قراءة أولية في الأسس السوسيوسياسية للتعديلات الدستورية في المغرب (الجزء1).l/ يعرف المجتمع المغربي حراكا اجتماعيا منذ إنطلاق مسلسل الثورات والإنتفاضات في الوطن العربي كرد فعل طبيعي وموضوعي على ماآلت اليه الأوضاع السياسية والإقتصادية والإجتماعية في البلاد،والمتمثلة في: * غياب مشروع مجتمعي واضح المعالم والتوجهات أدخل المجتمع المغربي منذ الإستقلال في قاعة إنتظار طال أمدها، مما جعل المسلسل الديمقراطي الذي انخرطت فيه البلاد يعرف عدة تعثرات واخفاقات وتراكمات سلبية عديدة ومتعددة على الصعيد السياسي والإقتصادي والإجتماعي. * إجماع وطني ودولي على أن المغرب مقبل على "سكتة قلبية" على حد تعبير الأوساط المالية الدولية، بمعنى أزمة بنيوية خطيرة بإمكانها القضاء على العباد والبلاد نتيجة الفساد السياسي والإداري والإقتصادي والإجتماعي. * غياب إرادة سياسية حقيقية قادرة على توفير مناخ سياسي ديمقراطي يستجيب لطموحات وتطلعات الفئات والطبقات الإجتماعية في المجتمع المغربي، مما أدى إلى عزوف شرائح وفئات واسعة من الشباب عن العمل والمشاركة السياسية. * مركزية صناعة القرار وكذا تهميش باقي الفاعلين السياسيين في الساحة السياسية في المغرب، قلص هامش الفعل والمبادرة السياسية لدى الأحزاب السياسية المغربية، وبالتالي ظهور المؤسسة الملكية كمؤسسة المؤسسات التي بإمكانها حل المعضلات الكبرى التي يعرفها المجتمع المغربي. والسؤال المطروح هو إلى أي مدى يمكن للمؤسسة الملكية أن تغطي، من خلال سياسة العطاء والعطاء المضاد، الخصاص الكبير في المجالات الإجتماعية والثقافية في البلاد. * كما تعمل المؤسسة الملكية على الحفاظ على التوازنات السياسية في إطار لعبة سياسية ذات قواعد قديمة وفاعلين سياسيين جدد. ففي مجال السياسة، لا عدو دائم، ولا صديق يدوم... * إقتصاد وطني مبني على نمط الإنتاج الريعي. * الأزمة المالية الدولية وتداعياتها على الإقتصاد المغربي بصفة خاصة، والإقتصاد العربي بصفة عامة؛ أزمة عالمية بإمكانها أن تطيح بالأنظمة العربية الممانعة على المستوى القريب والبعيد أيضا. * نخب هجينة وسجينة ماضي أرستقراطي تحكمه العائلات المخزنية والأقليات الإثنية المحظوظة. * "حركة 20 فبراير" الشبابية وامتداداتها على صعيد الحراك الإجتماعي في الوطن العربي. * تجديد النخب المحلية عبر "حركة 20 فبراير" ومطالبها الحداثية التي ناضلت من أجلها قوى اليسار منذ 1960. وقد جاءت الحركة الشبابية كرد فعل طبيعي على السياج الدوغمائي المغلق للنسق السياسي المغربي الذي ينتمي إلى نمط الأنساق السياسية المغلقة في المجتمعات التقليدية. * التقليدانية أو التحديث المعاق عبر إحداث مؤسسات وهياكل عصرية تشتغل بآليات وتصورات وعقليات تقليدية. * أدى تهميش وصورية المؤسسات الدولاتية إلى بروز خصاص كبير في المجالات الإجتماعية والثقافية حيث إرتفعت مؤشرات البطالة والفقر والجهل إلى أقصى درجاتها، مما أدى بالفعل وبالقوة إلى وجود المجتمع المغربي على فوهة بركان. * تراجع كبير على مستوى الحريات الفردية والجماعية نتيجة التفجيرات التي يعرفها المغرب حيث أصبحت المقاربة الأمنية رد فعل "طبيعي" أتجاه الأصوات المطالبة بالتغيير والطامحة إلى غد أفضل. * تعمل القوى الديمقراطية على أخذ المبادرة السياسية من خلال الإحتجاجات الشعبية التي تشهدها البلاد، وكذا الإلتفاف على "حركة 20 فبراير" الشبابية ومطالبها السياسية والإقتصادية والإجتماعية في إطار موازين القوى المحلية والجهوية والدولية، والتي تسير في إتجاه إحداث ثورات جذرية كبرى وكذا تعزيز صيرورة دمقرطة الدولة في منطقة العالم العربي.