محمد إنفي كل النشطاء المغاربة بشبكات التواصل الاجتماعي، سواء في الداخل أو في الخارج، كانوا يتمنون أن يحظىالرئيس عبد المجيد تبون بعهدة ثانية. وها قد حققت الهم الانتخابات الرئاسية الأخيرةهذه الأمنية. وهي، في الحقيقة والواقع، لم تكن أمنية فقط؛بل كانت رغبة جامحة وملحة بالنسبة لكل النشطاء بمن فيهم المتطرفون في الانتقاد اللاذع لرئيس الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية وكذا المشككون في قدراته العقلية وأهليته السياسية والتدبيرية وعدم قدرته على الخروج من شرنقة العسكر. وإذا كان جميع النشطاء المغاربة يتلاقون في نفس الأمنية وتحذوهم نفس الرغبة القوية في رؤية السيد عبد المجيد تبون على رأس الدولة الجزائرية لولاية ثانية، إلا ربما ما ندر،فإن الدوافع لا شك أنها تختلف من ناشط إلى أخر ومن مجموعة نشطاء إلى مجموعات أخرى. وقد نلاحظ بعض الاختلاف بين رواد التواصل الاجتماعي حسب المواقع والشبكات التي ينشطون فيها؛ فاليوتيوب ليس هو التيك توك؛ وهذا الأخير ليس هو الفايسبوك، الخ. ويمكن أن نلاحظ فرقا جوهريا بين أصحاب البث المباشر (لايف) – الذين يستضيفون نشطاء آخرين أو يعطون الفرصة لمجموعة من المتتبعين للتعليق أو الرد على تدخل متتبع آخر أو غير ذلك – وبين صناع الفيديوهات وأصحاب المنصات الحوارية، خصوصا منهم الصنف الذي يهتمبالتحاليل السياسية والنقاش الفكري. فهؤلاء، لو لا قدر لم تتحقق رغبتهم، لم يكن ليشعروا بخيبة أمل كبيرة، وإنما كانوا سيتأسفون قليلا على فقدان كثير من فرص الضحك والتسلي ببهلوانيات عبد المجيد تبون وعبطهالواضح وخبله المزمن. أما بالسبة للنشطاء الآخرين فالصدمة كانت ستكون قوية، خصوصا بالسبة ل"الطنازة" (من الطنز) وهواة الهزل والفرجة أو الفرشة "السياسية". تجدر الإشارة إلى أن أغلب النشطاء كانوا على قدر كبير من الثقة واليقين بأن "فارسهم" سيفوز بالعهدة الثانية، خصوصا بعد متابعتهم لأطوار الحملة الانتخابية، وإن كانت هفوات الرئيس المرشح تلقي من حين لآخر بظلال من الشك لما فيها من مبالغات لا يقبلها المنطق ولا يستسيغها العقل السليم. فأن يسمع الشعب الجزائري – الذي يقضي ساعات طوال في الطوابير ألا متناهية للحصول على كيس حليب أو قارورة زيت أو أسطوانة غاز أو كيلو عدس أو لوبيا أو غيرهما من البقوليات -يسمع رئيسه يؤكد بأن الجزائر قد أصبحت في الرتبة الثالثة عالميا من حيث الاقتصاد بعد أن كانت في مؤخرة الترتيب،يمكن للشك أن يتسرب إلى نفوس بعض النشطاء، خصوصا الذين يعلمونأن الجزائر العاصمةقد صُنفت في الرتبة الثالثة ضمن المدن العشرة الأسوأ للعيش في العالم، فيعتقدون أن الشعب الجزائري قد يقلب الطاولة على تبون،بينما النشطاءالمطلعون على ما حصل في المجتمع الجزائري من تبرْديع وتضْبيع، كانوا متيقنين من فوز تبون رغم كل زلاته وسقطاته. المهم أن المراد قد تحقق؛ ولا شك أن كل النشطاء المغاربة بمختلف مشاربهم مسرورون بالولاية الثانية لعبد المجيد تبون؛ ومنهم، ربما، من أقاموا الحفلات بالمناسبة. وكيف لا، وقد ضمنوا خمس سنوات جديدة من التسلية والهزء والسخرية مع فضائحعبد المجيد تبون ومع الأرقام الفلكية المضحكة التي يطلقها حتى في المحافل الدولية وليس فقط في الحظيرة؛وعلى سبيل المثال لا الحصر،نُذكِّر بتصريحه في الأممالمتحدة بأن الجزائر ستصل في نهاية سنة 2024 إلى تحلية مليار وتلاث مائة مليون متر مكعب من مياه البحر يوميا. ويسرني أن أغتنم هذه الفرصة البهيجةفأعبر عن ابتهاجي وسروري بتحقق رغبة النشطاء المغاربة في ولاية ثانية لعبد المجيد تبون، وأقدم لهم، بالمناسبة، أصدق التهاني وأخلصها، معربا لهم عن صدق مشاعري وعمق تأثري بالعمل الجاد الذي يقمون به لتعرية وفضح النظام الجزائري الفاشل وأساليبه الدنيئة في محاولته النيل من صورة المغرب والمساس بمؤسساته الدستورية ورموزه الوطنية ونسائه الحرائر. ومن المثير أن النشطاء المغاربة قد أصبحوا يحددون بطريقتهم الخاصة التوجهات الكبرى للدولة الجزائرية (تبون وشنقريحة ودواوينهم مدمنون على تتبع النشطاء المغاربة)، إن جاز أن نسميها دولة خصوصا وأن المغرب شكل النقطة الوحيدة التي كانت في البرنامج الانتخابي للمرشحين الثلاثة. فالمغرب كان حاضرا بشكل ملفت في الحملة الانتخابية. وقد استطاع النشطاء المغاربة أن يهزموا ليس الذباب الإليكتروني العسكري فقط؛ بل هزموا حتى الإعلام الرسمي الذي يتجاهله الإعلام الرسمي المغربي كلية. وأود أن أختم هذه التهنئة بما فعله النشطاء المغاربة في ذلك الصحافي الفرنسي الجزائري المدعو المهدي غزار والذي كلفه تبون بإدارة حملته الانتخابية على مستوى أوروبا. ولما استضافته القناة الجزائرية الدولية الناطقة بالفرنسية، لم ينس أصله وفصله وطفت إلى السطح تربيته في بيوت الرذيلة، فأطلق عنان لسنانه الملوث بكل أنواع الرذيلة، متهما المغرب بما هو موجود في الجزائر من الرذائل والنقائص وكل المذمات والأمراض الاجتماعية. وقد تطاول على المغربيات وعلى رموز الدولة وعلى الشعب المغربي وأطفاله. لكن النشطاء المغاربة جعلوا منه عبرة لكل الكراغلة الذين تسول لهم أنفسهم التطاول على أسيادهم المغاربة. وهكذا أتى صاغرا يعتذر للمغاربة بعد أن مسحوا به الأرض وأعطوه الدرس الذي يستحق. ولم يقف الأمر عند هذا الحد؛ فقد خسر منصبه في المؤسسة الإعلامية الفرنسية التي كان يشتغل فيها (RMC) ومهدد بالسجن بعد الدعوة التي رفعها المحامون المغاربة ضده أمام القضاء الفرنسي. سلا في 12 شتنبر 2024