المحطات السياسي - إلا إدا إستثناينا المحطات الإستفتائية منها - أو رسمية عبر المؤسسة الملكية، بإعتبارها أحد الفاعلين الأساسين في النسق السياسي من خلال عديد الإشارات التي تضمنتها الخطب الملكية الأخيرة والتي تحمل في طياتها انتقادات جديدة "للفاعلين السياسيين" وإعتراف صريح بوجد فئات عريضة من أفراد المجتمع المغربي الناقمين على الفعل والفاعل السياسي وما ينتجه من سلوكيات ومسلكيات تضر بمصلحة المواطنين والوطن و مستقبل التنمية و التحول الديمقراطي ، التي تحاول إجتيازه بلادنا فيكفي هنا التذكير ببعض المقتطفات التي جاءت على لسان مؤسسة رئيس الدولة في نص خطاب العرش الأخير دونما إغفال للإشارة التي سبقتها حيت يقول أنه :
"... ملك لجميع المغاربة مرشّحين وناخبين، كذلك الذين لا يصوتون" " كما أني ملك كل الهيئات السياسية دون تمييز أو استثناء"
وكما قلت سابقا، الحزب الوحيد الذي أنتمي إليه هو المغرب "
"إننا أمام مناسبة فاصلة لإعادة الأمور إلى نصابها : من مرحلة كانت فيها الأحزاب تجعل من الانتخاب آلية للوصول لممارسة السلطة ، إلى مرحلة تكون فيها الكلمة للمواطن، الذي عليه أن يتحمل مسؤو ليته، في اختيار ومحاسبة المنتخبين"
"وهنا أقول للجميع، أغلبية ومعارضة : كفى من الركوب على الوطن ..."
إن حدة ودلالة العبارات الواردة في نص الخطاب الملكي وما سجله واقع الحياة السياسية من تراجع على مستوى مؤشرات المشاركة المجتمعية تبرهن على وجود إختلالات عديدة تعوق مردودية النسق السياسي والفاعلين فيه ، مما يقوض عملية بناء مؤسسات ذات شرعية ومشروعية ديمقراطية وشعبية ، لعل أحد أهم تمظهراتها الإجتماعية والسياسية تتجلى في إستفحال أزمة الثقة بين الفعل والفاعل السياسي وبين أفراد المجتمع سواء بشكل فردي / عفوي أو جماعي منظم ، فضلا عن حالة النكوص التي تعرفها المؤشرات الحيوية الداعمة للشرعية ومشروعية الفعل السياسي في بلادنا ، نظرا لضعف مؤشرات المشاركة العامة للفئة عريضة من المجتمع داخل النسق السياسي والإجتماعي إلا إذا استثنينا المحطات التي تدعوا إليها المؤسسة الملكية – الإستفتاءات - ، مما أثر وسيأثر سلبا لا محالة على جودة والمردودية المنتظرة من مخرجات النسق السياسي ، فهي تبقى ضعيفة على مستوى إستجابتها لحجم المطالب المعبر عنها من قبل الأنساق المكونة له من جهة ، وتقديم الإجابات الواقية والملموسة عن الإكراهات السياسية والإقتصادية والإجتماعية التي تنتجها هذه المرحلة السياسية التي تتمييز بخصوصية إستثنائية على المستويات الوطنية وإقليمية والدولية من جهة أخرى ، فالمستوى الوطني يؤشر على إرتفاع درجات الإحتقان السياسي والإقتصادي والإجتماعي ، مما يشكل تحديا يجب التصدي له لتجنيب المغرب دولة ومجتمعا تبيعاتها على وحدة وتماسك المجتمع ، وأما على المستوى محيطنا الإقليمي ودولي يجب التذكير بالمخاطر السياسية والأمنية والإقتصادية التي يعرفه والمتوقع إنتاجها مستقبلا ، وهو الأمر الذي يصبح معه التساؤل مشروعا عن ماهية الخلل الذي يشل قدرة الفعل والفاعلين السياسين على القيام بمهام التعبئة والتأطير وتحفييز أفراد المجتمع للتأثير بشكل إيجابي في مسار البناء الديمقراطي ، بالإنخراط في الحياة العامة والمساهمة في المجهود العام المبدول لتحقيق مشروع مجتمعي يستطيع من خلاله المغرب للإستجابة لحجم الإكراهات /التحديات والوفاء بكم الإحتياجات التنموية والإلتزامات المتوقعة وطنيا ودوليا ، كما أن التساؤل يبقى مفتوح حول ما هي العوامل التي تزكي حالة العزوف العام التي يعرفها المجتمع المغربي عن الإنخراط والإنتظام داخل تلك الهيئات السياسية الوسيطة بين أفراد المجتمع والأليات المؤسساتية لنظام السياسي والدستوري؟ و ما هي عواقب هذا العزوف على جودة ومردودية السياسات العمومية التي تنتجها المؤسسات الدستورية والسياسية المكلفة قانونا بعمليات صياغة وتنزيل تلك السياسات؟
إن معطيات المرحلة السياسية التي تعيشها بلادنا تتطلب من الجميع الإنخراط في عملية البناء المجتمعي والديمقراطي للدولة كل من موقعه وحجمه ، فالكل يجمع على أن زمن إهذار الفرص كلف الدولة والمجتمع الكثير من الوقت والجهود والموارد والطاقات ...بل حتى المعطيات والمؤشرات السياسية والإجتماعية والإقتصادية لا تسعفنا على إهذار الفرص الجديدة ، التي تنتجها هذه الحقبة الدستورية والسياسية في ظل مؤشرات إقتصادية وإجتماعية أقل ما يمكن القول عنها أنها متأزمة ، ومناخ إقليمي ودولي مشحون بالمخاطر الإقتصادية والأمنية ...
لهذا كان لزاما علينا العمل على تصحيح الإختلالات والإنزلاقات التي تعج بها الحياة السياسية والإدارية للبلادنا في مختلف مستوياتها المركزية واللا مركزية ، وقد نختلف في التقيم واقع التدبير السياسي للحياة العامة، وقيمة الفرص التي ينتجها على المستوى السياسي والإقتصادي والإجتماعي، فتفسير المؤشرات والفرص تختلف باختلاف القناعات والمناهج التي نعتمدها تجاه هذا المؤشر أو حيال تلك الفرصة أو الأشخاص أو تلك القضية، وما يصعب عمليات التصحيح هو طبيعة الزمن والفعل السياسيين الذي يؤطر الحياة السياسية، حيت أنه لا نستطيع أن نميز فيه بين الفاعل السياسي الصادق والعشاق للوطن وبين الكاذبون وراكبون على أحلام البسطاء والمستضعفين من المتاجرين بمستقبل المجتمعات ...

فأكبر مشكلة تواجه الفاعل السياسي اليوم في بلادنا ، هو واقع التشكيك المجتمعي المتصاعد في مصداقية الفعل السياسي ، خصوصا وأن هذا الأخير دأب على تغدية الرأي العام بإشارات ورسائل تفيد بأنه ضحية، ضحية تحكم ، ضحية مجتمع أو ضحية تحالفات سياسية / إدارية ما وراء طبيعية أَو حتى ضحية من ضحايا الشيطان الذي يجعله الفاعلين السياسين في كثير من الأحيان شماعة يعلق عليها أخطأه البشعة تجاه الوطن والمواطنين وتوابث المجتمع والدولة ، إنه بهذا الفعل يكرس الصورة النمطية المتمثلة في كونه مجرد مفعول به ، لا فاعل بل إنه يعمل عبر الخطاب السياسي الذي ينتجه على تفكيك المجتمع وتغدية إنقسامه وتقويض تماسكه من خلال خطاب يتبنى قوالب الشحن والتخوين والعمالة والشعبوية والإشاعة ..
وللإجابة عن هذه التساؤلات الإشكالية كان وجوبا الخوض في الدوافع والمسببات التي تعوق إنخراط أفراد المجتمع المغربي في بناء المجتمع الديمقراطي الحداثي وتحقيق التنمية في مختلف مجالاتها ، علما أن نسبة المشاركة والعزوف المسجلة داخل المجتمع المغربي ما هي إلا نتاج لما يشهده الفعل السياسي والإجتماعي من مسلكيات وسلوكيات تنال من نبل أهداف العمل الساسي ، مما زكى حالة التشكيك في مصداقية وجدوى المشاركة خصوصا مع إرتفاع سقف الوعود المعلنة من قبل الفاعلين السياسين دون بلوغ الأهداف المعلنة ولو في مستوياتها الدونية ... إن حالة العزوف المسجلة والمتوقع تسجيلها في الإستحقاقات التشريعية القادمة ما هي إلا ترجمة مجتمعية لحالة عدم رضى مجتمعي ، لم تقم فقط ضد الفاعل السياسي وممارساته، وإنما ضد المنظومة الثقافية والاجتماعية القائمة ككل ، التي تأطر الفعل السياسي ومن عبره الإجتماعي و الإداري والتنموية في بلادنا ، كما أنها تؤشر على ضعف قدرة تلك المؤسسات المجتمعية المكلفة بأدوار الواسطة السياسية والإجتماعية - الأحزاب ، النقابات ، الجمعيات .. - بين أفراد المجتمع ومؤسساته الدستورية الثمتلية والتنفيدية للنظام السياسي على لعب أدوارها والقيام بالمهام المنوطة بها قانون .
إن موجة العزوف العام التي يشهدها المجتمع ما بعد ما هزات الربيع العربي ، ليست مجرد موجة عابرة أو لحظية ، بل هي ردة فعل إنعكاسية للسنوات من الأخطاء التراكمية للمنهح إدارة وتدبير الحياة العامة في مختلف مجالاتها ، إن التفاعل الإنتهازي للفاعلين السياسين والإجتماعين والإقتصادين.. مع الفرص التي أفرزتها سواعد شابة في لحظات تاريخية معينة من التاريخ السياسي المغربي وإستفادتهم من ريعها خصوصا من طرف الماسكين على أدوات الوساطة الإجتماعية تلك ، زاد من حدة هذه الظاهرة الإجتماعية والسياسية وإنعكاساتها على واقع ودينامية التنموية ... .
لهذا نعتبر أن ظاهرة العزوف التي تضرب المجتمع المغربي وتستهدف شبابه تشل قدرته على الإستفادة من عديد الكفاءات والطاقات ، التي يتم إهذار مساهمتها في تحفيز دينامية المجتمع فالظاهرة أضحت اليوم أكثر من موجة عابرة، فهي تهز بقوة عمق شرعية ومشروعية المؤسسات التمثيلية والتنفيدية وما تنتجه من سياسات عمومية ، فضلا عن كونها تؤشر على تنامي شعور عام بعدم الرضى عن مردوديات وجودة تدخلات الفاعلين السياسيين فهي - أي ظاهرة العزوف - لم تعد مجرد موجة فوضوية عابرة ، بل إنها بدأت تأخذ أشكال أكثر تنظيما عند فئات عريضة من الشباب نظرا لكونهم الفئات الأكثر تضررا مما أنتجته النسق السياسي في مرحلة ما بعد دستور فاتح يوليوز ، من قرارات تقشفية خاصة على المستوى الإقتصادي والإجتماعي والخدماتي ، كما أن التعامل مع المقتضيات الدستورية والمطالب السياسية والإجتماعية لهذه القوى ، تم بنوع من التحفظ والشكلية بل إن الفاعلين في مجال صناعة القرار السياسي في بلادنا بإعتباره المجال الأكثر ثأثيرا على باقي المجالات... لازالوا يتعاملون مع آليات الترقي التنظيمي داخل بنياتها التنظيمة والسياسية ومع الوسائل القانونية المحفزة لإشراك ومشاركة الشباب في عملية التأثير على مراكز القرار المختلفة داخل مؤسسات الدولة بإنتهازية و حربائية تروم الهيمنة والتحكم وتنميط تلك المشاركة لخدمة مصالح الفئات المهيمنة على تلك التنظيمات ، فهي لا ترقى لمنطق التمكين الحقيقي للشباب ، خصوصا وأن عملية تنزيل تلك الوسائل القانونية تعرف سيادة منطق الولاء والتبعية لا منطق الكفاءة والإستحقاق.
لهذا فإن القوى التي تسعى موجة العزوف - التي تستقطب السواد الأعظم من الفئات الشابة - الضغط عليها للتعبير عن رفض سلوكيات ومسلكيات الفاعلين و المؤسسات السياسية ،عبر مشاركة سلبية تروم إضعاف مؤشرات الشرعية والمشروعية الديمقراطية والسياسية لتلك القوى و المؤسسات التي تنتجها محطات المشاركة العامة ،التي تدعوا إليها و المتفاعل معها خاصة منها ذات الطبيعة الإنتخابية والسياسية...
إن المتتبع لظاهرة العزوف داخل النسق السياسي ، سيسجل لا محالة بدأ تتطورها إلى ما يشبه حركة اجتماعية وسياسية ، فحالة العزوف العام عن المشاركة السياسية منها أوالإجتماعية تجاوزت كونها مجرد نشاط أوسلوك إجتماعي أو سياسي غير المنظم أو فردي ، بل بدأت تدريجيًّا في أخذ صورة منظمة بمرور الوقت، حيت تحولت إلى شكل من أشكال الممارسة العامة أو السلوك الجمعي من جانب شرائح واسعة أو بعينها من المجتمع في العديد من المحطات .
ومن الأكيد أن هذه الموجة المجتمعية إن لم يتم القطع مع مسبباتها والعوامل المغذية لها ، سيكون لها ما بعدها على حاضر ومستقبل ديناميات التغيير التي تحاول بلادنا إرساء قواعد بناء له، بهدف تحقيق ذلك التحول السياسي الممهد للإنتقال الديمقراطي المنشود الذي طال إنتظاره منذ عقدين من الزمن السياسي دون بلوغه ، وهو الأمر الذي لا طالما شكل محورا أساسيا في النقاش العمومي لما له من تأثيرات سلبية على واقع التنمية السياسية و الإقتصادية والإجتماعية لبلادنا ..
فتأسيسا على ما سبق، نستطيع الجزم أن المشهد السياسي اليوم سيكون على موعد مع إختبار صعب سيكون لنتائجه ما بعدها،فالخيارات خلال تشريعيات السابع من أكتوبر القادم تبقى محاصرة ومحدودة أمام حساسية المرحلة السياسية والإقتصادية والإجتماعية التي نعيشها وطنيا وإقليميا ودوليا ، لهذا فإستمرار الوضع على ما هو عليه داخل النسق السياسي يعني خسارة معركة بناء دولة المؤسسات وإهذار زمن سياسي سيكلف المغرب دولتا ومجتمعا ، بل قد يتسبب في إدخال البلاد في حالات من سكتات القلبية والدماغية ،ستزج بنا في دوامة الردة الديمقراطية والإجتماعية والإقتصادية...
إن المتأمل لطبيعة تفاعل الفاعلين السياسين مع الإشارات والتحديرات التي أفرزتها الخطابات الملكية في عديد المناسبات من جهة ، والرسائل التي تم إرسالها من خلال الإشارات السياسية للفئة عريضة من المغاربة ، تبنت منطق المشاركة السلبية المتمثل في مقاطعة عمليات المشاركة العمومية التي ينتجها النظام السياسي ، والذي يسجل أن إستمرار الأسباب التي دفعت تلك الفئات العريضة إلى الإصطفاف مع خيار العزوف لازالت قائمة مما سيزيد من حالة الردة المجتمعية عن المشاركة في المحطات العمومية ، وهو التخوف الحاصل ، الأن، لذى مكونات النظام السياسي بمحتلف مستوياتها وإنتماءاتها ، مما يجعل شرعية ومشروعية المؤسسات التي تفرزها مهزوزة وتفتقد للرضى المجتمعي، الأمر الذي سيعمل على تقزيم قدراتها وفاعليتها في العطاء والمردودية ، مما سينعكس سلبا وبالضرورة على حياة المواطنين ومستقبل الوطن ، فالانتخابات التي لا يعبر عنها بمشاركة سياسية قوية تؤدي لسلطة غير معبرة عن الرأي العام والديمقراطية .
لهذا أذهب زاعما أن الخيار اليوم لن يخرج عن منطقين ، منطق المشاركة السلبية والتي نرى أن لها تبعاتها السلبية على دينامية التغيير المجتمعي في مختلف تجلياته وإن كان خيار يستمد شرعيته من أسباب موضوعية لازالت قائمة رغم كم الوعود التي ضربت من قبل مختلف الفاعلين وفي أعلى مستويتها من أجل تغييرها ، ومنطق العمل على المشاركة بشكل مسؤول يروم تقويات المؤسسات الدستورية عبر تزويدها بالموارد البشرية المؤهلة القادرة على إستيعاب حساسية وأهمية المحطة السياسية والإقتصادية التي نعيشها على المستوى الوطني والإقليمي والدولي ، رغم أن الخيارات للأسف تبقى محدودة في ظل مؤسسات سياسية تتمييز بتحويل نفسها إلى مقاولات إنتخابية / عائلية / ... لا يهمها جودة ما تقدمه للمستهلك بقدر إهتمامها بالأرباح السياسية التي ستجنيها ، لهدا كان لزاما على المغاربة اليوم الخروج لتحطيم كل الصناديق التي في عقولنا للخروج بأفكار للوصول إلى قرار سياسي ، يساعدنا لصعود والإرتقاء إلى طور حضاري إنساني وخلاّق يبعت فينا وفي الوطن الروح من جديد حتى نستطيع الدخول الى مرحلة جديدة بأبعاد ومؤشرات أكثر إشراقا


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.