لعل أكبر ما يستدعي التوقف والنظر، ونحن نتابع وقائع ومجريات حياتنا السياسية، التصريح وعلى مستوى هرم السلطة السياسية للمملكة الشريفة بحالة التأزم والرتابة ، التي تطبع خطاب المجتمع السياسي وممارساته. وهي ازمة ، لم تصلها حياتنا السياسية حتى في أحلك فترات تاريخنا المعاصر. بل لن نغالي إن اكدنا انه، رغم جمر ورصاص سبعينات القرن الماضي، ضلت حياتنا السياسية ، أخصب وأنضب، على مستوى الخطاب و التصورات والمشاريع المتعلقة ببناء الدولة والمجتمع في المغرب المستقل. والناظر المتبصر لواقع حالنا السياسي، لن يجد عناء في فهم مستويات وتجليات الازمة. فخطابات " أين الثروة " و " من المسؤول عن الأزمة " ، و من قبلها، خطابات التوافق والانتقال، العهد الجديد والانفتاح واللبرلة ، والحداثة والدمقرطة، والمفاهيم الجديدة ، للسلطة والحكامة ، والتدبير العمومي، والتنمية البشرية والمجالية ، لم تكن في عمقها وحقيقتها ، سوى مسلسلا جديدا لاستتباب الأمن، وتأكيدا لقوة المخزن وهيبة المؤسسة الملكية، عبر محاولات لإحياء ولاءات قديمة، وكسب أخرى جديدة ، اتخذت شكل " تشبيب سلطوي " للحد من شيخوخة النخبة وترهلها . وقد شكل هذا التشبيب وذلك الانفتاح، في مجمله، إجابة على استراتيجية ملحة، تهم إعادة رسم صورة النظام السياسي، داخليا وخارجيا، " عبر تنظيم تناوب مراقب، ودسترة جديدة ونوعية لموقع المؤسسة الملكية تجاه باقي المؤسسات ، دسترة تعتبر النظام مركز ومحور الحقل السياسي " ) أ. بوجداد : الملكية والتناوب (. والناظر المتبصر، لن يتوان، عن التأكيد الحقيقي والصائب، على أن الملكية تطورت فكريا ، وتجددت سياسيا. فمرحلة التناوب والانتقال ، كمرحلة فارقة، قد رسخت العهد الجديد، بشرعياته واختياراته، وكذا أطرافه وفاعليه، والمنبثقة من حركية متجددة، هدفت ابطال مفعول الاحتقان الاجتماعي والسياسي ، وكرست استراتيجية إعادة رسم صورة المخزن البشع cruel والمعاقب punisseur . على أن تلك الإرادة وذلك العهد، لم يحملا مقومات ومداخل تأسيس ومأسسة التحول والتغيير. ولذلك كان التوافق والانتقال صوريا ، وظل تكييفا وتأقلما مع متطلبات الظرفية والسياق ، لكونه اتخذ بعدا مصلحيا ، وحافظ على الجوهر المخزني للسلطة. والناظر المتبصر، يعي ايضا ان الملكية، النافذة والتنفيذية، نجحت الى حد بعيد في إحداث نقلة نوعية على شكل وطبيعة السلطة السياسية. فبعد أن شكل البعد السياسي محور الصراع على السلطة طيلة عقود، عمدت الملكية على اقتحام المجال الاقتصادي ليشكل الرافعة الضامنة للتحكم في ابعاد ومجريات الحياة السياسية. لقد أدركت الملكية، في سياق التحولات الجارية في صلبها ومحيطها، أن إغفال البعد الاقتصادي، في مجال ممارسة السلطة السياسية لن يخرجها عن مجال الهرطقة والتنجيم، وأن التساؤل الجوهري، لم يعد تساؤلا حول من يمتلك مشروعية الحديث عن رهان البناء الديموقراطي والتنموي، بل أضحى استفهاما حول من يمتلك قدرة تدبير، تمويل وتنزيل المشروع التنموي. وبالتأكيد ، فالتحكم في بنيات ووسائل الإنتاج ، تمكن من تحديد، وضبط وتوجيه تحولات النسق السياسي. وبالتالي، فالاستحواذ على الثروة ، يضبط القرار السياسي، ويتحكم في مجرياته ويوجه أطرافه وفاعليه. من هذا المنطلق ، يفسر اهتمام الملكية ، بالثروة، النفوذ والسلطة. إن مراكمة الثروة هي تعميقا للنفوذ، وضمانة للاستحواذ على السلطة ، وتكريسا للهيمنة على نسق سياسي مهترئ وفاقد لأية مصداقية ومشروعية. نسق سياسي يتقن فاعلوه اللغط والترحال، وينتجون خطابا سياسيا يفرط في الاسهال الكلامي والتمييع لكل مقومات السياسة والتربية المدنية والديموقراطية. ونجح الملك محمد السادس في تحويل مؤسسة الملكية من مؤسسة تاريخية، راكدة وغير منتجة، و مثقلة بالجراح والنكسات ، إلى مؤسسة تهيمن وتنعش كافة مستويات الثقافة والاجتماع، السياسة والاقتصاد. وليتحول " أمير المؤمنين " إلى رجل أعمال ، ينعش الاقتصاد، يطلق المشاريع التنموية ويمولها، ويهيكل بنيات البلاد التحتية والانتاجية. وكل هذا وذاك، تطلب إطارا شكلت أونا ONA ) أومنيوم شمال إفريقيا( وتفريعاتها ، واجهته الإدارية والتنظيمية . والحقيقة ، أن الملكية أدركت ، أكثر من غيرها، أن توسيع وتعميق الاهتمام بالثروة هو ضمانة للنفوذ والسلطة وإمكانية لممارستها وفق مصالحها ورهاناتها، ووفق متطلبات السياق والمرحلة. واستكمال رهان الاستحواذ على الثروة ، والانفراد بالسلطة وتكريس النفوذ، مكن الملكية من بعث " زمن المحلات السلطانية " ، والاعلان العملي لبداية " العرش المعارض " ، بحملاته التأديبية و النقدية ، و "غزواته " الغاضبة على الأحزاب والوزراء والهيئات المنتخبة ورجال السلطة. وهو سلوك يترجم حقيقة هامة : إصرار الدولة العميقة على تبرئة ذمتها من مآلات الفشل التي تطبع الاختيارات والسياسات العمومية، وتصديرا للقصور بعيدا عن مركز القرار، وصارت ترمي بمسؤولية الفشل في جميع الاتجاهات . متناسية مسؤوليتها الصريحة في تمييع المشهد السياسي والعمل الحزبي، بإقصائها للنخب السياسية والمثقفة من معترك التدبير العمومي ، بخلقها سلسلة من الهيئات السياسية والنقابية والمدنية الجوفاء ، احترفت التظليل والاغتناء الفاحش. إن الوعي بتفشي الريع والفساد ، إلى جانب عاهات الزبونية والمحسوبية السياسية التي تنخر نظامنا السياسي ، هو تأكيد صريح ، على هيمنة السياسي وعجرفته، في تحد سافر للقانون وعدم احترام قداسته. مع كل ما ينتج عن ذلك من توسيع وتعميق لمجالات التسلط والاستبداد، وتقزيم قيمة السياسي والسياسة وإبطال مفعولهما في مباشرة مهام التأطير والتوعية والتعبئة . كما ان التصريح بالتراجع والانحسار الكاسح لأقطاب وشرعيات الأحزاب التقليدية، هو إدراك لأزمة التمثيل السياسي، وتحول الأحزاب السياسية ، من مؤسسات مفترضة لدعم المشاركة السياسية، وللتأطير السياسي والتعبئة والتنشئة الاجتماعية ، إلى قنوات انتخابية تغيب فيها مظاهر الشفافية والممارسة الديموقراطية ، إطارات تراج منسوب فعلها السياسي والتنظيمي، وصارت "تنتج " خطابات جامدة ومتجاوزة ، لا تجاري تحولات المحيط والسياق . واتسم خطابها وممارستها السياسية بالوصولية ، وتوقف أفق مشاريعها الاصلاحية عند عتبة التوافق والتسوية . وبالموازاة مع هذه الصورة القاتمة، تنتصب مفارقة هامة تؤكد حقيقة انه اذا وصل المجتمع السياسي الى أفق مسدود، وغير مضمون المآل. فإن المجتمع المدني ، وتنظيماته الحقوقية و الشبابية والنسائية، يعرف دينامية شكل بعدها المطلبي والاحتجاجي احد واجهاتها المشرقة. دينامية ولدت حراكا تداخل فيه المطلبي بالاحتجاجي والحقوقي، بالرغم من التكالب والاجحاف وحملات التخوين والإساءة من لدن مؤسسات الدولة و عملائها. فيما بقي اليسار يجتر مقولاته وتصوراته القديمة، عاجزا عن الخروج من اشكال الانتظارية ، ويراوح قصوره التنظيمي والجماهيري. إن الحراك والفوران الشعبي والزخم الاحتجاجي، كامتداد لدينامية العشرين فبراير 2011 ، وما رافقه من حملات التضامن والالتفاف، سيعيد رسم تمثلات علاقة الحركة الجماهيرية مع الدولة والجسم الحزبي. والرهان هو كيفية استلهام دروس اللحظة الفبرايرية ولحظة الحراك من اجل تحويله الى أيقونة للأفق التغييري . إن إعادة تشكيل هذه العلاقة ، تنطلق من مدخلين أساسيين : الاول ، إطلاق مشروع تنظيمي يهدف إلى إعادة هيكلة وترتيب أشكال الدفاع الذاتي وآليات المقاومة لدى التنظيمات المجتمعية. مشروع من أجل مجتمع حركي ودينامي une société en mouvement ، رهانه الرئيسي تأصيل وتأهيل دينامية مجتمعية متحررة من السلطة وكافة اشكال الهيمنة. وخلق الشروط السياسية والتنظيمية لضمان تمفصلات المشروع السياسية والايديولوجية والثقافية والمجالية. والرهان على تشكيل حركة احتجاجية جماعية action collective de contestation قادرة على تجميع الشروط اللازمة لتشكيل ما يمكن تسميته " بجبهة الدفاع عن المجتمع " ضد الفقر والتهميش ، وتوسيع جبهة المقاومة ضد اشكال التسلط والاستبداد ، من خلال تنظيم "حملات الرفض والشجب " campagne de non et de dénonciation.. ، كقوة رافعة وموجهة vecteur لمسلسل مرافقة ومحاسبة أشكال الممارسة السياسية. وهو ما يعتبر في نهاية المطاف، تأسيسا ليقظة مواطنة une vigilance citoyenne الثاني ، توفير إطار تنظيمي حاضن لهذه الدينامية. هو إطار اليسار) وحده لا شريك له (. وهذا مرتبط بقدرة هذا اليسار على إحداث نقلة نوعية على مستوى الفكر والاداء والامتداد تحوله إلى يسار معارض، متحرر ومتطور، ينبثق من نبذ لتجارب تنظيمية لم تنجح في تطوير أدائها السياسي وتجديد الياتها التنظيمية ، بل يشكل تجاوزا للأطروحات السياسية " الوطنية والتاريخية " التي جعلت من التوافق حول ضرورة الحفاظ والمحافظة على الأشكال والتشكيلات المؤسساتية التقليدية ، رهانا استراتيجيا. يسار يتسلح بالحق في الاختلاف، ويرفض كافة أشكال المركزية والوصاية. متحرر من عقد الماضي ودوغمائيته ، ويملك قوة لتجديد الفكر والممارسة. يسار له وعي أكيد بأن بناء فعل ودينامية جماعية، هي صيرورة طويلة، بطيئة ومعقدة، وتنطلق من وعي بالذات وبالإمكانيات ، من رفض للتيئيس وتبخيس العمل السياسي، من قدرة على التعبئة والتنظيم . يسار له وعي عميق بأن الحرية والمساواة كل لا يتجزأ، لأن الديموقراطية والعدالة الاجتماعية مترابطان، ويصبوان معا إلى تحقيق الحرية والكرامة والعدالة ، و ضمان حق التنظيم والتجمع، حق المطابة بالحق وفضح الخرق، الحق في مراقبة، مجادلة ومحاسبة المسؤولين والفاعلين السياسيين. يسار يمتلك القدرة على إثارة نقاش عام حول الرهانات الآنية والمرحلية والاستراتيجية ليسار متجدد ، قادر على التفكير بالأسئلة الحاسمة واللازمة لاستمراريته : • هل اليسار قادر على تحيين وإعادة صياغة وبلورة مفاهيم التقدم والتقدمية، العقلانية، الالتزام، التضامن والفعل الجماعي . على أي اعتبار ينبني مفهوم التضامن مثلا على وحدة الواقع والمعاش المشترك ، على وحدة القيم والمبادئ والمنطلقات، وحدة المصالح ام نفس الرهان والأفق السياسي ? • هل الرهان هو بلورة "راديكالية جديدة " ، تنتصب كسلطة مضادة ، لها وزنها في دينامية السجال الفكري والايديولوجي، وقدرة التأثير والتوجيه في الصراع الاجتماعي والسياسي، أم أن الرهان هو المساهمة في تشكيل حركة احتجاجية جماعية Action contestataire collective • هل لا زال اليسار في حاجة إلى عدو وخصم سياسي، هل لا زال في حاجة لتأجيج النزاعات والتناقضات . هل تفرض التحولات الثقافية والقيمية، والتوازنات الجديدة ، الانتقال من الصراع حول السلطة السياسية، إلى تأسيس جبهة وازنة ، عبر تجميع، تأطير وتوجيه كافة روافد وتشكيلات الحركة الاحتجاجية.? هل الرهان هو يسار توافقي ام معارض ومواجه لاستراتيجية هيمنة الدولة على البنيات والمؤسسات ? • هل اليسار قادر على أن يصبح يسارا أقل إيديولوجية ، أكثر أخلاقية وبراغماتية، يتأسس أكثر على كفاءة الخبير والمختص، لا يخضع لتوجيهات الحزب، أقل مركزية، ويفعل البعد المحلي، يسار يشتغل على التجنيد والتشبيب وتجديد النخب ، يسار يعطي الكلمة لمواطنين يتمتعون باستقلالية في الرأي، في الانخراط، في المسؤولية والمشاركة ? • هل اليسار قادر على الاشتغال بعيدا عن ردود الأفعال، وفق برامج ومخططات تحترم الزمن والسياق والمجال ، تتمكن في شموليتها و إمكانية تحقيقها، من تأسيس مبادرات قادرة على احتلال الفضاء العمومي، وبالتالي التوفر على قدرة الفعل والتوجيه والتأثير في الرأي العام ? • هل اليسار قادر على إنجاز التحول من يسار راديكالي ، تمردي وعصياني ، insurrectionnel هدف إلي تقويض البنى ومحاصرة المجال والمؤسسات من أجل إعادة تشكيلها وهيكلتها، إلى يسار دعوي ، احتجاجي، توعوي ، ينظم ويوجه حركات المقاومة والممانعة، ويسعى إلى تعميم وتعميق التثقيف السياسي للجماهير، واعتماد منطق التنشئة الديموقراطية كرافعة للتعبئة والتغيير، و إعادة الاعتبار للدور التنويري والتعبوي للفكر اليساري ، والانفتاح على كل المقاومات السياسية، والعمل على تجسير التقاربات والتقاطعات مع جبهات الاحتجاج والممانعة ? • وبالجملة، هل اليسار قادر على أن يعتبر أن كل تغير في الظروف ، يجب أن يرتبط اولا بتغير ذاتي ، لكي يتمكن من التأثير والجذب والتوجيه ، و بالتالي تكوين " الشبح اليساري الواسع" un large spectre de la gauche ،القادر على خلق قوة وهيمنة منافسة ومشاكسة للسلطة السياسية. يسار يدرك أن المنطلق الموجه لديناميته ، هو التمكن من الاستفادة من تاريخ اليسار، دون الوقوع في نفس الأخطاء، والتمكن من التأقلم مع سياق إيديولوجي وقيمي ، سياسي واجتماعي دائم التغير والتبدل. يسار ذو اعتقاد راسخ بأن للبشر، كل البشر، قيمة متساوية، وبالتالي فهي تجعل من أهم رهاناتها محاربة ومقاومة كافة أشكال الهيمنة على مستوى العلاقات الاجتماعية والممارسة السياسية يسار يثير استفهامات متعددة تمس الموروث، وتعيد صياغة الفعل والحركة ، يسار يتخطى الموانع الكابحة لضرورة إعادة التفكير والتأمل اللازمة لتجديد الفكر اليساري. يسار ينبني على مشروع ل "الفكر النقدي" ، فكر يبحث في مداخل ومتطلبات التغيير العميق للعقليات والبنيات المجتمعية . يسار عازم على المساهمة في خلق شروط موضوعية ليسار اجتماعي وسياسي يبدأ مشروعه السياسي ب " اللحظة التأسيسية " لصيرورة ثورة فكرية "استراتيجية" ، تتأسس عبر مرحلة من التفكير والتأمل النظري العميق، الهادف إلى خلق نقاش عمومي حول القيم والتمثلات الجديدة . نقاش مجتمعي ينتهي بكم فكري ومعرفي يحدد أبعاد ومستويات التغيير السوسيوثقافي والقيمي الذي سيشكل منطلقا لمجموع التحولات والإصلاحات . يسار ليس كآلية لمراقبة الدولة، بقدر ما هو صيرورة تنظيمية مهيكلة، تسعي الى التحول الى...... سلطة s'organiser en tant que pouvoir ، هي صيرورة من أجل مجتمع حركي ومتحرك une société en mouvement ، وبأن الرهان هو تأهيل دينامية مجتمعية متحررة علاقات سلطوية دائمة التغير والتجدد ، وتقعيد "حركة مجتمع " un mouvement de société ، تؤسس " لأفق بديل" ، أفق يساءل الهوية ، التاريخ، الذاكرة والمجال ، أفق يتمفصل فيه السياسي وللثقافي والإيديولوجي، أفق يشاكس فيه القانون السياسة ويجابهها . يسار يراهن على الصراع الفكري من أجل الهيمنة وإنجاز التحول ، يسار مقتنع بضرورة إحداث نوع من " التصحيح الاستراتيجي " في منظومة التفكير والتأمل. تصحيح يخلق التربة المناسبة لانتشار طرائق في التفكير والتداول حول الأسئلة الحاسمة في تطوير وتعميق التحول المجتمعي المنشود، الذي يعتبر صراع الأفكار، وأهمية التثقيف السياسي والتنشئة الديموقراطية تجل حقيقي من تجليات ممارسة الصراع ، وهو ما يمكن من تشكيل " وحدة ثقافية مجتمعية " تجعل من " الإنسان الجماعي " أساسها ومركزه. وحدة يتم من خلالها تجميع وربط مجموعة متنوعة من الإرادات والتصورات المتعارضة ، وذات أهداف غير متجانسة، للوصول إلى خلق دينامية في النضال من أجل التحول، وخلق إرادة جماعية جديدة ودائمة، وتوفير شروط تحولها وتطورها إلى قوة قادرة على التأثير والتوجيه ، وتحقيق توازن وهيمنة جديدين . يسار على مقتنع بأهمية الأفكار والقيم والمعايير الجديدة ، التي تحقق إجماعا يمكن من الزعامة والقيادة قادرين على خلق وتطوير " قوة جذب سياسية " ، أخلاقية وثقافية، تمتد وتنمو خارج محيطها، وتأثر بشكل موجه في تفكير وطريقة معيشة الناس. يسار يحمل رهان المساهمة في خلق ونشوء فلسفة حياتية جديدة بأهداف وتطلعات مجتمعية ، وتصورات قيمية، ومعايير سلوكية ، فردية وجماعية، تشكل أرضية لفلسفة مجتمعية موجهة وجديدة، ناقدة لما سبقها ومطورة له، خصبة على مستولى تقديم المقترحات والأفكار والبدائل، قادرة على تنفيذها ، وايضا، على الاستحواذ على اهتمام الجماهير وتعبئتها، لإنضاج الشروط الذاتية والموضوعية لتحقيق الانتقال والتحول إن إحلال وعي جديد، يمر عبر تنظيمه ومنهجته وعقلنته ، اعتمادا على أساليب التربية والتنشئة والتعليم، وهي مهمة ثقافية بالتحديد ، تتطلع إلى تأهيل المتلقي وتربيته سياسيا، وتنتهج صيرورة التعلم المتبادل، وتعزيز عملية التمكين الذاتي للجماهير ، لتمكنهم من القدرة على العمل السياسي ، واعتماد التواصل والتبادل المنهجي للخبرات والمعارف . يسار عازم على تجاوز "أزمة التحول ")غرامشي( ، بنقد "القديم " وإعادة صياغة أفكار الماضي أو تجاوزها ، و تمكين "الوعي الجديد " من البزوغ والترسخ ، وتنويع امكانات تداوله وانتشاره بين فئات ومجالات المجتمع . رفيق خالد غشت 2017