دقت الشبكة المغربية للدفاع عن الحق في الصحة والحق في الحياة ناقوس الخطر حول الاختلالات الإدارية والمالية والطبية التي يعرفها المركز الاستشفائي الجامعي ابن سينا بالرباط، وحرمان المواطنين من حق ولوج العلاج والدواء وضمان سلامتهم، ودعت في تقرير تلقى “لكم” نسخة منه، وزير الصحة الى توقيف نزيف التلاعب والاستهتار بحقوق المرضى والأطر العاملة. وأفادت الشبكة أن “المركز الاستشفائي الجامعي ابن سينا يعيش على وقع أزمة خانقة ومستفحلة أثرت بوضوح على ولوج واستفادة عدد كبير من المواطنين وخاصة منهم الفقراء وذوو الدخل المحدود من الخدمات الصحية، بسبب ازمة تدبير وتسيير وسوء الحكامة، واستشراء مظاهر الفساد الإداري والمالي”.
وأكد التقرير الذي جاء في ثمان صفحات على أنه “بات من الواجب ان ندق ناقوس الخطر من اجل إيقاف النزيف، ووضع حد للاختلالات و للتجاوزات والتدبير الأحادي البيروقراطي للمؤسسة ،حيث لم يعد يتوقف المركز الاستشفائي الجامعي ابن سينا عن تفريخ الفضائح بين الفينة والأخرى ، بل تعداها الى التعدي على حقوق المرضى والتمييز بينهم وعدم المساواة في حق ولوج الخدمات الصحية”. ومن الاختلالات التي أوردها التقرير أنه، “يسمح للمرضى الذين يؤدون نفقات العلاج نقدا أوعبر الشيك بالاستفادة المباشرة من التشخيص بأجهزة السكانير والمختبر والاستشفاء والعلاج في نفس اليوم ودون موعد مسبق ، أما حاملي بطاقة الراميد الفقراء والمعوزون فعليهم الانتظار لعدة شهور الى سنة ، مع ما يمكن ان يترتب عن طول المواعيد من انعكاسات خطيرة على صحتهم بل حتى العلاجات التي تتكفل بها الدولة ووزارة الصحة مجانا كمرض السل يطلب من المرضى الأداء، ويجهل ان تسجل هده المداخيل المالية”. اما بخصوص المستعجلات، فقد قال التقرير إنه “باتت سوقا مفتوحا، يعاني فيها المرضى وأسرهم من حالة الانتظار بسبب قلة الموارد البشرية والمستلزمات الطبية للإسعاف وانقاد الضحايا من خطر الموات والعاهات المستديمة، خاصة ضحايا حوادث السير والاعتداءات وهو تنشرها الصحف الوطنية امام صمت ولامبالات المسؤولين بوزارة الصحة”. واعتبرت الشبكة المغربية للدفاع عن الحق في الصحة أن المركز الاستشفائي الجامعي ابن سينا بالرباط، ” أضحى نقطة سوداء في منظومتنا الصحية ،رغم كونه يمثل اكبر مؤسسة استشفائية بالمغرب والتي تضم 9 مستشفيات للعلاجات الثالثية ،عامة ومتخصصة ومركز طب الأسنان”. وأكد التقرير على أن “متاعب المواطنين المرضى ازدادت سوء، في ظل غياب الادوية وابسط المستلزمات الطبية ،الى جانب الاعطاب المتكررة والمتعددة في الآلات الطبية و البيوطبية، التي تكون حالتها في بعض المصالح متقادمة ومهترئة ينتج عنها تشخيص خاطئ، كما سبق وان صرحت بدلك احدى الطبيبات بمستعجلات مستشفى ابن سينا”. وأشارت الوثيقة على أن “أغلب المرضى حاملي بطاقة الراميد يعانون من المواعيد بعيدة الامد، في لائحة الانتظار طويلة مجحفة بالنسبة لحاملي بطاقة الراميد، لترتيبهم في اسفل اللائحة، ناهيك عن الزبونية والمحسوبية في الاستفادة من الخدمات الصحية والاستشفائية، وفي التنقل بين مختلف المصالح والطبقات لنقل مرضاهم عبر السلاليم الدرج على ادرعهم، نظرا للإعطاب المتكررة للمصاعد التي اقتنيت بمبالغ مالية باهظة، الى ان اعطابها لا تعكس قيمة شرائها وصيانتها المغيبة اصلا”. وأمام هذه الوضعية يقول التقرير إن تدخل وزير الصحة من اجل معالجة الاختلالات والاعطاب المتعددة والمتكررة أصبخ ضروريا، مشيرا إلى ما “تخصصه الدولة سنويا من ميزانية واستمارات مهمة للمركز الاستشفائي الجامعي ابن سينا سنويا وما يتم تحصيله من أموال من المرضى وما يستنزفه من النفقات الباهضة التي ترصد سنويا حسب المجلس الإداري للمركز لشراء الاجهزة الطبية والبيوطبية والاجهزة التقنية والصيانة والأدوية والمستلزمات الطبية”. وأشار التقرير إلى “الاعطاب المتكررة والمتعددة التي تشهدها المعدات والتجهيزات البيوطبية والتقنية، بالرغم من الميزانية المخصصة للصيانة والتي تقارب 45 مليون درهم سنويا اي ما يشكل 20% من الميزانية المخصصة لشراء الادوية ( 220مليون درهم سنويا ) لا تصل الى المرضى بسبب احجام الشركات على تسليمها في وقتها المحددة ،حيث اصبح المركز في وضعه الحالي مجرد وكالة تجارية توجه المرضى الوافدين عليه الى المصحات الخاصة”. كما أشار التقرير إلى “تجميد او فشل عدة مشاريع _اطلاق مجموعة من المشاريع ، وابرام صفقات لم تصبو الى الاهداف المنشودة، رغم كلفتها المالية المتمثلة فى ملايين الدراهم”. وسجل التقرير أن المركز اصبح يسجل أسوء المؤشرات الصحية ، وفي مجالات حساسة تعتمدها الاممالمتحدة والمنظمة العالمية للصحة، كنسبة الوفيات في قسم المستعجلات الطبية والجراحية ووحدات العناية الفائقة بمستشفى بن سينا. وأورد التقرير بعض ما يقع اليوم في قسم جراحة الدماغ والأعصاب بنفس المستشفى، مشيرا إلى “ارتفاع نسبة التعفنات الداخلية بشكل مخيف ، ونسبة وفيات الامهات والاطفال التي ارتفعت بنسبة 33,33٪ بمستشفى الاطفال التابع للمركز الاستشفائي الجامعي ابن سينا من 145 وفاة سنة 2016 الى 195 سنة 2017، بسبب النقص في الحاضنات الزجاجية ومطالبات الأسر والأمهات بحمل مواليدهم للمصحات الخاصة التي تتطلب 6000 درهم لليوم الواحد”. وهو ما اعتبره التقرير، يتناقض كلية مع ما صرح به وزير الصحة بانخفاض هذه النسبة على المستوى الوطني ونحن في اكبر مستشفى جامعي، متسائلا: فكيف سيكون عليه الأمر في عالمنا القروي الدي تنعدم فيه كل المستلزمات والحاجيات والمتطلبات الضرورية للتغطية الطبية للحوامل ورعاية المواليد الجدد . في ذات السياق وبخصوص وضعية العاملين، قال التقرير إنها “تعاني من ظروف عمل مزرية ومحفوفة بكل المخاطر ومن هزالة الحوافز المادية حتى منحة المردودية الهزيلة أصلا تشهد، بسبب استنزافها في السفريات للخارج والتلاعبات في التنقيط ليستفيد منها المحظوظون، وتكون مناسبة للانتقام ولتصفية الحسابات النقابية والسياسية”. وأكد الشبكة على أن وزير الصحة مطالب بالتدخل العاجل باعتباره مسؤول مؤتمن على صحة المواطنين سياسيا واداريا واخلاقيا ، من اجل الوقوف على هذه الاختلالات وربط المسؤولية بالمحاسبة وفق المقتضيات الدستورية ، بإيفاد لجنة تقصي الحقائق حول عدد من الخروقات والصفقات الموجهة وفقدان أدوية ومستلزمات طبية ومواد المختبرات والأسباب الكامنة وراء الأعطاب المتكررة لأجهزة السكاني وغيرها. ودعا التقرير “المفتشية العامة للمالية والمجلس الأعلى للحسابات للبث في جوانب التسيير والتدبير والتدقيق في ميزانية المركز الاستشفائي الجامعي ابن سينا ، من اجل حماية حقوق المرضى وحقوق الأطر العاملة بهذا المركز الاستشفائي الجامعي وحمايتهم من الاعتداءات المتكررة ومن المتابعات القضائية التي تتحمل فيها إدارة المركز الاستشفائي كامل المسؤولية”، مشيرا إلى “ما وقع مؤخرا لممرضتين بمستشفى الولادة الليمون اللتين كانتا ضحية خطأ مختبري حيث تم تزويدهما بمادة طبية بدل اللقاح وفي علبة عليها اسم اللقاح ، وهي الصرخة المدوية لطبيبة مستعجلات ابن سينا التي فجرت قبل سنة فضيحة الاشتغال بأجهزة طبية قديمة وغير ملائمة تؤدي الى تشخيص خاطئ، وبالتالي الى علاج خاطئ”.