بقلم : عبدالنبي التليدي ان ما يحدث في الوطن جراء تدبير سياسي غير حكيم ولا خاضع لاي منطق سليم او يمت بصلة ما الى اية ديموقراطية ذات مصداقية ، وجراء قرارت واجراءات ادارية غير دستورية ومحاكمات لا مسوغة لها لانها بعيدة عن الدين وعن العقل ظالمة للناس ومانعة عنهم حتى حقهم المشروع في التعبير عن الراي وابداء الفكر في شؤون وطنهم بعدما اصبحت المطالب بالحقوق الاجتماعية تؤدي الى السجن بعد انتفاء شروط المحاكمة العادلة كما يضمنها الدستور ايضا ، وجراء اسباب اخرى عديدة ، خطير ومخيف ولا مسؤول ويبعث على التساؤل عن المسؤولين الحقيقيين عن هذه الفوضى العامة الرسمية في مؤسسات الدولة وعن اهدافهم الخفية منها ؟ وهل من مصلحتهم اعتمادها والدفاع عنها بكل الوسائل الموجودة او المستوردة السياسية والمادية ولو على حساب مستقبل هذا المغرب الاقصى الذي كنا وما فتئنا نفتخر به ونعتز بالانتماء اليه ابا عن جد وجيلا بعد جيل ، لانها بالقطع ليست في صالحه ارضا وشعبا ونظاما كذاك . فاذا كانت اهدافهم الاستفراد بالسلطات فهم مستبدون بها منذ عقود ولا وجود لسلطة تعلو على سلطاتهم لان الباقي مجرد بيادق مائدة وكراكيز تمثيل ومسرح سواء ” المنتخبة باية انتخابات” في مختلف المجالس او المعينة تعيينا هنا في هذه الادارة او في في هذا القطاع الذي يدعى عليه انه مستقل ! وما هو كذلك .. واذا كانت رغبتهم الاستفراد بالثروة فان المغرب اضحى ضيعة كبرى ومنجما خاصا وبنكا ضخما لهم ولاصحاب المصالح الخاصة والضيقة هنا في الداخل وهناك في الخارج حيث فرنسا بالخصوص الامرة و المتحكمة ، وللعائلات الكبرى المعروفة منذ بداية الاستعمار والى ما بعد الاستقلال الرسمي ولاتباعهم من المحكومين ومن المنفذين حتى داخل الحكومة التي عجز رئيسها عن حجب الشمس بالغربال رغم اجتهاداته المثيرة للشفقة وتصريحاته التي يكذبها في حينها وفي عين المكان الواقع وتفندها التقارير الرسمية والمؤشرات الدولية المعلنة …بينما باقي اغلب فئات الشعب في كل الجهات و الاقاليم اضحى يعاني الفقر والبطالة والبطالة المقنعة والجهل والمرض ومن كل المظاهر المتخلفة كما كنا نراها ونسمع عنها في الدول التي كانت متخلفة فاصبح المغرب لديها اليوم مضرب المثل في الفساد والتخلف ! ، فاضطر المواطنون و الشباب امام اوضاعهم العامة المزرية الى الانخراط في حركات احتجاجية بعد ان استفحلت وعجزت الدولة لاسباب مختلفة مالية جراء الفساد المالي والمديونية العالية بالخصوص ، وسياسية ايضا ناتجة عن انعدام الارادة الجادة في الاصلاح الحقيقي والجاد للاوضاع وعن ضعف الحكومة الصورية والمطبعة مع الفساد ، التي ابانت عن عدم قدرتها على تنزيل الاختصاصات الدستورية على ارض الواقع وعن عدم توفرها على برنامج واضح ومتفق عليه بين مكوناتها وبالاحرى تنفيذ ادعاءات زعماء احزابها اثناء الحملات الانتخابية. واذا كانت نيتهم خوفهم على مصالحهم السياسية والاقتصادية والمالية فلم يعد لتلك النية ما يبررها : – بفضل انهاء الدور الرائد للنقابات وللاحزاب السياسية الوطنية الذي كانت تقوم به سابقا كما خولها ذلك الدستور وكما هو معروف عند الدول الديموقراطية التي تحترم فيها الاختصاصات الدستورية وتقدر مصالح كل فئات المجتمع وطبقاته ، وبعد اسكات افواه وطمس عقول المثقفين والمفكرين المغاربة مثل من كانوا يعرفهم الوطن ويفتخر بهم المغرب في الراي والفكر وفي الكتابة و المناظرات وفي الجامعات ، قبل ان تفتح الابواب على مصراعيها بدلهم امام اصحاب الفن الرخيص والبهيمي وامام مخرجي البرامج الساقطة واصحاب اغاني العام زين ومهرجانات ” الشطيح والرديح ” من دون ميزان عاقل ولا موازين مضبوطة على قيم واخلاق مجتمعنا العريق بحضارته الراقية التي كانت تنهل من المبادئ البعيدة عن الميوعة وعن فساد الذوق وعن الاخلال بالالتزامات الاخلاقية لكل فرد كان ذكرا او انثى في المجتمع المغربي . انها حداثة كما يريدون وصفها لكنها بعيدة كل البعد عن الحداثة لانها بعيدة عن العقل وعن الرقي بالانسان وعن احترام انسانية الانسان ولحريته ولكرامة الناس عامة ، اكتسحت علنا المؤسسات التي تسمى عامة وتم تقديم كل الدعم المالي الضخم لها ولاصحابها من ميزانيات البلاد والعباد وعلى حساب رفاهية الناس وكرامتهم المفقودة ، وبرعاية كاملة من المسؤولين حتى افلست ولكم في قناة دوزيم وفي غيرها من المواقع المشبوهة والمدعومة افضل مثال … – ونتيجة التهييئ الجيد لوسائل القمع باشكال لم يسبق لها مثيل في الماضي ، بامكانها ان تحضر لاية بقعة باسرع وقت وان تضرب بكل قوة ودقة يمينا ويسارا في الساحات العامة وفي اي ميدان كان متى اراد المسؤولون عنها ذلك دون ان تواجه من قبل شعب اعزل سلم امره منذ زمن غير يسير لانه جبل على الاستسلام لما قدر له كما صار يؤمن بهذا عن ايمان او بالاكراه ، واذا حاول بعضهم ابداء راي في موضوع عام شغله او التجمع في ساحة ما للتعبير عن موقفه ووجه بالعنف المفرط بل وبتهم جاهزة ولو عن تعبير عادي وعام في وسائل التواصل الاحتماعي يا عجبا ! اسال هذا بالم كبير واتساءل عن خلفيات ما يحدث بحسرة شديدة وعن الغاية مما حدث وما زال يحدث بتشاؤم غير مسبوق وبخوف عظيم ، بعد ان بلغ السيل الزبا ، ويئست كما يئس الكثير غيري ، حسبما ارى واشاهد ، من اي تغيير في العقل المتحكم وفي السياسة السائدة في الحكم ، ومن اية امكانية للتوزيع ولو غير عادل للثروة بين ساكنة هذه الارض تحت سماء هذا المغرب الذي ولدت فيه من اب وام احباه فاحببته ومن اجداد وجدات ضحوا بالغال والنفيس عبر اجيال من اجل قيامه وبقائه واستمراره وفي سبيل استقلاله …او امكانية اصلاح ما افسدته السياسة واصحاب الريع الانتخابي والمفسدون بالطبع وبالتطبع في هذه الارض الطيبة ، لخلق مجتمع جديد في مغرب كنا نريده فعلا جديدا كما اخبرنا الملك الراحل الحسن الثاني وتوقعنا في بداية حكم الملك محمد السادس ، و يتمتع فيه كل المغاربة من دون استثناء وفي كل الجهات بالكرامة وببعض شروط الحياة الانسانية . خاصة : بعد ان اضحى عدد كبير من المغاربة لا يرى مستقبله في هذا المغرب بقدر ما صار يحلم به في غيره من ارض الله الواسعة في دول اخرى وبالخصوص هناك في اوروبا ، ولو تطلب منه من اجل تحقيق حلمه هذا حرق هويته اوالغرق في بحر الظلمات والتخلي عن احسن ما يطلب المرء وفراق اعز من في اهله ، في مغرب انكر على ابنائه حقوقهم فيه وقسى عليهم وفرق بين الاسرة الواحدة والعائلة التي تشتت في شتى الجهات افرادا ذكورا واناثا كهولا وشبابا مثقفين واميين . وبعد ان احترف الكثير ممن كانوا يؤثرون الكرامة على اي شيئ اخر كما عرفت لدى المغربي الاصيل ويؤمنون بقيمة المؤمن القوي خير من المؤمن الضعيف وبمقولة اليد العليا خير من اليد السفلى ، التسول وسيلة لكسب لقمة العيش ، واحترفت اعداد من النساء العهارة طريقة لكسب المال وحفظ الحياة وعيشها وعيش اسرهن وعائلاتهم وامصيبتاه ويا حسرتاه على مغرب الرجال والانفة والعزة وموت الحر والحرة جوعا ولا المذلة كهذه او اية مهانة اخرى !. وبعد ان صارت نسبة عالية من الشباب تتعاطى كل الموبقات من حشيش في المقاهي وفي الازقة والدروب وللخمر في ظلمات الليل وفي البؤر التي انتشرت هنا وهناك كالفطر في كل حي من كل قرية ومدينة لان ” البيران “او الحانات غير ممكنة لهم لضيق ذات اليد وليس لانها خاصة بغير المسلمين هههه…. وبعد ان صارت الجريمة وسيلة لا بد منها لتوفير الدخل الغير مشروع ، لكثير من العاطلين عن العمل والذين سدت الافاق في وجوهم ولتحقيق بعص الشروط الواجبة للعيش في وطن انكرهم وارض سحبت من تحت اقدامهم سحبا …. وبعد ان تم قبول الامر الواقع والوضع المفروض في التعليم الذي اصبح عبثا وخرابا ومؤدى عنه ومنتجا للتخلف والجهل ، وفي الصحة التي اضحت مرضا بل موتا لا مفر منه سواء في البيوت وفي الشوارع او في المستشفيات التي غلقت ابوابها في وجه من لا يفسد في الارض ولا يرشي بعدما اهمل تجهيزها وضعف العمل بها وفسد دواؤها وتعطل تدبيرها وتسييرها وهاجرتها اطرها واطباؤها … وبعد وبعد وبعد كل هذا وذاك وغير ذلك في كل مجال وميدان اجتماعي ومجتمعي لم يعد يقدم شيئا ولا يلبي رغبة للمواطنين فرفعوا ايديهم الى العلي في السماء ا يدعون الله خالقهم ليغير ما حل بهم وهم عباده وخلقه بعد ان يئسوا من حلم من في الارض ومن تعقل من سيسال عما لحق بهم وما يعانون منه عاجلا في الدنيا او اجلا في الاخرة . وعليه فان ما يحدث في المغرب غير عادي ومهول ولا يقبل به اي عقل عاقل …ان كنت اميز فعلا في هذا الواقع المريب بين الاشياء لما اصبحت عليه العين جراء الدمع والفكر نتيجة القحط الفكري والبؤس السياسي في هذا الوطن ، و بين الصدق والباطل بعدما اختلط الحبل بالنابل وتباينت المعايير واختلفت الرؤى الخ… فالى متى ؟ او لا نعقل ؟ ام على القلوب اقفالها بعد ان عميت البصائر فمكر الجميع ، والله خير الماكرين ؟.