تطوان – مراسلة خاصة نظمت جماعة تطوان يوم الجمعة 14 أبريل 2023م في قاعة محمد أزطوط الكائن بمقر الجماعة، في إطار الأنشطة الثقافية التي نظمتها تحت شعار "رمضانيات تطوان"، لقاء ثقافيا تضمن جلسة تأبينية استحضارا لروح الفقيد الأستاذ عبد القادر الخراز، وتقديم كتاب "تاريخ المجالس البلدية والقروية بشمال المغرب" لمؤلفه الطيب أجزول، وذلك بحضور نخبة من مثقفي مدينة تطوان وكتابها وأساتذة جامعيين وعميد كلية أصول الدين ونائبه، ومدير المدرسة الوطنية للعلوم التطبيقية ورؤساء سابقين للمجلس البلدي بتطوان. بعد قراءة الفاتحة ترحما على الفقيد عبد القادر الخراز، قدم مسير اللقاء ومنسقه الدكتور أنس اليملاحي نائب رئيس المجلس البلدي المكلف بالشؤون الثقافية، سياق استحضار روح الأستاذ الخراز الذي فقدته المدينة قبل شهور، والمتمثل في تكريم وتأبين شخصيات كان لها حضور متميز وفاعل في المدينة، بعد ذلك ألقى رئيس جماعة تطوان كلمة تحدث فيها عن اهتمام الجماعة بالجانب الثقافي للمدينة، وهو ما كان وراء تنظيم هذا اللقاء، احتفاء بكتاب يوثق لتاريخ المجلس البلدي بتطوان، واستحضارا لروح أحد أعضائه السابقين، وهو الأستاذ الخراز الذي كان عضوا ببلدية تطوان بين 1983 و1992م، وأعطى للعمل الجماعي بعدا ثقافيا واضحا. وقدم الباحث والسوسيولوجي والمبدع عثمان أشقرا، شهادة في حق صديقه وزميله الأستاذ عبد القادر الخراز، فأكد في بداية شهادته، أن مشاركته في هذا اللقاء التأبيني، تأتي من منطلق الوفاء للمرحوم الذي جمعته به علاقة زمالة في العمل بالمدرسة العليا للأساتذة بتطوان منذ ثماننيات القرن الماضي، وخلال هذه الفترة، يقول أشقرا: "عرفت عبد القادر الخراز الأستاذ المربي، والخراز الباحث الأكاديمي، والخراز الإنسان، الذي كان أول من دعاني إلى عشاء تطواني أصيل في بيته بعد التحاقي بتطوان قادما من خريبكة". وأضاف أشقرا قائلا: "وعرفت الأستاذ الخراز مستشارا في بلدية تطوان بين 1983 و1992، مكلفا بالحالة المدنية، حيث كان يخدم الصالح العام، وكان ذلك في فترة دقيقة وملحمية في تاريخ تطوان، زمن المجلس البلدي الخامس، وهو مجلس كان يحظى بثقة خارقة من قبل السكان، وبمد جماهيري كبير جدا، بعد أن حصل على أغلبية ساحقة من الأصوات الانتخابية آنئذ". واستحضر الباحث عثمان أشقرا في شهادته لحظة من أهم لحظات مساره العلمي، تتعلق بتسجيل أطروحته للدكتوراه في موضوع "الفكر الوطني بالمغرب مقاربة سوسيولوجية" بإشراف السوسيولوجي محمد جسوس، وكان جوهر الأطروحة الدفاع عن خصوصية الحركة الوطنية في الشمال عن نظيرتها في الجنوب، في هذه اللحظة الحاسمة وهو في غمار البحث عن وثائق ووقائع مدعمة للأطروحة، كان لقاؤه بالأستاذ الخراز باعتباره "باحثا متخصصا في صحافة الشمال، بموازاة كونه أستاذا للأدب الأندلسي"، الذي تبنى الأطروحة، يقول أشقرا: "تبنى الخراز أطروحتي، وفتح لي أبوابا في البحث، باعتباره أحد المتمرسين بصحافة الشمال". أما عن مكانة الثقافة وتطوان في حياة الراحل الخراز، فقد اعتبرها عثمان أشقرا تمثل مركز تفكيره وشغله الشاغل، مقدما إياها على انتمائه السياسي الحزبي، يقول: "كنت عندما أحدثه في السياسة يحدثني عن الثقافة، وعندما أحدثه عن الحزب يحدثني عن الثقافة، وعندما أحدثه عن الإيديولوجيا يحدثني عن تطوان". وتطرق أشقرا في شهادته إلى جانب السياسة في حياة الخراز قائلا ان: "حضوره في المجلس البلدي بين 1983 و1992 جسد عودة الروح إلى تطوان، إن السياسة التي مارسها الخراز، كان يمارسها بروح مدنية وأخلاقية وفنية وأدبية، لذلك أنوه فيه نموذج الإنسان التطواني الذي مارس السياسة بشرف وأخلاق، وعندما يكون أمامه الاختيار بين السياسة والأخلاق فإنه يفضل الانسحاب، على غرار ما قام به محمد داود". بعد فقرة التأبين، التي خصصت لاستحضارا روح الأستاذ عبد القادر الخراز، قامت الأستاذة حسناء داود والأستاذ محمد العربي الزكاري بقراءة في كتاب الطيب أجزول "تاريخ المجالس البلدية والقروية بشمال المغرب مجلس مدينة تطوان نموذجا 1860-2023). وفي نهاية اللقاء التأبيني قدم رئيس جماعة تطوان لعائلة الفقيد لوحة فنية هي عبارة عن بورتريه للراحل عبد القادر الخراز من توقيع الفنان الولانتي، كما قدم نسخا من الكتاب المحتفى به للرؤساء السابقين بالجماعة. والجذير بالذكر أن الفقيد عبد القادر الخراز هو أحد الباحثين المتخصصين في صحافة شمال المغرب، وسبق أن نشر في ثمانينيات القرن الماضي جريدة "الإشعاع"، وكتاب "الشعر المرابطي في المغرب والأندلس"، والعشرات من المقالات، في مجال الأدب والصحافة وترجمة الاعلام، كما قام بتحقيق "شرح قصيدة الهمزية" للشيخ أبي العباس أحمد بن عجيبة، وكتاب "خمسون سنة صحبة آل بنونة" للتهامي الوزاني.