برشلونة / مصطفى منيغ لا شيء ينقصه ، وكل شيء عن التقدم يفصله، عجيب هذا المغرب إن سمعنا في وسائله الرسمية ما ردَّده ، مقارنة بما على الأرض يفنَّد رؤاه، جلباب من الحرير الرفيع يلبسه ، مغطيا أسمالا وما دون ذلك بما يتعذر وصفه، واصطناع فاشل لإظهار القناعة أمام الشاشات الأجنبية بعدها كقبلها واقع هش إن أمكن مرحلة بعد أخرى نكرانه ، فاليوم من الصعب تغييبه ، إذ قفز المفسدون على الحد الغير مسموح تجاوزه ، بضغط من الفساد الزاحف من العاصمة ناشرا فلوله ، ومن اشتكي عاد من حيث الابتداء ومقلتيه منفجرتين بالبكاء رافعا رأسه للسماء في منظر لمس الحجر تأثيره ، ولا حياة لمن تنادي سوى الاستحمام في أقرب وادي إن لازال يروي عطش القرى في البوادي المحكوم عليها منذ الاستقلال بالصمت الرهيب وإلاَّ حضر المُرَبِّي مُهيِّجا ًأعوانه ، يُشعل النار فيما تبقَّى ليسيطر الهناء مقيَّدة بعضها ببعض مرادفاته ، حتى حلول الاستحقاقات التشريعية المقبلة فيتم الاستعداء للبدء المحكمة تدابيره ، وهكذا لا البادية في خير ولا الحاضرة حاضرة بما يلزم التغيير فارضة الخلاص إرادته . كبرنا وكبر أحفادنا والمغرب لا يُعجَبُ حاله، سنة لسنوات تُسلِّمه، ماضي الماضي مستقبله، لا أمل ولا تطلع حتى التفاؤل فقد تفاؤله، مع تكرار ذات القرار لدرجة مل الفكر الواعي عن بُعد أو قرب تتبُّعه، إن فَشلت للاستدراك لجنة تهدف إصلاحه ، انبثقت أخرى لتصليح ما عزمت سابقتها إصلاحه ، لتولد شبيهتها لإصلاح إصلاح ما هدفت سابقتيها إصلاحه ، فلا كان إصلاحا بل وَهْما مُباحاً مُنتهياً بترتيبات سياسية جعلتها مسايرا بدهاء ظروفه ، إلى آخر رغبة في تقليص عدد الوزراء بدمج المصالح العمومية بعضها ببعض لضياع ما بقي من وقت على إجراء انتخاباته ، بنفس التقنية الضامنة إعادة ما مرَّ كي لا تخسر مقامات الفساد مواقعها في مغرب لم يعد الزمان زمانه . … القضية وقد تَمَّ رصد مضامينها بالإطلاع المباشر المرفوق بالدراية القانونية والخبرة الميدانية والتجربة سيدة التحليل الملازم لوضع النقط على الحروف ، ما تجعلنا نؤكد أن الحل الناجع لا يكمن في جعل التدبير الحكومي الفاشل حتى الآن ، لإخفاء ما وراء الستار المسؤول عن كل اختيار المؤدي لا محالة لمثل المسار ، والمغاربة مدركون تماما أن الديمقراطية المرفوعة كشعارات للزينة المناسباتية ، لو كانت حقيقية معمول بها كقاعدة تنطلق منها طموحات الشعب ، لما وصل المغرب لمثل العجز في ميدان محاربة الفساد أينما وُجِدَ والمفسدين مهما كان مستواهم الاجتماعي أو نفوذهم الوظيفي ، علما أن مغرب المغاربة لم يعد مطيقاً صبره اللاَّآت الثلاث : لا أسمع ، لا أري ، لا أتكلم ، لذا لا تتركوه يريكم وجهه الحقيقي حينما يغضب عن حق ، فاقنعوا بما وصلتم إليه ما دامت المرحلة الانتقالية الفاصلة بين تعقل الشعب وحِكمته ، وظنكم السادة وسواكم مجرد عبيد ، على وشك أن ينتهي وقتها الافتراضي .