المغرب حاضر بقوة في الترشيحات لفئات السيدات لجوائز ال"كاف"    مشاريع كبرى بالأقاليم الجنوبية لتأمين مياه الشرب والسقي    وزارة الاقتصاد والمالية: المداخيل الضريبية بلغت 243,75 مليار درهم عند متم أكتوبر 2024        في لقاء مع الفاعلين .. زكية الدريوش تؤكد على أهمية قطاع تحويل وتثمين وتسويق منتجات الصيد ضمن النسيج الإقتصادي الوطني    أنفوغرافيك | يتحسن ببطئ.. تموقع المغرب وفق مؤشرات الحوكمة الإفريقية 2024    ارتفاع أسعار النفط وسط قلق بشأن الإمدادات جراء التوترات الجيوسياسية    الذهب يواصل مكاسبه للجلسة الرابعة على التوالي    بورصة الدار البيضاء تستهل تداولاتها بأداء إيجابي    سعر البيتكوين يتخطى عتبة ال 95 ألف دولار للمرة الأولى    نقابة تندد بتدهور الوضع الصحي بجهة الشرق    بعد تأهلهم ل"الكان" على حساب الجزائر.. مدرب الشبان يشيد بالمستوى الجيد للاعبين    رودري: ميسي هو الأفضل في التاريخ    اسبانيا تسعى للتنازل عن المجال الجوي في الصحراء لصالح المغرب    استئنافية ورزازات ترفع عقوبة الحبس النافذ في حق رئيس جماعة ورزازات إلى سنة ونصف    "لابيجي" تحقق مع موظفي شرطة بابن جرير يشتبه تورطهما في قضية ارتشاء    الحكومة الأمريكية تشتكي ممارسات شركة "غوغل" إلى القضاء    8.5 ملايين من المغاربة لا يستفيدون من التأمين الإجباري الأساسي عن المرض    حادثة مأساوية تكشف أزمة النقل العمومي بإقليم العرائش    الشرطة الإسبانية تفكك عصابة خطيرة تجند القاصرين لتنفيذ عمليات اغتيال مأجورة    مدرب ريال سوسيداد يقرر إراحة أكرد    البابا فرنسيس يتخلى عن عُرف استمر لقرون يخص جنازته ومكان دفنه    مقتل 22 شخصا على الأقل في غارة إسرائيلية على غزة وارتفاع حصيلة الضربات على تدمر السورية إلى 68    ترامب ينوي الاعتماد على "يوتيوبرز وبودكاسترز" داخل البيت الأبيض    من شنغهاي إلى الدار البيضاء.. إنجاز طبي مغربي تاريخي    المركز السينمائي المغربي يدعم إنشاء القاعات السينمائية ب12 مليون درهم    انطلاق الدورة الثانية للمعرض الدولي "رحلات تصويرية" بالدار البيضاء    تشكل مادة "الأكريلاميد" يهدد الناس بالأمراض السرطانية        اليسار الأميركي يفشل في تعطيل صفقة بيع أسلحة لإسرائيل بقيمة 20 مليار دولار    الأساتذة الباحثون بجامعة ابن زهر يحتجّون على مذكّرة وزارية تهدّد مُكتسباتهم المهنية    شي جين بينغ ولولا دا سيلفا يعلنان تعزيز العلاقات بين الصين والبرازيل        جائزة "صُنع في قطر" تشعل تنافس 5 أفلام بمهرجان "أجيال السينمائي"    الفتيان يواصلون التألق بالفوز على ليبيا    بلاغ قوي للتنسيقية الوطنية لجمعيات الصحافة الرياضية بالمغرب    الحكومة تتدارس إجراءات تفعيل قانون العقوبات البديلة للحد من الاكتظاظ بالسجون    بوريطة يستقبل رئيسة برلمان صربيا        ولد الشيخ الغزواني يهنئ الملك محمد السادس بمناسبة عيد الاستقلال    العصبة الوطنية لكرة القدم الاحترافية تقرر تغيير توقيت انطلاق ديربي البيضاء    توقعات أحوال الطقس لنهار اليوم الأربعاء    منح 12 مليون درهم لدعم إنشاء ثلاث قاعات سينمائية    تفاصيل نجاة فنانة مصرية من الموت        تلاميذ مغاربة يحرزون 4 ميداليات في أولمبياد العربية في الراضيات    تفاصيل قضية تلوث معلبات التونة بالزئبق..    دراسة: المواظبة على استهلاك الفستق تحافظ على البصر    من الحمى إلى الالتهابات .. أعراض الحصبة عند الأطفال    فعاليات الملتقى الإقليمي للمدن المبدعة بالدول العربية    أمزيان تختتم ورشات إلعب المسرح بالأمازيغية    اليونسكو: المغرب يتصدر العالم في حفظ القرآن الكريم    "من المسافة صفر".. 22 قصّة تخاطب العالم عن صمود المخيمات في غزة    روسيا تبدأ الاختبارات السريرية لدواء مضاد لسرطان الدم    بوغطاط المغربي | تصريحات خطيرة لحميد المهداوي تضعه في صدام مباشر مع الشعب المغربي والملك والدين.. في إساءة وتطاول غير مسبوقين !!!    في تنظيم العلاقة بين الأغنياء والفقراء    غياب علماء الدين عن النقاش العمومي.. سكنفل: علماء الأمة ليسوا مثيرين للفتنة ولا ساكتين عن الحق    سطات تفقد العلامة أحمد كثير أحد مراجعها في العلوم القانونية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ظاهرة الاخراج الجماعي في المسرح (1)
نشر في العرائش أنفو يوم 04 - 11 - 2022


نجيب طلال
ترصد:
مواضيع عدة و ظواهِر كثيرة في النسيج المسرحي المغربي ( تحديدا ) لم يتم الانتباه إليها ؛ أو الترصد لها علميا ومعرفيا ؛ والاهتمام بها دراسة وبحثيا ؛ أو كتابة وتفكيكا ؛ أو نقاشا وتحليلا، إما عمدا أو سهْوا أو خوفا… ولاسيما أنها تشكلت في جَسد المسرح وفي بنية التاريخ ليكون لها حضور فيما بعْد الحاضر، ولكن كانت تحتاج لقراءات نقدية/ تحليلية في سياق شروط انوجادها ورصد العلائق بينها وبين سيرورة التاريخ .إذ الهدف الأسمى؛ يندرج أساسا في محاولة ترسيخ ماهية التوثيق من زاوية الإثبات المادي ؛ وليس الشفاهي الذي هو الغالب؛ باعتبارأن: المسرح المغربي يعاني من آفتين مركبتين، إنها: آفة غياب التوثيق والأرشفة وضياع الوثائق أو إتلافها عن قصد أو غير قصد أو نهبها واحتكارها لغايات أنانية سخيفة … ونمثل لذلك بضياع الكتابات والمقالات الصحافية….وكل أشكال الأرشيفات…. وآفة ضياع الذاكرة المسرحية – والفنية عموما- وترتبط موضوعيا وعضويا بالآفة الأولى(1) وفي نفس اللحظة اجتراح أسئلة جديدة تتعلق أساسا بالظاهرة محور النقاش ؛ والترصد للكيفية التي تم تناول تلك الظاهرة أو لم يؤرخ لها كوثيقة تاريخية ؟ إضافة لفهْم وتَفهيم الأجيال الحالية والمقبلة ؛ أسباب نزول ظاهرة (ما ) ؟ ومامدى فعاليتها في النسيج المسرحي ؟ وما خصائصها فكريا وتطبيقيا ؟ وما خلفياتها الإبداعية / الثقافية/ الإجتماعية/ لأن طبيعة السيرورة التاريخية تفرض فهم واستيعاب جملة من الاشراقات والاخفاقات. وذلك بحكم تطور المسرح عَبر محطات تاريخية جدليا بحركية المجتمع اقتصاديا / سياسيا /؟ وبالتالي فأي نقاش عن المسرح في المغرب لامناص من تجزئه : لأن كل حقيقة جزئية لا تأخذ مدلولها الحقيقي إلا من خلال مكانها في الكل، كذلك لا يمكن للكل أن يعرف إلا عبر التطور في معرفة الحقائق الجزئية. وهكذا يظهر مسار المعْرفة كتذبذب مستمر بين الأجزاء والكل، يتوجب على أحدهما أن يوضح الآخر على نحو تبادلي(2) هَذا غير وارد في المسرح؛ وفي سياق المثال "مسرح الهواة" نتناوله في كليته التاريخية؛ دونما الانتباه بأن الفعل المسرحي. تحقيب ومحطات وتمظهرات ؛ فالجامعة الوطنية لمسرح الهواة؛ أو الرابطة الوطنية للمسرح؛ أو الفيدرالية الوطنية للمسرح (هي) جزء من الكُل ، لم تناقش وتحلل ميكانزماتها وعلائقها بالسلطات وبالمسرح وبالجمعيات …تأكيدا أنه من الصعوبة أن يوثق [لها] ولغيرها ! رغم أن العَديد ممن الأعضاء ( لازالوا) أحياء. وإن كنا نؤمن جميعُنا بأن المسرح يعَد أكثر الاشكال الفنية والإبداعية اتصالاً بالجماهير، وأداة من أدوات الخطاب ( النقيض) والحامل لتجذيرتعبيري صرف عن الهموم والإشكاليات والمعاناة التي تلاحق المرء في حياته العامة والخاصة كذلك. وبوصفه خطاب جمعوي بالوسيلة الجماعية عن قضايا المجتمع . وإن كان في الأصل تركة "كولونيالية" وإن كان البعض يؤطر المسرح في المغرب في التركة الثقافية الوطنية نظرا لارتباطه بها ؛ وحتى هذا الموضوع لم يناقش؛ لأن المؤسف ؛ وقع انحراف نقاشي " سفسطائي" تجاه علاقة [السياسي بالثقافي] الذي استنزف وقته ؛ ليحل محله "تنابز" الأطروحات والتيارات المسرحية بين ما ( كان) يسمى اليمين / اليسار؛ الذي يتشكل من الجمعيات المسرحية ؛ بعضها كان تابعا للأحزاب المعلنة والبعض للأحزاب السرية ( أنذاك) وهناك من كان تابع التابعين ! مما أصبحنا نلوك تجارب وأسماء أغلبية المبدعين والمنظرين؛ بدون ضوابط ونمرر بعض المغالطات التي ترسخت : وفي هذا الصدد كان هناك استحضار قوي لعلامات مسرحية دالة في اليسار المسرحي الغَربي، مثل إروين بيسكاتور وبرتولد برخت وأوگوستو بوال (3) ففي سياق ما نهدف إليه ؛ كان هناك استحضار للعلامات مسرحية المحسوبة على المعسكر ( الشرقي) بقيادة ( الإتحاد السوفياتي) وليس ( الغَرب) كما ورد؛ علما أن المخرج البرازيلي "أوگوستو بوال" في تجربته لمسرح [المقهورين ] لم يكن واردا عند ( الهواة ) إلا لاحقا ، ولم يتم تطبيق تجربته إلا في أواسط التسعينيات من ( ق، م) في إحدى مهرجانات المسرح الجامعي . وهَذا لا يمكن فهمه والقبض على حقيقته ؛ إلا بإعادة النظر فيه ؛ وفي شتى مظاهِر ومعطيات الحركة المسرحية في المغرب ؛ وما تم إنتاجه ؛ بنقاشات وتحليلات مستفيضة ، بمنظور عقلاني جاد ومنهجي لكُل مرحلة بالتدقيق؛ ومدى تفاعلها التاريخي مع النسيج، وذلك لمحاولة تجْديدها، وإفراز ما يستجيب لرهانات العصر ويُجيب في نفس اللحظة عن أسئلة الحاضر؛ وبالتالي فالبحث في قيمة الأثر الذي يندرج ضمن "تاريخ المسرح في المغرب " سيؤدي بنا للكشف عمليا عَن مدى قدرته على الاستمرارية أو سيعيش انكسارات وفَشلا ذريعا أمام التحولات الحالية ؛ كما هو عليه الآن ؟
التحولات :
وبناء عليه ؛ فأغلب المواضع أساسية وذات أرضية خصبة للنقاش الفعلي/ الجاد؛ لإيقاف الادعاءات وزحف المزايدات ، والمغالطات التي يمررها بعض دعاة ( التوثيق ) بحكم أن المسرح مرتبط عندنا بالغليان الاجتماعي والمخاض السياسي والتحولات الثقافية التي تفرضه المتغيرات الدولية والقطرية ؛ فإذا اتخذنا حقبة [ السبعينيات من ( ق م ) ] التي تغلغل فيها الفعل الثقافي والإبداعي؛ وحاول أن ينقلب على معطيات [ الستينيات من ( ق م )] أو بالأحرى أن يحْدث قطيعة مع جزء منها؛ لأسباب سياسية صرفة ؛ وارتباطا بالتحولات التي طرأت في هذا العقد من انتفاضة التلامذة والطلاب المغاربة 1965 والدخول في حالة الاستثناء ؛ وانتفاضة الطلبة الفرنسيين 1968 وانتفاضة طلبة مصر في نفس السنة ؛ من أجل تطلعات بديلة عن المجتمع الرأسمالي/ البيروقراطي، وبروز احتجاجات حادة و دعوات راديكالية ، هنا وهناك . رافضة الحرب الأمريكية على الفيتنام ، ناهينا عن اكتساح الأفكار والمفاهيم اليسارية ضد الأوضاع المجتمعية المتردية؛ التي أنتجت القلق والاغتراب والفردانية ، وهذا أغلبه تسرب لرحاب الجامعة المغربية ؛ وفي دهاليز بعض الأحزاب والتنظيمات الشبيبية، بحيث هاته التحولات الخارجية ؛ جدليا تنعكس وانعكست على البنى الداخلية ؛ التي تفرض تحولات أخرى موازية لها، طرأت جوانية المجتمع المغربي ، نتيجة الاحتقان الاجتماعي الذي بلغ ذروته، مما حاولتْ من خلال بؤر الصراع ، أن تُخلْخل وخَلخلَتِ الواقع والمجتمع بقيمه وتصوراته التي تفاعلت وتجاذبت مع قيم الاستعمار بمؤسسات تقليدية، مما تمظهرت آلية اشتغال بديلة في شتى المجالات ؛ منها انتشار العمل الجمعوي/ التطوعي، من أجل البناء ومن أجل الفكرة المشتركة ثقافيا وفنيا وإبداعي .لأن عقد السبعينيات من (ق، م) تميز أساسا بالمَدّ النضالي قوي ،الذي أفرز تحولا في القيم من داخل حقل الثقافة / الإبداعي؛ الذي ساهَم في اختراق رؤية الممارسين والفعاليات (أنذاك) الذين عملوا على نشر المبادئ والقيم الانسانية النبيلة ، وشارك عَدد كبير منهم في تأسيس تنظيمات اليسار التقدمي الذي حمل شعار الثورة على كل مظاهر استغلال الانسان لأخيه الانسان ، تمخض عنهما آثار على صعيد الوعي السياسي ، سيما في أوساط المثقفين والشبيبة التعليمية : إلى درجة أصبحت معها الحركة الجمعوية مرتهنة بوثوق بالعمل السياسي؛ مؤثرة في هذا الأخير بالتحامها الجماهيري، ومتأثرة به بدعمه وتوجيهه مثلما بانشغالاته وبأزماته. وكان من نتيجة ذلك سقوطها بقوة الواقع؛ عند مفارق الطرق لحظات الانعطاف، واضطرارها إلى الخوض في الصراع العام بين مكونات المشهد السياسي(4) وبالتالي فأغلب الجمعيات المسرحية ؛ انخرطت في العمل السياسي بطريقة غير مباشرة في بداية الطريق؛ وخاصة المدن الكبرى ؛ لكن في أواسط السبعينيات (1975) بعْدما تم تأسيس بعْض الجامعات (5) توغل الفعل السياسي بالثقافي؛ مما تقوت فاعلية الخطاب النقيض الذي تشكل في المسرح كإحدى الواجهات الإنسانية/التواصلية /الثقافية التي سعت أن تنعش الممارسة المسرحية من خلال تجربة "مسرح الهواة " الذي يبرز في" ظاهرة التأليف والاخراج الجماعي"
جمعَوية الإخراج:
هنا من الصعب أن نترصد لمسألة التأليف والإخراج في آن ، لأن مساحة الدراسة لا تكفي تناولهما بالشكل المقبول؛ وبالتالي فجمعوية الإخراج الذي مارسته العَديد من الجمعيات المسرحية ، فهاته الظاهرة لماذا ؟ وما خلفياتها وقتئذ ؟ وهل تعَد نوعا من التجريب المسرحي؟ وهل هي بالتأكيد ظاهرة صحية وإيجابية ، تتجاوز سلطوية ( المخرج)؟
هنا نشير ! فمن المؤسف جدا ! بأن ظاهرة الإخراج الجمعوي الذي ليس هوالإخراج "المشترك" أو ما يسمى الإخراج " الثنائي فاعله معروفان ، غير موثقة أو مؤرشفة كظاهرة فريدة ومتفردة بشكل علمي ومنهجي؛ اللهم بعض الإشارات و (كل) من تناول "المسرح في المغرب " نقدا ومتابعة ؛ لم يترصد إطلاقا لظاهرة الإخراج الجماعي؟ فحتى من يعتبروه ( عميد النقاد) لم يقدم لنا ولوفكرة أو نقدا تجاه عمل ذو طابع جمعوي إخراجيا؛ فكل ما نجده بقوله : وبما أن الإخراج المسرحي في الغرب قد عرف تحولا في أساليبه وتقنياته ، فإن المخرجين المغاربة قد سايروا هذا التحول واستعابوا أبعاده، ومن ثم عرفت فرجاتهم انفجارا أساسيا في البنية والإنجاز. ويرجع ذلك إلى النصوص الجديدة القائمة على تداخل الحكي والسرد والإيقاع الشعري؛ حيث أتاحت للمخرجين ومساعديهم ابتكار منظومات جمالية متنوعة تستلهم مدارس الإخراج في الغرب ( المسرح البريشتي- مسرح أرطو- مسرح غروتوفسكي- إلخ (6) هنا القول واضح؛ لكن عدم ملامسته للموضوع هل له نزوع ذاتي؟ أم نزوع سياسي؟ فإذا وضعنا مفردة ( الغرب) التي تكررت مرتين في نفس الفقرة وأطرناها والظاهرة تاريخيا ، عمليا نستشف أن هنالك نزوع سياسي(؟) لأن ظاهرة الإخراج الجماعي لها ارتباط وثيق "بالمعسكر الشرقي" ولم تنشأ كظاهرة من تلقاء نفسها أو نتيجة لعوامل خارجية عن طبيعة التغير و التحولات ؛ إن الفكرة تولدت من المختبرات المسرحية ؛ التي أنشأها مخرجو "المعسكر الشرقي" بدء من ( الأستوديو/ ستانسلافسكي): ولم يكن هذا الأستوديو لا مسرحاً جاهزاً كامل لعُدة والاستعداد , ولا مدرسة للمبتدئين بل كان معملاً أو مختبراً (7) وهناك من يعتبره ورشا ، ولقد أعجبتني إحدى المقولات لأحد المسرحيين يشير : ورشتنا محفل مقدس ومذبح سنقدم عليه قرابيننا من أجل السيد النبيل "المسرح (8) ولعل ظاهرة المختبرات الفنية والورش المسرحية والمجاميع الشبابية التي تعتمد الأسلوب الجمعوي (Collective) في إنشائية المنجز المسرحي لهي من أبرز المظاهر لتأكيد تلك المواكبة، فهم جماعات حسب المناطق؛ كانوا يعملون في هدوء ؛ وبعيدا عن النرجسية والادعاء؛ محاولين كل من موقعه المساهمة في صناعة العرض ، والذي يشتركون مبدئيا في تصور إخراجي واحد، قصد تحقيق الانسجام والتشكيل الحركي/ الجمالي؛ وذلك عن طريق التجريب. لأن المسرح من أهم المجالات الذي اقترن بها التجريب ؛ وذلك لخصوصيته ، وتعَدد أدواته التعبيرية :لأن التجريب تزامن مع ظهور الإخراج كوظيفة مستقلة، ومع رغبة المخرجين في تطوير البحث المسرحي بمعزل عن التقاليد والأعراف الجامدة، وبعيدا عن الربح المادي(9) وبالتالي أغلب الذين اشتغلوا على التجريب هم مخرجون. فهل جمعوية الإخراج في المغرب يندرج في هذا السياق" التجريب"؟ فمن زاوية نظرهُومجال خصب يلتقي فيه المنظور السياسي بالإبداعي؛ والجمعوي بالحزبي؛ وبفعل ذلك: ترسخ الإعتقاد بكون التنظيمات الجمعوية ما هي إلا نوافد خفية أو علنية للأحزاب الوطنية عموما، وتحركات اليسار على الخصوص. لاسيما أنه تبث نجاحها إلى حَد بعيد في امتصاص الضربات جراء نجاعة أسلوبها العملي وطرقها التنظيمية، اللذين كانا يضمنان لها المرونة المطلقة في التفاعل مع مختلف الفترات والمراحل (10) والإخراج والتأليف الجمعوي كانا يندرجان في سياق المرونة؛ ولكن في نفس الوقت ،كان يفرض تساؤلات محرجة ، لكونه مفهوما جديدا انغرس في المشهد المسرحي المغربي ، بحيث هل الإخراج الجمعوي استطاع خرق المألوف والخروج بإبداع جَديد؟
وهل استطاع تحقيق فرصة حقيقية للإبداع؟ هنا من الصعب أن تطرح إجابة يقينية؛ بناء على غياب قراءة نقدية تطبيقية، ولو لعمل واحد كمرتكز وسند . ومن الطرائف أن هنالك كتابا يتوفرعلى (293صفحة) عنوانه ( تدوين الفرجة المسرحية) (11) والذي يركز على المقاربة التدوينية للعرض المسرحي (مشهديا ) فلاوجود لعروض مغربية ( إخراجية ) مدرجة في التدوين، ذات طابع تأشيري مسرحيا ولو بالإشارة ! أو الهمس في الهوامش ! باستثناء تجربة " محمد تيمد" وهذا في حد ذاته إشكال تطبيقي على تجارب مسرحية مغربية ؟ وإن حاولنا الرجوع لذاكرة المشاهدة؛ سنلامس بعضها؛ لكن الغالب الأعم سيبقى المنجز مجرد ومضة تاريخية للإخراج الجمعوي. باعتبار: أن الإخراج المسرحي فعالية إبداعية مدركة؛ وذو صلة وثيقة بطاقة الخيال، فلابد أن تكتمل الصورة المسرحية؛ من خلال عناصر العرض الذي تحتوي هذا الإخراج ؛ فلا يقوم العرض بدون تأسيس على كلمة مهما كانت أهميتها..(12) طبعا فالعرض المسرحي ليس هو الكلمة وحدها ، لأن تحويل الصورة المشهدية المكتوبة إلى تصاميم مشهدية مجسمة وملموسة، تحاكي إلى حَد ما الواقع ؛ الذي يمر عبر عمليات اختزالية لما هو سمعي / حركي / بصري / وهَذا في حد ذاته يتطلب مجهودا مضاعفا ….
الإستئناس :
1) المسرح المغربي تجارب نسائية – مُؤلف جماعي ص 26/27- ط1/2013 – موضوع "فاطمة الركراكي" اسم
منفلت من زمن مسرحي ضائع لعبد الواحد بن ياسر " منشورات الفرع الجهوي للنقابة المغربية لمحترفي المسرح
جهة مراكش تانسيفت الحوز.
2) الإله الخفي للوسيان غولدمان ترجمة زبيدة القاضي ص 29 – منشورات الهيئة العامة السورية
للكتاب وزارة الثقافة – دمشق 2010
3) اليسار الماركسي والحركة المسرحية المغربية لعزالدين بونيت نشر في الاتحاد الاشتراكي يوم
23 – 03 – 2010
4) العمل الجمعوي بالمغرب التاريخ والهوية – ص 14 – منشورات الجمعية المغربية لتربية الشبيبة سنة 2004
أعدها للنشر حسن أميلي.
5) الرباط (1957)الجديدة(1962) فاس(1975)/ البيضاء(1975) مراكش (1978) وجدة(1978)
6) المسرح المغربي من التأسيس إلى صناعة الفرجة لحسن المنيعي- ص 43/44 – ط1/1994 منشورات كلية الآدب-
ظهر المهراز /فاس
7) نظرية فن الإخراج المسرحي ج1: لأحمد أمل ص97 دار النشر المغربية 2009
8) مختبر الكتابة (ورشة واحدة افتراضية) – ورشة كتابة النص المسرحي: لغنام غنام الدورة الالكترونية
التفاعلية/2021
9) المعجم المسرحي: لماري إلياس وحنان قصاب حسن- ص118 ط2/2006 مكتبة لبنان
10) العمل الجمعوي بالمغرب التاريخ والهوية – ص14-
11) ( تدوين الفرجة المسرحية: لفهد الكغاط
12)الإخراج المسرحي: لنادر عبدالله دسة ص65- ط1/2016 دار الإعصار العلمي/ عمان – الأردن


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.